سباق عالمي على قاع وممرات القطب الشمالي بعد ذوبان الجليد

مضيق بيرينغ سيكون مثل جبل طارق والرحلة تختصر 5 آلاف ميل من الطرق الحالية عبر قناتي السويس وبنما

غواصة روسية أثناء إنزالها إلى الأعماق في المحيط المتجمد في القطب الشمالي للقيام بأخذ بعض الصور تحت الجبال الجليدية (أ.ب)
TT

ظل المحيط المتجمد الشمالي ( القطب الشمالي) على مدى غالبية تاريخ البشرية منطقة ثلجية مغلقة، لكنها الآن في ظل أكثر المؤشرات وضوحا على أثر الاحتباس الحراري اثارت اهتمام قوات خفر السواحل الأميركي الذي يعتزم إقامة قاعدة عمليات عليها للتعامل مع السفن والناقلات التي بدأت مسبقا تجوب المياه القطبية. وفي ظل فصول اطول تكون فيها المياه مفتوحة للملاحة بدأت إدارة خفر السواحل ايضا إجراء مناقشات مع روسيا حول السيطرة على حركة السفن عبر مضيق بيرينغ، الذي باتت تعبره بصورة رئيسية الآن سفن البحوث في مجال كسر الثلوج وصائدو حيوانات الفقمة والفيل البحري. ويقول أفراد في قوات خفر السواحل بالقرب من مدينة بارو بآلاسكا، ان قاعدتهم ستكون موسمية وستكون بها في البداية عدة قوارب صغيرة ومروحية لعمليات المياه الباردة.

ولكن في ظل الدفء المتزايد، فإن هذه القاعدة الصغيرة، التي من المحتمل ان تصبح واقعا بنهاية فصل الربيع المقبل، ستتوسع مستقبلا للمساعدة في تسريع الاستجابة لبقع النفط المتسربة من الناقلات التي تعتقد قوات خفر السواحل انها من المحتمل ان تحمل شحنات من اسكندنافيا الى آسيا عبر مضيق بيرينغ. هذا الخط القطبي سيختصر مسافة 5000 ميل او أكثر من رحلة قد تتبع خط سير يمر عبر قناة بنما او السويس. وتشعر ادارة خفر السواحل بقلق إزاء مدى قدرتها على الاستجابة الى النداءات العاجلة من السفن، التي بدأت مسبقا تعمل في فصل الصيف في أجزاء من المحيط المتجمد. وفي نشاط جديد يعكس التغير المناخي تعتزم «رويال داتش شل» إجراء عمليات تنقيب عن النفط قبالة الساحل القطبي لألاسكا اعتبارا من العام المقبل. وقال قائد خفر السواحل، الأدميرال ثاد آلين، انه لا يعرف بعد ما اذا كان من المناسب ان يتحدث حول قضايا علمية تتعلق بالاحتباس الحراري، وأضاف قائلا ان كل ما يعرفونه هو ان هناك بيئة تمسح لهم بالعمل مسؤولون عنها، وأشار ايضا الى انها متغيرة باستمرار. وقال قائد خفر السواحل في ألاسكا، الأدميرال آرثر بروكس، ان توسع مساحة المياه المفتوحة وسط انحسار ثلج البحر يعني ان «أي شيء تفعله الولايات المتحدة ممكن في المحيط المتجمد الشمالي». وقدم مسح جديد لخبراء المحيطات الاميركيين لقاع البحر في شمال ألاسكا، تم استكماله في الشهر الماضي على سفينة خفر السواحل كاسرة الجليد هيلي، ادلة جديدة على ان الولايات المتحدة لديها مصالح حيوية في المنطقة. واشارت الدراسات بأجهزة السونار الى ان الاف من الاميال المربعة من قاع المحيط يمكن ان تصبح تحت سيطرة الولايات المتحدة. وربما يوجد في تلك القيعان مخزون هام من النفط والغاز والمعادن في العقود القادمة.

