دبي أول دولة عربية تطبق معايير المباني الخضراء اعتبارا من 2008

القرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: القرار لن يحد من إقبال المستثمرين

دبي مدينة بين التراث والحداثة
TT

اعتبارا من يناير من العام المقبل، سيتعين على المستثمرين والسكان في دبي، أن يلتزموا في مشاريعهم المعمارية، معايير صارمة في البناء حيث ستكون دبي أول مدينة شرق أوسطية تطبق رسميا معايير المدن الخضراء على مبانيها السكنية والتجارية.

وأصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي أمس قرارا بتطبيق معايير «المباني الخضراء» على كافة الأبنية والمنشآت في إمارة دبي اعتبارا من مطلع 2008.

ووفقا للقرار، يتعين على أصحاب وملاك المباني السكنية والتجارية وشتى المنشآت الالتزام بتطبيق هذا القرار وفق أفضل المعايير العالمية الصديقة للبيئة والتي تتواءم والواقع المحلي لإمارة دبي «من أجل أن تبقى مدينة صحية تتبع أعلى معايير التنمية المستدامة وذات بيئة نظيفة خالية من الملوثات». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن مدى تأثير مثل هذا القرار على استقطاب الاستثمارات من خارج الإمارة في القطاع العقاري، قال محمد عبد الله القرقاوي رئيس المكتب التنفيذي في دبي، إن تطبيق معايير المباني الخضراء لن يحد إطلاقا من تدفق المستثمرين إلى دبي «بل العكس هو ما نتوقعه، فهذه المعايير بالرغم من حداثتها على مستوى المنطقة، إلا أنها في الوقت ذاته مطبقة عالميا، بل أننا نتوقع أن يكون تطبيق القرار مساعدا على سهولة إقامة المشاريع في الفترة المقبلة باعتبار أن الشركات العالمية هي أساسا تطبق هذه المعايير».

ويهدف مشروع المباني الخضراء الذي ستطبقه دبي إلى توفير استهلاك الطاقة الكهربائية بشكل عام والطاقة المستخدمة للتبريد والإضاءة وتسخين المياه بشكل خاص، إضافة إلى ترشيد استهلاك المياه مما يقلل من انبعاث الكربونات ويحسن من جودة البيئة الداخلية والهواء في المنزل وبالتالي تحسين صحة المجتمع وزيادة العمر الافتراضي للمباني والحفاظ على النظام البيئي، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى رفع الإنتاجية ودعم الاقتصاد في مختلف القطاعات.

ويؤكد القرقاوي أن القرار يعزز مساعي دبي الحثيثة في اتجاه الإسهام في الجهود العالمية للتصدي للتحديات البيئية، ضاربا مثالا بمبادرة «التحكم في التغيرات المناخية» Climate Change Initiative و«الاحتباس الحراري العالمي» Global Warming، «لتكون بذلك إمارة دبي الأولى في منطقة الشرق الأوسط ومن أوائل المدن العالمية التي تتبنى وتطبق هذا النهج، مؤكدة في الوقت ذاته التزامها بدعم القضايا العالمية ذات الآثار المباشرة على مستقبل الإنسانية». وتسعى دبي من خلال هذا التحول نحو المباني الخضراء إلى تعزيز جودة الحياة العامة والمساهمة في الحفاظ على سلامة البيئة من مخاطر التلوث وظواهر الاحتباس الحراري، وفي الطريق للتحول إلى مدينة خضراء خلال العقد المقبل.

وبالرغم من صعوبة البناء بالمعايير الجديدة، إلا أن مصادر ذكرت أن حكومة دبي شرعت في إصدار آلية البناء وفق معايير دقيقة تساهم في إقامة المشاريع المعمارية دون أن تتأثر بهذا القرار.

وتبدأ المعايير المرتقبة بأنظمة التخلص من النفايات أو تخفيضها، إلى عمر المبنى وجودة المواد إلى نوع الزجاج العازل ومواد العزل، وكذلك التأكد من آكام مجاري الهواء والتوصيلات، وتقديم منتجات إضاءة لا تبعث على رفع الحرارة مثل «السبوت لايت» للحصول على جو داخلي مريح وبأقل التكاليف للطاقة. وترتكز فكرة المدن أو المباني الخضراء على محاولة الاستفادة من الطاقة البديلة والتي لا تبعث غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، وبذلك فإنها تحاول التوفير في الطاقة بمحاولة التخفيف من الاستهلاك عن طريق مواصفات قياسية لبعض مواد البناء، مثل الأسطح العازلة لحرارة الشمس أو برودة الجو حسب موقع كل دولة من خط الاستواء أو القطبين.

ويقول تقرير هيئة كهرباء ومياه دبي 2006 إن الأمارة تملك أعلى معدل في العالم لاستهلاك المياه داخل المباني، إذ تبين أن دبي تستهلك 515 لترا لكل شخص في اليوم، مقارنة بمعدل استهلاك الفرد في الولايات المتحدة 360 لترا في اليوم، وهي من أعلى النسب مقارنة بدول أخرى مثل كندا ودول أوروبا واليابان.

ويقول خبراء إن استهلاك الطاقة للفرد في دبي، هي من بين أعلى المعدلات في العالم، وهي أعلى بكثير من سنغافورة أو هونغ كونغ. ولكون الإمارات أحد أسرع اقتصاديات العالم نموا في العالم فإن الطلب على الطاقة سوف يتضاعف على الأرجح بحلول عام 2015. وفي الأسبوع الماضي، أعترف وزير البيئة الإماراتي، الدكتور محمد سعيد الكندي، أن النهضة الشاملة التي شملت بلاده في السنوات الأخيرة  «أثرت على مختلف أوجه الحياة فيها وشكلت ضغوطا على الموارد الطبيعية، خاصة موارد المياه والطاقة»، وهو ما يقلق السلطات الإماراتية من تأثيرات الطفرة الاقتصادية على موارد البلاد، وتأثيراتها السلبية على البيئة العامة للدولة.