وفد عراقي في أنقرة اليوم لمباحثات «الفرصة الأخيرة».. وعملية تركية محدودة بكردستان

مسؤول تركي نقلا عن طالباني: قد نسلم مسلحي العمال الكردستاني > انتقاد أميركي للقيادة الكردية

جنود أتراك يجرون مناورة قرب الحدود مع العراق امس (أ.ف.ب)
TT

فيما يصل وفد عراقي رفيع المستوى الى انقرة اليوم، لاجراء محادثات وصفت بـ«الفرصة الدبلوماسية الأخيرة»، لتفادي عملية عسكرية تركية كبرى ضد معاقل حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق، كشف مسؤول تركي أن الرئيس العراقي جلال طالباني اعلن ان بلاده قد توافق على تسليم متمردين أكراد لتركيا.

وذكر مصدر في الحكومة التركية امس، ان الرئيس طالباني ابلغ انقرة بأن بغداد يمكن ان تسلمها مسلحي حزب العمال الكردستاني. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، ذكر المصدر ان «طالباني ابلغ وزير الخارجية التركي علي باباجان انه لا يستبعد احتمال تسليم اعضاء في حزب العمال الكردستاني»، وذلك اثناء اللقاء بينهما في بغداد اول من امس. وفي رد على ذلك قال باباجان، انها ستكون «خطوة اولى جيدة»، اذا قام العراق بتسليم نحو 100 متمرد سلمت انقرة قائمة باسمائهم الى العراق في وقت سابق من هذا العام، حسب المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته. وكان باباجان قد اعلن اول من امس ان وفدا عراقيا رفيع المستوى يتوقع ان يزور انقرة خلال بضعة ايام، لمناقشة الاجراءات ضد حزب العمال الكردستاني. واضاف «لقد قلنا لبغداد ان الوفد يجب ان يحضر معه اقتراحات ملموسة، والا فان الزيارة ستكون بدون فائدة». من ناحية ثانية، انتقدت الولايات المتحدة لأول مرة القيادة الكردية بسبب ما وصفته بـ«فشلها» في كبح نشاط مسلحي حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق. وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فان هذا الانتقاد جاء على لسان ديفيد ساترفيلد كبير المستشارين في وزارة الخارجية الاميركية المختص بالملف العراقي اول من امس. وقال ساترفيلد للصحافيين في واشنطن «لسنا مسرورين بسبب غياب العمل. وفيما لم يطلب ساترفيلد من القادة الأكراد القيام بعمل عسكري مباشر ضد حزب العمال الكردستاني، الا انه قال انهم يجب ان يتحملوا المسؤولية في التعامل مع خطر المسلحين. يذكر ان الادارة الاميركية تجنبت حتى الآن انتقاد القيادة الكردية التي تعتبر من اقوى حلفائها في العراق.

واعلن مسؤول اميركي كبير امس انه يتفهم غضب انقرة من هجمات حزب العمال، معتبرا ان اي بلد يتعرض لمثل هذه الهجمات «سيرد عليها بقوة». وشدد مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون الاوروبية دانيال فرايد، الذي يزور برلين، على ضرورة تعاون انقرة وبغداد للتصدي للمسلحين، لكنه امتنع كما واشنطن حتى الان، عن تحذير تركيا من عملية عسكرية في شمال العراق. وقال فرايد للصحافيين «اذا تعرضت اي دولة لهجمات ارهابية متكررة فانها سترد بقوة عليها». واضاف ان «الاتراك غاضبون لكنهم لا يردون تحت تأثير الانفعال، بل يعتمدون مقاربة عقلانية تتماشى مع مصالحهم الوطنية ويدرسون خياراتهم بدقة ولن يقدم اي واحد من هذه الخيارات حلا سهلا». وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان قد اعلن ان تركيا والولايات المتحدة قد تشنان عملية عسكرية مشتركة ضد مواقع حزب العمال في كردستان العراق. الا ان واشنطن استبعدت تدخلا عسكريا اميركيا، مشيرة الى انها تفضل حلا دبلوماسيا للازمة. ودعا رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أمس حزب العمال الكردستاني الى انهاء العمل المسلح واعتماد طريق العمل السياسي وعدم استعمال اراضي الاقليم «قاعدة لتهديد أمن دول الجوار». وكرر المكتب الاعلامي لرئيس الاقليم في بيان ما قاله مصدر في ديوان رئاسة الاقليم لـ«الشرق الأوسط» اول من امس، وقال حسب وكالة الصحافة الفرنسية، «نطلب من حزب العمال الكردستاني عدم اعتماد العنف والكفاح المسلح منهاجا للعمل، لان الطريق الصحيح للنضال في المرحلة الحالية يجب ان يستند الى العمل السياسي والفكري والاعلامي والدبلوماسي». واكد البيان ضرورة «الابتعاد عن تلك الاساليب غير المجدية»، داعيا حزب العمال الكردستاني الى «التزام وقف اطلاق النار وعدم العودة الى العمليات المسلحة». واكد بارزاني «نكرر اننا نسعى الى بناء صداقات مع شعوب المنطقة والالتزام بحسن الجوار مع الجميع»، مؤكدا ان «المشاكل العالقة يمكن حلها عن طريق واحد وهو طريق الحوار والتفاهم».

وفي تطور آخر ذي صلة، قالت مصادر عسكرية أمس ان طائرات حربية وقوات تركية هاجمت مواقع حزب العمال الكردستاني داخل العراق وان القوات تحتشد على الحدود. وورد ان الطلعات الجوية تمت في الفترة بين يومي الاحد ومساء اول من امس وتوغلت فيها طائرات حربية تركية لمسافة 20 كيلومترا داخل العراق وتقدمت قوات قوامها نحو 300 جندي لمسافة عشرة كيلومترات. وقال مصدر عسكري لوكالة رويترز، «اننا نعزز قواتنا بالقرب من الحدود عند سيلوبي واولوديري بجنود تم احضارهم من اجزاء اخرى من البلاد». وقال مسؤول عسكري «يمكن توقع المزيد من غارات المطاردة الساخنة في شمال العراق، رغم أنه لم تقع أي غارة اليوم (امس) حتى الان». وأضاف أن كل القوات التركية التي شاركت في العمليات عادت الان الى تركيا.

وأكد مصدر عسكري مسؤول في حزب العمال الكردستاني في تصريح لـ«الشرق الاوسط»، مساء امس ان الطائرات الحربية التركية حلقت في الساعات الاولى من فجر امس فوق منطقتي ميركه سور وحفتانين القريبتين من سلاسل جبال قنديل، ضمن محافظة اربيل داخل اراضي اقليم كردستان العراق، وعلى ارتفاعات منخفضة وألقت بعض قنابل الدخان ذات الدوي العالي، لكنها لم تلق قنابل حقيقية. من جانبه قال عبد الرحمن جادرجي مسؤول لجنة العلاقات الخارجية في «قوات الدفاع الشعبي»، الجناح العسكري لحزب العمال، ان مقاتلي حزبه «يخوضون منذ ثلاثة ايام معارك ضارية ضد القوات التركية في منطقة اورامه باقليم هكاري في كردستان تركيا»، وان القوات التركية استخدمت في معارك أمس «الطائرات المروحية لمواجهة مقاتلي الحزب».