الجماعة الإسلامية المصرية: الحكومة السودانية لديها أعذار في عدم تطبيق الشريعة الإسلامية

اعتبرت البشير ممنوعا لا ممتنعا عن تطبيقها

عامل ينقل كيسا من الغذاء إلى داخل شاحنة تابعة لمنظمة «برنامج الغذاء العالمي» في الفاشر العاصمة الإدارية لشمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

اعتبرت الجماعة الإسلامية في مصر أن «جبهة الإنقاذ»، الحاكمة في السودان، لديها أعذار لعدم تطبيقها الشريعة الإسلامية في جنوب السودان (ذي الأغلبية غير المسلمة) واحتمالات إلغائها كذلك في الشمال السوداني (ذي الأغلبية المسلمة)، قائلة في دراسة أعدها عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية عصام دربالة، إن نظام الحكم في السودان يتعرض لضغوط خارجية وداخلية، ولا يجوز، وفقا لتلك الضغوط، الجهاد ضد نظام الحكم بالسودان (منذ عام 1989)، معتبراً الرئيس السوداني عمر حسن البشير من «الطائفة الممنوعة (لا الممتنعة)» عن تطبيق الشريعة الإسلامية.

وأضاف دربالة الذي سبق لجماعته اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، لعدم تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، وعقده اتفاق سلام مع إسرائيل، أن الرئيس السوداني لا يعد من الطائفة الممتنعة، ولكنه «من الطائفة الممنوعة» عن تطبيق الشريعة الإسلامية، بسبب ضغوط خارجية وداخلية، قائلاً إنه «ولا شك في أن مثل هذه الضغوط تجعل حكومة الإنقاذ بين خيارات أحلاها مر، فإن استجابت لها وألغت الشريعة الإسلامية، فقدت مصداقيتها أمام أنصارها وصدقها مع ربها، وإن أصرت على تعميم تطبيق الشريعة الإسلامية على كل السودان تزايدت هذه الضغوط بصورة تهدد بقاء النظام نفسه، وقد تطيح بتطبيق الشريعة في الجنوب والشمال معاً. وقالت الدراسة إنه لم يبق أمام النظام السوداني سوى أن يسير في هذا المسار بالفصل بين تطبيق الشريعة في جنوب السودان وشماله، وقالت إذا انتهينا إلى أن هذه الضغوط تضطر النظام السوداني إلى عدم تطبيق الشريعة، فهذا يعني أن لديه عذرا شرعيا معتبرا، يمنع القول بوجوب جهاده انطلاقاً من امتناعه عن تطبيق الشريعة في بعض أراضي السودان.

وأضافت: يجب أن نؤكد أن هذه الضغوط تمثل عذرا معتبرا عندما تكون ضغوطاً حقيقية لا وهمية، وعندما لا تكون هناك قدرة على دفعها كما هو الحال في النموذج السوداني، و..«هكذا يتضح لنا عبر هذا النموذج الأثر الكبير الذي تحدثه المستجدات والمتغيرات الواقعية على القول بحتمية الجهاد في واقع معين، والتي قد تجعل القول الأليق هو حتمية عدم الجهاد في ظل استمرار هذه الأوضاع الجديدة».

وقالت الدراسة إن هناك أهدافا أميركية في السودان أولها أهداف دينية تتمثل في دعم رؤية الاتجاهات اليمينية والأصولية المسيحية المتنفذة في إدارة جورج بوش، وكذلك الاستجابة إلي دعوات الكنائس للتدخل بالسودان لوضع حد لمزاعم الاضطهاد الديني الذي يعانيه سكان الجنوب وبما يفتح الباب أمام الحملات التبشيرية وإسقاط النظام الإسلامي بالسودان. وحسب الدراسة فإن الأهداف الثانية هي أهداف اقتصادية، تتمثل في السيطرة على الاكتشافات البترولية الجديدة بالجنوب السوداني، ومحاولة إبعاد الشركات الصينية والهندية والماليزية عن منافستها، مشيرة إلى وجود أهداف انتخابية أخرى تظهر في استجابة إدارة بوش لضغوط اليمين الأصولي المسيحي والملونين (الأميركان من أصول سوداء) لإسقاط نظام الإنقاذ بالسودان.

وأوضحت الدراسة أن هناك محاولات للعمل على تفتيت السودان وإطاحة نظام الانقاذ الإسلامي يحقق مصالح إسرائيل الحليف الاستراتيجي لأميركا بالمنطقة، وكذلك محاولات إطاحة نظام إسلامي على خلفية تطبيقه للشريعة الإسلامية وعدم استجابته للمصالح الأميركية بشكل كامل، فضلا عن أنه ظل (النظام السوداني) يمثل هاجساً أمنياً مقلقاً على خلفية العلاقات التي كانت قائمة بين نظام الانقاذ وبعض الجماعات الجهادية. وأشارت الدراسة إلى أنه رغم أن النظام السوداني لن يطبق الشريعة في الجنوب، لكن المستجدات التي حدثت وحملت هذه الضغوط تلغي أثر هذا السبب مما يستوجب عدم نفاذ «حكم جهاد الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام» ضد نظام الإنقاذ بالسودان، لأن هذه الضغوط تعد مانعاً يمنع من نفاذ هذا الجهاد.. «لأن هذه الضغوط توضح أن حكومة الإنقاذ ممنوعة من تدعيم تطبيق الشريعة على كل الأراضي السودانية وليست ـ في الحقيقة ـ ممتنعة عن ذلك».