وعندما انكمش الجليد هذا الصيف تمكنت البعثة من مسح مئات الأميال شمالا من قاع المحيط اكثر من السنوات السابقة، طبقا لما قاله مدير المشروع لاري ماير، وهو خبير محيطات في جامعة «نيوهامبشير.» ووجد الفريق مساحات متدرجة ضخمة تمتد 200 ميل اكثر من التقديرات السابقة.

وبالرغم من الحاجة لمزيد من الأبحاث لتأكيد المطالبة الأميركية بالمنطقة فإن الدول لديها الحق في توسيع نطاق سيطرتها على موارد قاع البحر بعد الرصيف القاري المرتبط بحدودها اذا ما وجدوا مثل هذه الامتدادات المتدرجة. وتضمن هذا الحق قانون الأمم المتحدة لمعاهدة البحر. وتحظى المعاهد بدعم الرئيس بوش الا ان اقرارها يتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ.

وقال مسؤولون في وزارة الخارجية ان على الولايات المتحدة اكثر تدخلا في المنطقة، وتحث دولا اخرى على التعاون لتشجيع التجارة الدولية عبر الشمال الاقصى.

وقال مساعد وزير الخارجية دانيل سوليفان «ان وجود نظام للسفن في القطب الشمالي هو هام وحيوي للتنمية المناسبة لموارد المنطقة، ولا سيما اذا ما وضعنا في الحساب الآن مدى تراجع الثلوج في المنطقة التي شاهدناها في فصل الصيف الماضي». واضاف سوليفان «يمكننا التوصل الى مثل هذا النظام فقط عبر التعاون وليس التنافس، بين دول ا لمنطقة. ان حظر المرور عبر ممرات المياه الدولية، حتى لو كانت مياه اقليمية، ومتطلبات العبور المتعبة، لن تفيد اية دولة في المدى الطويل».

وتجدر الاشارة الى ان التغييرات في القطب الشمالي كانت مميزة، كما يشرحها واحد من الامثلة. فقد اعد خفر السواحل شريط فيديو للاحتفال بذكرى عبور ثلاث سفن للمر الشمالي الغربي في صيف عام 1957 الذي اصبح محاطا بالجليد، واجبر الطاقم على نسف الجليد بالديناميت لتحرير أنفسهم. والآن اصبحت المياه المفتوحة من الأمور العادية في الصيف عبر العديد من سواحل القطب الشمالي.

وتعني الزيادة في نشاط المنطقة المزيد من الحاجة للأبحاث وقدرات الإنقاذ ولحماية البيئة. وفي الواقع ذكر الأدميرال الين ان حركة السفن يمكن ان تحول مضيق بيرنغ الى نقطة ازدحام مثل مضيق جبل طارق.

وينظر خبراء البيئة الى اهتمام خفر السواحل بفزع بخصوص ما يشير اليه في مستقبل بيئة هاشة، ولكن ايضا بنوع من الراحة.

وقالت باميلا ميلر منسقة القطب الجنوبي تفي مركز شمال الاسكا البيئة في فيربانكس «يجب القاء نظرة قوية كدولة على ما يجب القيام به لحماية البيئة التي تواجه مثل هذا التغيير الهائل».

وقال ميد تريدويل وهو رجل اعمال في انكوراج الذي يرأس هيئة مركز ابحاث القطب الشمالي الذي أسسه الكونغرس ان خطة خفر السواحل الجديدة عادلة.

وأضاف «لقد حان الوقت الى استمتاع ساحلنا في الشمال بنفس الحماية التي يحظى بها العديد من سكان الولايات الساحلية من خفر السواحل. وربما تزداد درجة دفء القطب الشمالي ولكن لا توجد ادلة على الظروف في البحر اصبحت اكثر سلامة».

*خدمة «نيويورك تايمز»

* شارك في إعداد هذا التقرير ماثيو وولد من واشنطن وأندرو رفكين من نيويورك