مرجعيات دينية إسلامية تحذر من الوقوع في «مؤامرة» الفراغ الرئاسي في لبنان

«حزب الله» يرى في الحديث عن قواعد أميركية تفسيرا للتمسك بالحكومة

TT

أبدت مرجعيات دينية إسلامية لبنانية الحرص على انجاز الاستحقاق الرئاسي في مهله الدستورية، محذرة من «الوقوع في فخ مؤامرة الفراغ الرئاسي»، فيما اثارت معلومات نشرتها بعض الصحف المحلية اول من امس عن توجه لإقامة قواعد عسكرية أميركية في لبنان المزيد من ردود الفعل التي راوحت بين التأكيد ان هذا الأمر «غير مطروح» والتحذير من ان هذه القواعد ستكون «عرضة للتدمير لان الهدف منها توفير الحماية لاسرائيل».

بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، دعا مفتي الجمهورية، الشيخ محمد رشيد قباني، النواب الى المشاركة في الجلسة المزمع عقدها في 23 اكتوبر (تشرين الأول) الحالي في المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية «وعدم التخلف عن الحضور لان مصير لبنان وسلامته في ايديهم». وحذر من «اي محاولة لتعطيل الاستحقاق الرئاسي بتعطيل نصاب جلسة الانتخاب» ومن «الوقوع او الايقاع في فخ مؤامرة الفراغ الرئاسي الذي سيكون تحريضا على الفوضى والانقسام بين اللبنانيين». واكد: «ان تحصين الوحدة اللبنانية هو بانتخاب رئيس للجمهورية لتجنيب لبنان الفتن الطائفية والمذهبية التي تفيد ويستفيد منها العدو الصهيوني».

واعتبر المفتي الجهود والمساعي التي تقوم بها الدول العربية والصديقة بـ«البناءة»، معتبرا انها «تعطي الامل بعدم الوقوع في الفراغ الدستوري الرئاسي». وناشد الدول العربية، قائلا: «لبنان أمانة في أعناقكم، استمروا في مساعدته قبل تداعيات الفتنة والفوضى التي ستنعكس على المنطقة بالأسوأ».

أما نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، فرأى ان على المسيحيين تفويض البطريرك نصر الله صفير اختيار الرجل المناسب لرئاسة الجمهورية والقبول به. وقال قبلان، في خطبة الجمعة أمس: «نحن ندعم مبادرة الرئيس (نبيه) بري ومساعي البطريرك (نصر الله) صفير. ولا نريد ان يكون رئيس الجمهورية مسلما انما مسيحيا مارونيا وطنيا. نطالب بالاتفاق على وطنية الرئيس ومواصفاته وأخلاقه. فلماذا الهروب الى الأمام؟ نريد رئيسا توافقيا فتنجح مبادرة الرئيس بري والبطريرك صفير. وليفوض المسيحيون البطريرك صفير لاختيار الرجل المناسب فعندها يقبل الجميع بما يراه البطريرك صفير وتنتهي المشكلة«.

وأضاف: «نريد احترام الدستور وانتخاب الرئيس بنصاب الثلثين والبطريرك كذلك، فلماذا الإصرار على الانتخاب بالنصف زائد واحدا؟ لذلك أطالب الموارنة بتفويض البطريرك صفير. ونطالب النواب بتفويض الرئيس نبيه بري لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من خلال التوافق. «.

وعن قضية القواعد الأميركية، قال قبلان: «إن أي قاعدة أميركية في لبنان ستكون عرضة للتدمير... ولا نقبل بوجود قواعد أميركية ضد أي طرف في لبنان. ونحن نذكر الأميركيين بحاملة الطائرات نيوجيرسي». واكد: «سنكون داعمين لحزب الله في كل صغيرة وكبيرة. وما دام هذا الحزب في خط الاعتدال والحكمة فلماذا الاعتداء عليه ومحاربته؟ هم يريدون بهذه القواعد توفير حماية لاسرائيل التي لن تبقى في بلادنا فهي محتلة... نحذر من انشاء قواعد عسكرية في اي مكان في لبنان فلا يوجد اي مبرر لانشاء قواعد في بلادنا».

وكان الاستحقاق الرئاسي حاضرا في خطب الجمعة لمفتي المناطق اللبنانية. وفي هذا الاطار، قال مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس: «ان انجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني وفق الدستور وفي الموعد المحدد وبالطرق الديمقراطية التي توافق عليها اللبنانيون، هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التي تعطل البلاد وتشل حياة الناس وتسعّر الخلاف المذهبي والطائفي في البلد وتهدد بانفجار مدمر لن يكون احد بمنأى عن شظاياه وشرره الحارق». وحذر من استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه معتبرا انه آن للجميع العودة الى ضمائرهم وتغليب مصالح الناس واحقاق الحق على التعنت وركوب الرأس والتحدي والتهديد والاستفزاز».

