القمة الروسية ـ الأوروبية تدعو إلى اعتماد السياسة في تسوية النزاعات

بوتين يوجه انتقادات إلى السياسة الأوروبية ولكنه يؤكد على الشراكة الاستراتيجية بينهما

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محاطا برئيس المفوضية الاوروبية خوسية مانويل باروسو ورئيس الوزراء البرتغالي خوسيه سقراط خلال المؤتمر الصحافي في ختام قمة مافرا أمس (رويترز)
TT

انتهت القمة الروسية ـ الاوروبية التي انعقدت في مدينة مافرا البرتغالية أمس بطريقة «دبلوماسية» من دون أن تحقق خروقات تذكر في المواضيع المختلف عليها أصلا، إلا في مجال التعاون التجاري. ولم يخل اللقاء الذي حرص الطرفان في ختامه على التأكيد على ضرورة تسوية النزاعات بالوسائل السياسية والطرق الدبلوماسية، من انتقادات روسية للسياسة الاوروبية. وانتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعاطي اوروبا مع القضية الايرانية والوضع في كوسوفو وخطة الدفاع الاميركية في اوروبا. إلا انه حرص على التأكيد في الوقت نفسه على «الشراكة الاستراتيجية بين اوروبا و روسيا» وقال ان هذه الشراكة لن تتغير، مشيرا الى أنه اتفق مع زعماء الاتحاد الاوروبي على تأسيس معهد للديمقراطية بجهود مشتركة. وقال بوتين في مؤتمر صحافي في ختام القمة، وهي القمة العشرون بين الاتحاد الاوروبي وروسيا: «نحن مع أولوية القانون الدولي، ومع الوسائل السياسية وليس العسكرية في تسوية النزاعات». وأضاف: «من المستحيل ضمان أمن متكافئ للجميع بدون تعزيز أسلوب العمل الجماعي في السياسة الدولية». وأكد استعداد روسيا مواصلة العمل المنسق في مجالات نزع السلاح، وتوطيد الاستقرار الاستراتيجي، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. وقال: «روسيا مستعدة للبحث عن حلول مقبولة للمشاكل الحادة الأخرى، بما فيها التسوية في الشرق الأوسط، وتطبيع الوضع في كوسوفو، وتسوية الوضع حول البرنامج النووي الإيراني». وشبه بوتين الخلاف حول الدرع الصاروخية الاميركية بين موسكو وواشنطن بنزاع كوبا في 1962، مشيرا في الوقت نفسه الى انه لا يمكن ان يتكرر لأن روسيا والولايات المتحدة لم «تعودا عدوتين وانما شريكتان». إلا انه قال ان علاقته بالرئيس جورج بوش، الذي قال انه صديقه، تساعد على حل الخلافات مع واشنطن.

وفي هذه الاثناء، برز تصريح في موسكو صادر عن قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الجنرال نيكولاي سولوفتسوف قال فيه ان «بلاده تعمل من اجل اتخاذ الاجراءات المناسبة من أجل الحيلولة دون انحسار تأثير القوى النووية الاستراتيجية الروسية نتيجة نشر عناصر الدرع الصاروخي الاميركي في القارة الاوروبية». وأضاف ان بلاده «قد تستأنف، في حال الضرورة ولدي صدور القرار السياسي، بذلك انتاج الصواريخ المتوسطة والقريبة المدى خلال فترة وجيزة»، وهي الصواريخ التي سبق وأقدمت على تصفيتها بموجب الاتفاقيات الموقعة في نهاية ثمانينيات القرن الماضي. وحول الخلاف على كوسوفو، نصح بوتين الاتحاد الاوروبي أن لا يدعم استقلال الاقليم، وقال ان موقف بلاده من مسألة كوسوفو ينطلق من القانون الدولي الذي يحترم الحدود الدولية ولا يشجع الانفصال. وعلى صعيد التعاون التجاري، بدت المحادثات أكثر ايجابية خصوصا عن اعلان الاتحاد الاوروبي دعمه انضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية بعد ان كان امتناعها عن تبني طلب روسيا قد أدى الى توترات في العلاقات. وأعلن رئيس المفوضية الاوروبية جوسيه مانويل باروسو دعم الاتحاد الاوروبي لانضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية، وقال للصحافيين اثر لقائه بوتين: «أنا واثق من أن هذه المسألة قابلة للحل ويجب على كل من الجانبين القيام بجهود سريعة لتسويتها».

وتعتبر روسيا ثالث أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة والصين. وتبلغ حصة الاتحاد الأوروبي 53 في المائة من حجم العلاقات التجارية الخارجية الروسية. وتعد روسيا شريكا مهما للاتحاد الأوروبي في مجال إمدادات مصادر الطاقة. كذلك، وعلى الرغم من عدم التوصل الى ابرام اتفاقية شراكة جديدة، إلا ان الآمال بالتوصل الى ذلك بدت مرتفعة. فقد عبّر بوتين في كلمة ألقاها في افتتاح القمة عن أمله في بدء المحادثات الخاصة بعقد اتفاقية جديدة تحدد أسس العلاقات  بين روسيا والاتحاد الأوروبي في أسرع وقت ممكن. وقال: «آمل ليس فقط في أن نبدأ المحادثات حول عقد اتفاقية أساسية جديدة، بل وفي التحول الى تنسيق مسودة هذه الاتفاقية قريبا». وأضاف: «نحيي على ضوء ذلك إقرار مسودة الاتفاقية الخاصة بإصلاح الاتحاد الأوروبي». يذكر أن اتفاقية الشراكة والتعاون بين روسيا والاتحاد الأوروبي التي وقعت في عام 1994، دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر (كانون الثاني) 1997. وستنتهي فترة هذه الاتفاقية في أوائل ديسمبر 2007. وقد عرقلت بولندا المحادثات بين روسيا والاتحاد الأوروبي في عام 2006 حول عقد اتفاقية جديدة للشراكة والتعاون بعد أن استخدمت حق النقض مشترطة إلغاء الحظر الذي فرضته روسيا على استيراد اللحوم البولندية.