واشنطن: التصعيد مع إيران لا يعني حربا على غرار العراق وهناك خلافات مع موسكو

البنوك الإيرانية تقيم تأثير العقوبات عليها * الإصلاحيون يتوحدون ضد أحمدي نجاد

مسن إيراني أثناء صلاة الجمعة (رويترز)
TT

رفض البيت الابيض اقامة اي مقارنة بين سياسته الحالية حيال ايران وتلك التي ادت الى الحرب في العراق، مؤكدا تصميمه التام على اتباع طريق الدبلوماسية، مع عدم استبعاد الخيار العسكري. وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني فراتو «لا اعتقد انه في إمكاننا اقامة أي مقارنة وقلنا مرارا.. اننا مصممون على اتباع طريق الدبلوماسية». وصرح امام الصحافيين، بعد ان فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على ايران وشددت الادارة الاميركية سياستها حيال هذا البلد: «اننا نتخذ كافة التدابير الثنائية التي يمكننا اتخاذها لنأتي بنتائج وسنعمل مع كافة الاطراف لنأتي بنتيجة في الملف الايراني لكننا مصممون على مواصلة النهج الدبلوماسي». وأضاف المتحدث، «لن نستبعد ابدا أي خيار لكن النهج الدبلوماسي هو خيار الولايات المتحدة لتسوية الازمة». ويأتي ذلك فيما حذرت مصادر إيرانية من ان العقوبات الاقتصادية على إيران قد لا تكون آثارها محسوسة الان على صعيد الشارع، الا ان الامر قد يكون كذلك خلال الاسابيع المقبلة. ورفض بنكا «ملي» و«بارشيا» الايرانيان الإجابة على تساؤلات لـ«الشرق الأوسط» بخصوص تأثير العقوبات الاقتصادية على تعاملاتهما. وأوضح بنك «ملي» انه يحتاج عدة ايام لدراسة تأثير العقوبات على تعاملاته الدولية. وقال إيرانيون تحدثت اليهم «الشرق الاوسط» عبر الهاتف من لندن، ان الاسعار لم ترتفع في إيران على أثر العقوبات، وإن لاحظوا أن الأسعار ارتفعت عموما خلال الأشهر الماضية. وقال مصدر إيراني مطلع لـ«الشرق الاوسط» ان قرار العقوبات الجديد كان مفاجأة سيئة بالنسبة لطهران، موضحا ان صانعي القرار في طهران لا يرون ان قرار العقوبات خطوة اولى لشن حرب على ايران، وان الخطوة هي «حرب نفسية» ضد القيادة الإيرانية لاجبارها على اتخاذ قرارات مهمة، قبل تقرير وكالة الطاقة الذرية المقرر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، غير ان المصدر قال ان الوضع أشبه «بموزاييك»، فكما ان هناك تقارير تستبعد الحرب، هناك تقارير أخرى تعتقد ان الحرب قد تقع. وأضاف لـ«الشرق الاوسط»: «في كل الحالات ما استطيع ان أقوله هو أنه ليس هناك خلاف داخل النخبة الإيرانية الان حول القضية النووية». ولم يستبعد المصدر ان يعمل بعض كبار النافذين داخل النظام الإيراني على اقناع المرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي بوقف تخصيب اليورانيوم لعدة أشهر، من اجل تجنب اي تصعيد، على الرغم من ان مستشارين مقربين من خامنئي قالوا إن وقف التخصيب «خط أحمر». ودافعت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية عن العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على ايران وهونت من شأن اي خلاف مع روسيا بشأن هذه السياسة. وقالت رايس في برنامج «توداي» (اليوم) الذي تبثه شبكة ان.بي.سي التلفزيونية الاميركية: «لا يمكن للمجتمع الدولي ان يجلس مكتوف اليدين الى ان نواجه خيارات بغيضة. وصول السلاح النووي الى يد النظام الايراني سيفقد أكثر مناطق العالم تفجرا الاستقرار». وأقرت رايس بوجود بعض الخلافات بين واشنطن وموسكو حول التكتيكات المتعلقة بايران وتوقيتها، لكنها قالت ان الدولتين تشتركان في هدف اساسي هو بقاء ايران دولة غير نووية. وقالت رايس «لدينا بوضوح وجهة نظر واحدة في هذا الصدد. الروس لا يريدون دولة ايرانية مسلحة نوويا في الجوار. فقبل وبعد كل شيء موسكو هي أقرب كثيرا لايران من الولايات المتحدة». وكررت رايس استعدادها للتفاوض اذا علقت ايران اولا انشطة تخصيب اليوارنيوم. وقالت «عرضنا طريقا للتفاوض». ووسط مخاوف من أن العقوبات قد تكون مقدمة لضربة عسكرية، حذر الجنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الايراني من ان ايران سترد بقوة في حال تعرضها لاي اعتداء، كما نقلت عنه وكالة الانباء الطلابية. وقال جعفري ان «ايران سترد على اي اعتداء بشكل اقسى». وأضاف ان «الاعداء لا يستطيعون شيئا وتصريحاتهم ليست سوى خطب بلاغية». وفي 20 أكتوبر (تشرين الاول) حذر الجنرال محمد شهرباقي وهو قائد في الحرس الثوري الايراني، من انه سيتم اطلاق قذائف وصواريخ «في الدقيقة الاولى» من وقوع اعتداء من الخارج على ايران. وقبل ايام لوح الرئيس الاميركي جورج بوش بتهديد حصول حرب عالمية ثالثة للتأكيد على ضرورة منع ايران من الوصول الى طريقة صنع السلاح النووي. والجمعة لم يرد جعفري مباشرة على قرار الادارة الاميركية فرض عقوبات جديدة على الحرس الثوري لكنه كرر القول ان تهديدات «بعض القادة الغربيين ليست سوى كلام». وأضاف «لا اعتبرها تهديدات» فعلية. من ناحيته، اعلن كبير المفاوضين في الملف النووي الايراني الجديد سعيد جليلي ان العقوبات الاميركية الجديدة ضد ايران لن يكون لها أي تأثير على سياسة ايران في المجال النووي، كما ذكرت وكالة الانباء الطلابية. وقال جليلي في مطار طهران لدى عودته من روما، حيث التقى الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، «ان هذه العقوبات ليست جديدة. فمنذ 28 عاما نواجه عقوبات. ولن يكون لهذه العقوبات الجديدة، كما سابقاتها، أي تأثير على سياسة ايران».

