رئيس المفوضية: أوروبا جاذبة للهجرة لكنها لا تحسن جذب المؤهلين

المفوضية الأوروبية تعرض خطة «البطاقة الزرقاء» لاستقدام العمال الأجانب

TT

وافقت المفوضية الأوروبية على مقترحين حول ما يعرف بخطة «البطاقة الزرقاء» التي تمنح للمهاجرين المؤهلين من العمال، والآخر يتعلق بكيفية دخول العمال إلى سوق العمل داخل دول الاتحاد الأوروبي والحقوق التي تتوافر لهم بعد دخولهم الأراضي الأوروبية.

وكان رئيس المفوضية خوسيه مانويل باروسو والمفوض الأوروبي المكلف شؤون الأمن والعدل والحرية فرانكو فراتيني، أعربا في بيان عن أملهما في أن تتمكن دول الاتحاد الأوروبي من بدء العمل بنظام البطاقة الزرقاء الخاصة بالعمال المؤهلين المهاجرين قبل حلول عام 2009.

وقال رئيس المفوضية «إن القمة الأخيرة في لشبونة شهدت الاتفاق على أن نضع النقاشات حول المؤسسات جانبا ونركز حاليا على أهداف رئيسية للاتحاد الأوروبي والاهتمام بمصالح المجتمعات والمواطنين الأوروبيين في ظل العولمة، والتي تعتبر الهجرة أحد ابرز معالمها». وأضاف أن الاقتراحين «سوف يساعدان أوروبا على جذب العمالة المهاجرة المؤهلة»، وهي التي تفضل الهجرة عادة إلى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا». وذكر باروسو «هذا لا يعني أننا فتحنا الباب مباشرة أمام المؤهلين للقدوم، ولكننا نعمل على توحيد الإجراءات الإدارية التي تحكم دخول وإقامة وعمل اليد العاملة المهاجرة المؤهلة، وذلك في سعينا لتفادي النقص الحاصل في أسواق العمل الأوروبية، لأن التطور الديموغرافي الأوروبي يسير بعكس المصالح الاقتصادية الأوروبية وهذا ليس سراً». وركز باروسو على أن اقتراحات المفوضية تؤمن للدول الأعضاء «هامشاً» من الحرية في تقدير ما تحتاجه من العمالة المؤهلة، ولمح إلى أن قارة أوروبا جاذبة للمهاجرين ولكن لا تقوم بالعمل المطلوب لجذب العمال الماهرين.

أما المفوض فراتيني فقد تحدث من جهته عن بعض تفاصيل البطاقة الزرقاء الأوروبية. وقال إن «هذه البطاقة سوف تسمح للعامل المؤهل الأجنبي بالدخول إلى أراضي الاتحاد، والعمل لمدة سنتين على الأقل يستطيع بعدها العودة إلى بلده، ثم العودة إلى أوروبا، لو توفرت له فرصة عمل أخرى، بدون أي عائق» حسب تعبيره.

وأضاف المفوض الأوروبي «ما يميز البطاقة الزرقاء الأوروبية عن البطاقة الخضراء الأميركية، هو أنها تسمح للعامل المؤهل أن ينتقل للعمل في أية دولة عضو في الاتحاد الأوروبي من دون مواجهة أي عوائق إدارية».

وحرص فراتيني على التركيز على مفهوم التفضيل. وقال إنه «للدول الأوروبية حرية طلب ما تراه مناسباً من اليد العاملة وأصحاب المؤهلات من الدول المجاورة، ولكن هنا عليها أن تلجأ أولاً إلى طلب الكفاءات التي تريدها من الدول الحديثة العضوية في الاتحاد قبل التوجه للخارج» وفق تعبيره أما عن الاقتراح الثاني للمفوضية، فهو يتعلق بحقوق العمل والضمانات الصحية والاجتماعية وحق العامل المهاجر باتباع دورات تأهيل وتعلم اللغات وتسهيل عمليات التجمع العائلي. وحول الملف الأخير، أكد فراتيني أن الإطار المقترح يهدف إلى «تسهيل العملية ضمن إطار القوانين النافذة والحرية المعطاة لكل دولة في اتخاذ الإجراءات المناسبة». وقال «ما نعمل من أجله فعلا هو توحيد الإجراءات في كافة الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد من أجل ضمان حق المهاجر المؤهل الذي يعمل بشكل شرعي على أراضينا وتسهيل تنقلاته وإجراءاته الإدارية، بما في ذلك حقه في جلب أفراد عائلته» وعن تعريف العامل المؤهل، أكد فراتيني أن اقتراح المفوضية يتضمن عدة ملحقات تعطي تعريفات وتفاصيل واضحة عن من نعتبرهم «عمالة مؤهلة نحتاج لها لتطوير اقتصادنا». وأمل المفوض أن تعمد الدول الأعضاء إلى قبول الاقتراحات خلال اجتماعات القمة الأوروبية المقبلة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) 2007، وختم «نأمل أن نرى البطاقة الزرقاء واقعاً معيشاً قبل عام 2009، موعد الانتخابات الأوروبية المقبلة».

