أزمة الحكم في السودان: سلفاكير يشترط حل نزاع أبيي قبل عودة وزراء الحركة

خلافات داخل الحركة الشعبية حول قبول التعديل الوزاري

TT

كشفت مصادر سودانية مطلعة ان الفريق سلفاكير ميادريت النائب الاول للرئيس السوداني ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، ابلغ الرئيس السوداني عمر البشير في اللقاء الذي جرى بينهما في القصر الرئاسي، ان حركته لن تعاود نشاطها في الحكومة المركزية ما لم يحل النزاع حول منطقة ابيي الغنية بالنفط، وفقا للبروتوكول الموقع بينهما حول المنطقة، في اطار اتفاق السلام السوداني، الذي انهى الحرب في الجنوب.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الاوسط»، ان البشير وسلفاكير سيواصلان اليوم اجتماعاتهما في القصر الرئاسي، في محاولة منهما للتوصل الى نقاط مشتركة حول العمل معا في حكومة الوحدة الوطنية وايجاد الحلول للقضايا العالقة في اتفاق السلام. وكان البشير وسلفاكير قد فشلا في تضييق حدة الخلافات بينهما بشأن تنفيذ اتفاق السلام، بصورة تعيد وزراء الحركة الشعبية الى مزاولة نشاطهم المعلق، منذ الاسبوع الماضي، بسبب ما تسميه الحركة تلكؤ حزب المؤتمر الوطني في تنفيذ بعض بنود اتفاق السلام.

وكشفت مصادر في الحركة الشعبية لـ«الشرق الاوسط»، ان رئيس الحركة واصل اجتماعاته مع قيادات حركته لاكثر من 24 ساعة متصلة، في محاولة منه لتجاوز خلافات تفجرت داخل الحركة بين من يرون ضرورة عودة وزراء الحركة الى العمل، بعد اداء القسم في اي وقت يحدده القصر الرئاسي، وبين من يرون ان التعديل الوزاري اعلن بطريقة غير تلك التي اعتمدت من قبل الحركة، وان التعديل في حد ذاته مجرد خطوة من خطوات اخرى يجب ان يتبعها حزب المؤتمر الوطني ليعود وزراء الحركة من بعد الى مزاولة اعمالهم في الحكومة، وقالت ان الاجتماعات خلصت الى ان تبقى الحركة على موقفها الرافض للعمل في الحكومة المركزية، لحين تنفيذ مذكرتها المرفوعة الاربعاء الماضي للرئيس البشير، حول ضرورة تنفيذ قضايا عالقة في اتفاق السلام. وكشفت المصادر المطلعة ان اجتماعا عقده سلفاكير بالمسؤولين بالحركة بمكتبه بالقصر الجمهوري حضره كل من د. لام أكول وزير رئاسة مجلس الوزراء، تيلار دينق وزير الدولة بالعدل، أليو أجانق وزير الدولة بالزراعة ود. كوستا مانيبي وزير الاستثمار، د. بيتر نيوت كوك ووليم أجال مستشاري رئيس الجمهورية، فيما امتنع الآخرون عن الحضور، وبالتزامن رصد حصول اجتماع لقيادات اخرى في الحركة اجتماعا في منزل الدكتور منصور خالد الذي تم تعيينه وزيراً للتجارة الخارجية.

وقالت المصادر ان اجتماع سلفاكير مع قياداته في القصر شهد مناقشات حادة بين قيادات الحركة حول كيفية التعامل مع تطورات الازمة مع حزب المؤتمر الوطني، ورصدت المصادر خروج الدكتور لام اكول وزير الخارجية السابق، الذي انتقل بموجب التعديل المثير للخلافات بين الحركة وشريكها من جهة، وبين قيادات الحركة الشعبية من الجهة الاخرى من الاجتماع، من القصر الرئاسي ولحق به وزير النقل الجديد محاولا اقناعه بالعودة من دون نتيجة، غير انه عاد مرة اخرى بصحبة د. غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية، ونقل مركز اخباري مقرب من حزب المؤتمر الوطني عن مصادر مطلعة بالحركة، لم يسمها، قوله ان بعض وزراء الحركة رفضوا اداء القسم وخالفوا بذلك مقررات الاجتماع الرسمي وتوجهات النائب الاول.