واستغرب مفتي صور ومنطقتها الشيخ محمد دالي بلطة «اصرار البعض على اعادة النظر بصلاحيات رئاسة الجمهورية...خصوصا بعدما توافق اللبنانيون جميعا في الطائف على اقرار وثيقة الوفاق الوطني. وهي الوثيقة التي فيها الكثير من القضايا والبنود غير المقبولة للعديد من الأطراف. وهي أفضل الممكن لبلد مثل لبنان». ورأى المرشح الرئاسي لقوى «14 آذار» النائب بطرس حرب ان «الاتفاق على رئيس ضعيف يعيد البلاد الى الوراء«. ومن جهة أخرى، اكد ان ما ورد في احدى الصحف عن تحويل لبنان الى قاعدة عسكرية حليفة لأميركا «هو امر غير مطروح لا لبنانيا ولا اميركيا. ان لبنان يطلب مساعدات من الدول الصديقة لا سيما الولايات المتحدة الأميركية في ما يتعلق بتطوير قدرات الجيش اللبناني. ولكن اي مساعدة قد تأتي الى لبنان، ان كانت من دولة صديقة او شقيقة، اذا اقترنت بشرط او التزام سياسي فهو امر غير مقبول».

من جهته، اصدر «حزب الله» بيانا جاء فيه: «تمثل مساعي الولايات المتحدة الأميركية لاقامة قاعدة عسكرية لها في لبنان جزءاً من خطة شاملة لربط لبنان بالمشروع الأميركي في المنطقة بصفته احد نوافذ الشرق الأوسط الجديد تحت شعارات خادعة كالشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وما الزيارات والاهتمام غير المسبوق والمواقف والتصريحات المتتالية لعدد من كبار المسؤولين الاميركيين بدءاً من الرئيس جورج بوش نفسه الا دليلاً على النوايا المعروفة في هذا المجال».

وأضاف: «ان ما كشف عنه الآن وسابقاً لجهة التدخل الأميركي الفظ في لبنان في شتى المجالات، يفسر اسباب تمسك قوى الوصاية الدولية بالحكومة الحالية رغم سقوط شرعيتها الدستورية والشعبية وتعطيل اي حل للأزمة السياسية الداخلية بالعديد من الوسائل. ولهذا فان هذا المشروع وما فيه من أخطار يمكن ان يحول البلد الى عراق آخر بالتواطؤ مع الاميركيين تتحمل مسؤوليته الحكومة اللبنانية وقوى 14 شباط مجتمعة. وان تصريحات النفي والتجهيل الإعلامي ليست كافية بحسب التجربة حتى يصدق اللبنانيون ان حكومتهم لا تدفع بهم الى هذا المصير».

وبالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، قالت كتلة نواب «حزب الله» في بيان اصدرته امس انه «في الوقت الذي تعلن فيه المعارضة ترحيبها بكل مسعى توافقي، وتقدم التنازلات من اجل انجاح المبادرات الانقاذية بالبدائل التي ستعتمدها في حال تعذر التوافق، لا سمح الله، حتى تقطع الطريق على مؤامرة فرض الوصاية الصهيو ـ اميركية على لبنان، يصر بعض رموز الميليشيات في فريق السلطة على مكابرتهم والاستغاثة بالاميركيين من اجل تغطية انقلابهم على الدستور والميثاق الوطني وتمرير الاستحقاق الرئاسي بنصاب غير دستوري...ان كتلة الوفاء للمقاومة، اذ تنظر بريبة الى كل ممارسات فريق السلطة الانقلابي، تؤكد دعمها وتأييدها لمبادرة دولة الرئيس بري ولمسعى البطريركية المارونية من اجل التوافق على رئيس الجمهورية المقبل. وترى فيهما فرصة جدية للإنقاذ الوطني». وأدلى النائب محمد الأمين عيتاني (تيار المستقبل) ببيان جاء فيه: «في اطار الحملة التي تستهدف زيارة رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد رفيق الحريري الى واشنطن ونيويورك وباريس، والتي ساهمت في تسريع اجراءات قيام المحكمة ذات الطابع الدولي... وفي اطار التجني على دور الحكومة السياسي وتخوين رئيسها فؤاد السنيورة في وقت يجري العمل فيه على تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وتعطيل المؤسسات الدستورية، اثارت انباء صحافية عاصفة من الغبار حول امكان اقامة قواعد عسكرية اميركية في اكثر من منطقة لبنانية. ان هذا الخبر الملفق يهدف الى تشويه صورة تيار المستقبل وممثله في الحكومة والنيل من شهادة شهيد العصر، الرئيس رفيق الحريري، ودفع جماهير تيار المستقبل الوطنية والعروبية الى التراجع عن المطالبة باقامة المحكمة. اننا في كتلة المستقبل النيابية نرفض ان يكون لبنان مقراً للاستعمار أو ممراً، أيا يكن هذا الاستعمار. فمن يسقط له شهداء في معركة السيادة والاستقلال لا يستقدم قواعد اجنبية».