وحاولت المفوضية من خلال ما أعلنت عنه من تفاصيل حول خطط البطاقة الزرقاء طمأنة عدد من الدول الأوروبية التي أبدت مخاوفها من هذا الأمر، ومنها النمسا التي أعلنت رسميا قبل أسبوع رفضها لمشروع المفوضية الأوروبية بإرساء ما يعرف بنظام البطاقة الزرقاء.

وتقول المفوضية إنها تريد مساعدة الدول الأعضاء على الحصول على اليد العاملة المتخصصة، ووقف الهجرة غير المنظمة، واحتواء تداعيات ارتفاع أعداد المسنين الأوروبيين.

وقال المستشار النمساوي الفريد غوزنباور، إن بلاده ليست بحاجة إلى مثل هذه البطاقة، وان النمسا ترفض أن تضع سوق العمل داخله تحت إدارة القوانين الاتحادية الأوروبية.

وكان البرلمان الأوروبي، وهو المؤسسة التشريعية الأعلى في المجموعة الأوروبية الموحدة، قد رحب بمقترح للمفوضية «الجهاز التنفيذي» يتضمن طرح بطاقة زرقاء للمهاجرين الأجانب، الذين تحتاج إليهم أسواق العمل في أوروبا، ولكن البرلمان اشترط عدة أمور من أجل إقرار الموافقة النهائية على طرح البطاقة الزرقاء وذلك خلال مناقشات جرت نهاية الشهر الماضي لملف الهجرة بشقيه المشروع وغير المشروع. وشهدت المناقشات مداخلات عدد من النواب أشاروا إلى عدة نقاط لا بد أن تضعها المؤسسات الأوروبية في الاعتبار، عند طرح أي استراتيجية للتعامل مع ملف الهجرة سواء المشروعة أو غير المشروعة.

وأبدى غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي، دعمهم لمقترح المفوض الأوروبي المكلف شؤون الأمن والعدل والحرية فرانكو فراتيني، منح بطاقة زرقاء للعمال المهاجرين من أصحاب التأهيل المهني والعلمي العالي، وهي البطاقة التي تخولهم الإقامة والعمل بشكل قانوني يضمن لهم الحقوق الاجتماعية والطبية. وأشار البرلمانيون إلى إن «منح البطاقة الزرقاء أمر مقبول مبدئياً، ولكنه يجب أن يكون الخطوة الأولى على طريق مجموعة الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل محاربة الهجرة غير المشروعة، وفي نفس الوقت تشجيع المشروعة». وقد أشار النواب كذلك إلى أنه لا بد من العمل مع الدول المصدرة للمهاجرين ومساعدتها لإقامة سياسة تنموية صلبة تساعد في الحد من موجات المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي.

وشجع البرلمانيون مؤسسات الاتحاد الأوروبي على العمل من أجل وضع استراتيجية تكافح مسألة الاتجار بالبشر وتشجع الهجرة المشروعة «التي تقوم على معايير تحترم حقوق الإنسان الأساسية».

وفي الوقت نفسه كان للأحزاب اليسارية موقف مغاير، فقد شهدت مناقشات أعضاء البرلمان توجيه مجموعة اليسار الأوروبي الموحد، انتقادات لسياسة المفوضية الأوروبية تجاه ملف الهجرة بشقيه، بينما دافع المفوض الأوروبي خلال الجلسة عن اقتراحه تزويد العمال المهاجرين المؤهلين في أوروبا بالبطاقة الزرقاء، وفند الانتقادات التي وجهت للسياسة التي يروج لها في ملف الهجرة.