مسارعة سورية إلى إزالة آثار المبنى المهدم تعزز ظنون المحللين في كونه منشأة نووية

صور جديدة تظهر «اختفاء» المرفق الذي قصفته إسرائيل

كلام الوقع الذي قصفته إسرائيل قبل وبعد اختفاء معالمه (نيويورك تايمز)
TT

تظهر صور جديدة أرسلتها أقمار صناعية أن الموقع السوري الذي قصفته إسرائيل الشهر الماضي لم يعد يحمل أية آثار، مما يؤكد ما كان يعتقده المحللون بأنه جزء من مفاعل نووي في طور البناء.

وأخذت صورتان يوم الأربعاء الماضي من الفضاء بواسطة شركات متنافسة، وكلتاهما تظهران الموقع القريب من نهر الفرات ممسوحا تماما بينما أظهرت صور أخذت في أغسطس (آب) الماضي مبنى عاليا يبلغ ارتفاع أحد جوانبه 150 قدما.

وكان السوريون قد أعلنوا عن الهجوم الإسرائيلي في أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي بينما لم يؤكده الإسرائيليون. واستمر مسؤولون سوريون كبار في انكار أن يكون في ذلك الموقع مفاعل نووي قيد البناء، مصرين على أن ما قصفته إسرائيل هو مجرد مستودع عسكري فارغ.

لكن الصور تكشف، حسبما أشار اليه محللون فدراليون وخاصون الخميس الماضي، أن السلطات السورية سارعت إلى تفكيك المرفق بعد الهجوم، معتبرين إن هذه المبادرة يمكن ان تؤول اعترافا ضمنيا بالذنب.

وقال مسؤول استخباراتي أميركي: «إنه عمل سحري: اليوم المبنى موجود وغدا اختفى. ذلك لا يقلل من الشكوك بل يعمقها. هذا ليس تصفية لمبنى ربما تطلب إنجازه عاما. كان الفعل سريعا. إنه أمر مثير للدهشة أن يتمكنوا من إزالة المرفق بهذه السرعة».

ويمكن لأي مسعى سوري يهدف إلى إزالة الموقع أن يجعل المفتشين الدوليين أكثر عجزا على تحديد طبيعة المكان. وقال مسؤولون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا إنهم يحللون صور الأقمار الصناعية وهم، في نهاية الامر، سيقومون بتفتيش الموضع بأنفسهم. وقال ديفيد اولبرايت رئيس معهد العلوم والأمن الدولي إن إزالة المبنى «مثير للشكوك». وأضاف: «يبدو وكأن السوريين يحاولون أن يخفوا شيئا من خلال طمس الأدلة عن وجود بعض الأنشطة. لكن ذلك لن يتحقق. على سورية أن تجيب عن أسئلة حول ما فعلته».

لكن المسؤولين الأميركيين ما زالوا يرفضون التأكيد علنا أن صور الأقمار الصناعية أظهرت موقعا كانت إسرائيل قد قصفته. لكن مسؤولا استخباراتيا رفيعا قال إنه الموقع نفسه.

والجدير بالذكر ان مفاعلا بحجم المفاعل الذي يعتقد محللون ان سورية كانت بصدد تشييده يمكن ان ينتج كميات من البلوتونيوم تكفي لتوفير وقود لسلاح نووي واحد كل عام. ولكن عزل البلوتونيوم من الوقود الناضب يتطلب منشأة لإعادة المعالجة، وهو ما لم يجد له المحللون دليلا. وقال جوزيف سرينسيون، خبير الانتاج النووي، ان الأمر مثير للشكوك وان السوريين يعتزمون فعل شيء لا يريدون العالم ان يعرفه. وأضاف سرينسيون ان الدليل الفوتوغرافي «يشير الى برنامج نووي» إلا انه لا يثبت ان دمشق كانت بصدد بناء مفاعل. وقال انه حتى اذا كانت سورية بصدد تطوير برنامج نووي فإنها في حاجة الى سنوات كي يصبح البرنامج فاعلا، ولا تشكل بالتالي خطرا وشيكا. والموقع السوري المشار اليه كائن في الضفة الشرقية لنهر الفرات على بعد 90 ميلا من الحدود مع العراق و7 أميال الى الشمال من قرية التبنة الصحراوية، ويوجد مهبط للطائرات بقربه.

والى جانب كشفها عن إزالة البناية الطويلة، تظهر الصورة الجديدة منشأة فرعية وشكلا من المحتمل ان يكون محطة ضخ على نهر الفرات. ويشكك محللون في ان محطة الضخ ربما كانت للاستخدام في تبريد المفاعلات. ووصف اولبرايت الموقع السوري بأنه «يتسق مع مواصفات مفاعلات كوريا الشمالية». ونفى السفير السوري لدى الولايات المتحدة، عماد مصطفى، في لقاء اجرته معه «ذا مورنينغ دالاس نيوز» ان تكون بلاده حاولت إقامة مفاعل نووي، مؤكدا ان سورية لا تملك أي برنامج نووي، ووصف ما قيل حول هذا الموضوع بأنه «كذب مفضوح». وأضاف ان سورية تدرك انها اذا فكرت مجرد تفكير في امتلاك تكنولوجيا نووية، فسوف يفتح ذلك عليها ابواب الجحيم، على حد قوله.

حتى الخبراء الأجانب الذين كانوا يتشككون في مقدرة سورية على تطوير برنامج نووي عبروا عن دهشتهم إزاء الفارق الكبير في صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت قبل حوالي شهرين. وقال مسؤول في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي بدأت محادثات مع سورية حول هذا الشأن، ان لا تعليق لديها على صور الأقمار الصناعية.

وكانت دول اخرى، مثل العراق عقب حرب الخليج وإيران عامي 2003 و2004 قد سوت بالجرافات بنايات كان يشتبه في انها تستخدم في نشاطات نووية سرية.

وأصدر معهد العلوم والأمن العالمي، الذي يعمل فيه اولبرايت تقريرا حلل فيه صور «ديجيتال غلوب»، وجاء في التقرير ان المبنى قد ازيل تماما وان الارض سويت، كما أشار التقرير الى ان المقارنة بين صور شهري اغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الاول) تثبت انه كان بالفعل هدفا للغارة الاسرائيلية في سبتمبر (أيلول).