وقال وزير رئاسة حكومة الجنوب الدكتور لوكا بيونق، ان رئيس الحركة آثر ضرورة تأجيل اداء القسم الى حين احداث تقدم في القضايا المطروحة امام المؤتمر الوطني، وركز في محادثاته خلال الاجتماع الرئاسي على اجندة محددة من واقع قرارات المكتب السياسي للحركة المتصلة بقضايا انفاذ اتفاقية السلام وحقوق الانسان وسيادة حكم القانون، كذلك حملات التفتيش التي طالت دور الحركة بالخرطوم، ثم موضوع التعديل الوزاري ومشاركة الحركة في حكومة الوحدة الوطنية.

وكشف بيونق ان الاجتماع استهل مناقشاته بموضوع التعديل الوزاري واداء القسم، حيث تصدى سلفاكير للموضوع واعتبره غير مجد في الوقت الراهن لانه لا يُعد من القضايا الاساسية كقضايا الحدود، انتشار القوات، التعداد السكاني والمعتقلين من دون احكام.

وقال بيونق ان الاجتماع الرئاسي شرع بالفعل في بحث قضايا تعطيل الشراكة والتطرق للقضايا المعلقة، حيث بدأ في هذا الاطار بقضية ابيي في محاولات جديدة من المؤسسة الرئاسية عسى ان تجد تفاهمات حولها. واشار بيونق الى ان الرئيس ونائبه سيواصلان اجتماعهما في اليومين القادمين.

وقال ان سلفاكير رهن خلال اجتماعه بالبشير أداء قسم الوزراء بحل قضية أبيي، واكد مصدر مطلع ان اجتماع البشير بسلفا تطرق لعدم اعلان ياسر عرمان ضمن المستشارين، واشار الى ان البشير اكد لسلفاكير ان المستشارين لرئيس الجمهورية وليس رئاسة الجمهورية ومن حق الرئيس تعيينهم. واوضح المصدر ان سلفاكير بدل موقفه بشأن اداء القسم خلال اجتماعه مع الرئيس 3 مرات، ورهن تلك الخطوة بقضية أبيي. واصدر رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت قرارات قضت بتعديلات وزارية في حكومة الاقليم وبعض حكومات الولايات الجنوبية. وانتقل بموجب تلك القرارات كل من وزير الاعلام سامسون كواجى ليصبح وزيرا للزراعة، خلفا للدكتور مارتن ايليا (المنبر الديمقراطى لجنوب السودان)، الذي انتقل وزيرا للشؤون البرلمانية، ووزير الشباب والرياضة جون لوك الى وزارة الصناعة والتعدين، وقبريال سانقسون من وزارة الشؤون البرلمانية الى الاعلام، ومستشارة رئيس حكومة الجنوب للتنمية الزراعية، اقنس لوكودو (المؤتمر الوطني) وزيرة للبيئة والحياة البرية، فيما خلفتها في موقعها الاستشاري وزيرة الدولة للزراعة الاتحادية السابقة، ونائب الامين العام للحركة الشعبية لقطاع الجنوب، الدكتورة ان ايتو، واعفي بموجب تلك القرارات كل من وزير التربية والتعليم مايكل ليني، الذي قدم استقالته من المؤتمر الوطني قبل ايام واعلن انضمامه للحركة الشعبية، ونائب رئيس برلمان الجنوب غوردون ميين (المؤتمر الوطني)، واشتملت القرارات على تعديلات وزارية واسعة بحكومات ولايات شمال وغرب بحر الغزال ، واراب، البحيرات، شرق وغرب الاستوائية، وقال مسؤولون في الحركة الشعبية ان التعديلات الوزارية جاءت على خلفية انتقال اعداد كبيرة من المسؤولين المنتمين للمؤتمر الوطني الى الحركة الشعبية. في غضون ذلك، اتهم نائب رئيس قطاع الجنوب بحزب المؤتمر الوطني علي تميم فرتاك، الحركة الشعبية باستباحة مقار رئاسات المؤتمر الوطنى بولايتي شمال وغرب بحر الغزال، موضحاً ان قوات الجيش الشعبي حولت هذه المقار الى مكان للعب الميسر، بعد ان بعثرت كل محتوياتها. وقال فرتاك، في تصريحات صحافية ان اعتداءات سلطات واجهزة الحركة الشعبية وتجاوزاتها امتدت لتشمل اعتقال قاضي محكمة راجا بتوجيه مباشر من محافظها يوسف حسن، وذلك للحيلولة دون النظر والبت في قضية مرفوعة من احد التجار الشماليين ضد المحافظ بدعوى تصرفه في قطعة ارض مخصصة اصلا للتجار بالمدينة.