وبعدما أعلنت روسيا أمس معارضتها للعقوبات الجديدة على طهران، رأت الصين بدورها ان العقوبات الاميركية ستعقد الوضع ولن تساهم في التوصل الى حل سلمي للازمة النووية الايرانية.

وقال المتحدث باسم الخارجية ليو جيانشاو: «في حين تحاول الأسرة الدولية وايران تسوية الازمة النووية الايرانية من خلال الحوار، فرض عقوبات جديدة سيساهم في تعقيد الامور». وقال ليو في بيان ان «الحوار والمفاوضات خير سبيل لتسوية الازمة النووية الايرانية».

كما أعرب بان كي مون الامين العام للامم المتحدة في تصريحات نشرت في ايطاليا امس، عن قلقه من البرنامج النووي الايراني، ولكنه أعرب عن أمله في إمكان حل مواجهة مع المجتمع الدولي من خلال الحوار. وسئل بان عما اذا كان يشعر بقلق من البرنامج النووي الايراني، فقال لصحيفة «لا ستامبا» الايطالية، «نعم انني قلق جدا من التقدم النووي الايراني. آمل حتى مع التغيير في المفاوضين امكان ان تتحرك الامور قدما الى الامام ومن المهم مواصلة التفاوض مع ايران». وقال بان انه التقى مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لفترة وجيزة خلال الاجتماعات الاخيرة للجمعية العامة للامم المتحدة، وانه مستعد للقائه بشكل خاص اذا دعت الحاجة لذلك. وقال «قلت بالحاح كبير خلال مناسبات كثيرة ان الخلافات يمكن ان تحل من خلال السلام ومن خلال الحوار، والحرب او العمل العسكري أمر غير مرغوب فيه بأي شكل». وفي أكبر تجمع للاصلاحيين الايرانيين منذ سنوات، انتقدت جبهة المشاركة، الحزب الاصلاحي الرئيسي في ايران، بشدة سياسة الرئيس محمود احمدي نجاد، محذرة من مخاطر العزلة المتنامية لايران على الساحة الدولية. وحذر الامين العام للجبهة محسن ميردمادي، خلال المؤتمر العاشر للحزب من مخاطر «فرض عقوبات جديدة واتخاذ تدابير اكثر خطورة» قد ينجم عنها «تمجيد الذات وقرارات مفاجئة وثورية» يتخذها الرئيس الايراني على الساحة الدولية. ودان قادة الجبهة عواقب السياسة النووية التي تعتمدها البلاد. وقال مسؤول في الجبهة لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم كشف اسمه، «علينا ان نقبل بتعليق تخصيب اليورانيوم مؤقتا.. أقله خلال فترة المفاوضات لتجنب تفاقم الوضع». واضاف ميردمادي على هامش المؤتمر، ان «الولايات المتحدة تريد المواجهة بأي ثمن. الوضع خطير». وتابع «لقد ادركنا منذ اليوم الاول ان السياسة النووية لحكومة احمدي نجاد كانت خاطئة». وفي كلمته انتقد ميردمادي «الخطابات والتصرفات الطائشة التي تعطي صورة عنيفة ومرعبة ومغامرة عن ايران». ورأى انه لا يحق للقادة «التضحية بمصالح البلاد لقضايا لا تشكل اولوية في السياسة الخارجية» لايران. واكد الرئيس الايراني مرارا انه لا بد من «ازالة اسرائيل من الخريطة» وشكك في حجم محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. ويأتي المؤتمر، الذي شارك فيه الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي وشخصيات من المعسكر الاصلاحي قبل اشهر من الانتخابات التشريعية في مارس (اذار). ويحاول الاصلاحيون توحيد صفوفهم ويأملون في العودة بقوة الى الساحة السياسية.

ويأتي ذلك فيما قال المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ان طهران ربما تقترب من تطوير أسلحة نووية في أقل من الفترة التي توقعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراوحت بين ثلاث وثماني سنوات. وذكر المجلس الوطني للمقاومة الايرانية أن تغيير علي لاريجاني كبير المفاوضين النووين الايرانيين، يظهر أن طهران لم تعد بحاجة الى كسب الوقت من خلال التفاوض حتى تمضي قدما في برنامجها النووي.