ساركوزي لصحافيين فرنسيين: لا نسعى لإسقاط النظام السوري بل إقناع دمشق بأن مصلحتها في التعاون مع المجتمع الدولي

باريس غير متفائلة بما يجري في لبنان وكوشنير سيعود إلى بيروت

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية رسمية عالية المستوى تزور المغرب حاليا برفقة الرئيس نيكولا ساركوزي أن وزير الخارجية برنار كوشنير يتهيأ للعودة الى لبنان لمواصلة المساعي الهادفة الى تسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وإخراج لبنان من مأزقه. وأفادت هذه المصادر أن كوشنير الذي زار لبنان مؤخرا مع نظيريه الإسباني والإيطالي ميغيل أنخيل موراتينوس وماسيمو داليما سيعود الى لبنان الشهر المقبل مما يعني أن باريس ليست «متفائلة كثيرا» بإمكانية أن يتوصل اللبنانيون الى انتخاب رئيس توافقي في الجلسة القادمة للبرلمان في الثالث عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) رغم «الإشارات المشجعة» التي تصدر عن الحوار السياسي بين الأكثرية والمعارضة في بيروت.

وترى هذه المصادر أن الولايات المتحدة الأميركية «ما زالت تدفع باتجاه انتخاب مرشح من 14 مارس (آذار) حتى ولو كان ذلك وفق صيغة النصف زائدا واحدا». وسيكون الملف اللبناني حاضرا بقوة في مناقشات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في واشنطن في زيارته الرسمية اليها بعد اسبوعين وعلى هامش اجتماع اسطنبول بشأن العراق في الخامس من الشهر المقبل.

ووفق هذه المصادر التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط»، فإن كوشنير سيلتقي في تركيا وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي ألغى لقاءه معه في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي عقب اغتيال النائب اللبناني أنطوان غانم. وتوافرت معلومات لـ«الشرق الأوسط» عن أن كوشنير أبلغ المعلم في اتصال هاتفي بينهما قبل أيام جاء بمبادرة منه أنه يتعين على سورية أن «تسهل» انتخاب رئيس لبناني وأن تحترم القرارات الدولية وتمتنع عن التدخل في الشؤون اللبنانية. ومقابل ذلك يمكن لسورية «أن تأمل الكثير» من فرنسا. وبحسب ما ابلغه الرئيس الفرنسي ساركوزي لصحافيين فرنسيين رافقوه في زيارته الى المغرب، فإن مطالب فرنسا من سورية هي: تسهيل تقديم المسؤولين عن اغتيال الحريري ورفاقه الى المحكمة ذات الطابع الدولي، وقف الاغتيالات في لبنان واحترام استقلال هذا البلد وسيادته والامتناع عن التدخل في الانتخابات الرئاسية. ووصف الرئيس ساركوزي ما يجري بين فرنسا وسورية بانه «تمرير رسائل وليس حوارا» وأن فرنسا «تلجأ الى كل القنوات المباشرة وغير المباشرة من أجل إيصال هذه الرسائل أو التأثير على سورية أو إفهامها هذه المطالب».

وحتى الآن، تقول باريس، إن ما حصلت عليه هو تكرار السلطات السورية «الوعود المعروفة» و«الطمأنة المعتادة» وكلها تصب في خانة «احترام رأي اللبنانيين».

ويؤكد الرئيس الفرنسي أن ما تسعى اليه باريس «ليس أبدا إسقاط النظام السوري مهما يكن»، بل إقناع دمشق إن «المصلحة السورية تكمن في العودة الى الأسرة الدولية وليس في البقاء بعيدا عنها». ويؤكد الرئيس الفرنسي أن الوزير كوشنير، الذي يتولى إدارة الملف اللبناني، «يحظى بثقته ودعمه وتقديره» وأنه يرى أن مهمته «صعبة».

وبخصوص لبنان، تقول المصادر الفرنسية إن ما تقوم به فرنسا في لبنان «يتجاوز لبنان ويندرج في إطار عملها على المحافظة على التعددية في الشرق وأن لبنان يجسد هذه التعددية». وأضافت أن «من حسن حظ لبنان أن بلدانا مثل فرنسا ما زالت تتمسك بذلك وتسعى للحفاظ على هذه التجربة الاستثنائية».

وفي باب المؤشرات الإيجابية، ترى باريس أن استمرار الحوار بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري «ما كان ليستمر من غير موافقة حزب الله». وبالمقابل فإنها تلاحظ وجود «توتر داخل تيار 14 آذار ليس فقط بالنسبة للانتخابات والخيارات المحتملة بل لما بعدها وتحديدا لصورة الأكثرية التي ستحكم بعد حصول الانتخابات». وبحسب باريس، فمن الواضح أن النائب الحريري «يتصرف من منطلق كونه زعيما للأكثرية ورئيسا للحكومة القادمة».

وما زالت باريس تتخوف من الوصول الى رئيس بالنصف زائدا واحدا. وألمحت المصادر المشار اليها الى أن الدبلوماسية الفرنسية «لم تنجح بعد في إقناع الأميركيين بتفضيل الرئيس التوافقي والتخلي عن النصف زائدا واحدا»، مبدية «اسفها» لهذه التوجهات الأميركية. وفي أي حال، تتخوف فرنسا مما قد تلجأ اليه المعارضة لتعطيل العمل بهذا الخيار على أمن واستقرار ومصير لبنان.