السيدة الأولى الأرجنتينية كريستينا فرناندس إلى سدة الرئاسة في جولة انتخابية سهلة

فوزها الكاسح اعتبر استفتاء على السياسة الاقتصادية لزوجها

فرنانديز وزوجها الرئيس الأرجنتيني والمرشحة الاشتراكية السابقة للرئاسة الفرنسية سيغولين رويال (رويترز)
TT

باتت السيدة الاولى في الارجنتين كريستينا فرناندس أول رئيسة منتخبة في البلاد بعد تحقيقها فوزا كاسحا وسهلا في الدورة الاولى من انتخابات الرئاسة ما اعتبر بمثابة استفتاء ايجابي على النجاحات الاقتصادية في ولاية زوجها الرئيس الارجنتيني نيستور كيرشنر. وكانت منافستها النائبة اليسا كاريو قد انتقدت فرناندس لاعلانها النتائج بشكل مبكر فور اعلان النتائج الرسمية الاولى مساء اول من امس، الا انها عادت واعترفت بهزيمتها بعد فرز نصف اصوات الناخبين صباح امس. وأظهرت النتائج الرسمية حصول فرناندس على أكثر من 40 في المائة من الاصوات وتقدمها بشكل كبير على أقرب منافسيها بشكل كاف يجعلها تتفادى خوض جولة اعادة الشهر المقبل. وبعد فرز نتائج ثلثي اللجان الانتخابية تقريبا حصلت فرناندس على 6. 43 في المائة من الاصوات وتلتها في المركز الثاني اليسا كاريو بحصولها على 6. 22 في المائة واعترفت بهزيمتها، اما وزير الاقتصاد السابق روبرتو لافانيا فقد حصل على 17.17% من الاصوات. وفي تصريح مقتضب امام انصارها في احد فنادق بوينس ايرس الكبرى، عبرت فرناندس عن شكرها للارجنتينيين وأشادت بزوجها الرئيس المنتهية ولايته نستور كيرشنر الذي كان يقف الى جانبها. ودعت الرئيسة الجديدة الجميع الى الاتحاد مؤكدة ان فوزها لا يجعلها في «موقع تتمتع فيه بامتيازات» بل بالعكس يجبرها على العمل «بمسؤولية» كما افادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وناشدت الارجنتينيين مساندتها قائلة «نعلم أن من الضروري تعميق التغييرات ولكي نحقق ذلك نحتاج الى حشد أكبر عدد من الارجنتينيين لمساعدتنا». وتعمل فرناندس على الساحة السياسية تحت راية البيرونيين منذ اكثر من عشرين عاما الى جانب زوجها، وستتولى الرئاسة خلفا لزوجها في العاشر من ديسمبر المقبل. وفرناندس هي اول رئيسة تنتخب في الارجنتين لكنها ليست اول رئيسة تحكم البلاد، وقد تولت ايزابيل بيرون الزوجة الثالثة للرئيس السابق خوان بيرون السلطة بعد وفاة زوجها عام 1974 لانها كانت نائبة للرئيس، وهي المرأة الثانية التي تحتل منصب الرئاسة في اميركا اللاتينية بعد انتخاب التشيلية ميشال باشيليه. وفرناندس محامية اصلا وانتخبت مرات عدة عضوا في مجلسي النواب والشيوخ. وكانت قد فازت منذ عامين في الانتخابات في منطقة بوينس ايرس، وهي مختلفة عن العاصمة وتضم حوالي اربعين في المائة من الناخبين، وقد فازت حينذاك بمقعد في مجلس الشيوخ بعد فوزها على منافستها حينذاك هيلدا دوهالدي زوجة الرئيس الاسبق ادواردو دوهالدي. وكانت استطلاعات الناخبين التي بثتها المحطات التلفزيونية والاذاعية قد رجحت فوز فرناندس من الدورة الاولى في حملة انتخابية لم تثر حماس الارجنتينيين، ولم يؤد الاعلان عن فوز فرناندس الى تجمعات لانصارها في الاماكن التقليدية التي يتدفق عليها سكان العاصمة في الاحتفالات.

وقال معلقون ان صدمة عام 2001 ما زالت ماثلة في اذهان الارجنتينيين، عندما تعاقب في اوج ازمة اقتصادية خمسة رؤساء خلال اقل من شهر، موضحين ان الارجنتينيين اصبحوا يتطلعون الى الاستقرار، واضافوا ان تصويت الناخبين بقوة ولكن بدون حماس لفرناندس، دليل على ذلك.

وقال المحلل السياسي وكاتب الافتتاحية في صحيفة «ناثيون» جواكين موارلس سولا للتلفزيون الارجنتيني ملخصا الوضع، ان «الاقتصاد كان المحور الرئيسي لهذه الانتخابات». وبعد تراجع اجمالي الناتج الخام حوالي 11% في 2002، استأنفت الارجنتين الانتعاش الاقتصادي في العام التالي بفضل نمو «على الطريقة الصينية» بلغ حوالي تسعة في المائة سنويا. ويرى اقتصاديون ان الامر السيئ الوحيد هو ان التضخم سيبلغ بين 16 وعشرين في المائة هذه السنة، بينما تؤكد الارقام الرسمية ان نسبة التضخم لا تتجاوز العشرة في المائة.

وخلال حملتها التي جرت بتحفظ وفي الخارج في جزئها الاكبر، لم تكشف فرناندس عن السياسة التي تنوي اتباعها مكتفية بالقول انها ستواصل السياسة اليسارية التي يطبقها زوجها منذ اربع سنوات.

وكانت المحامية فرناندس (54 عاما) أحد أبرز مستشاري زوجها، ويأمل الارجنتينيون أن تسير في نفس المسار الاقتصادي الذي سلكه زوجها. وينسب كثير من الارجنتينيين لكيرشنر الفضل في انتشال البلاد من أزمة اقتصادية كبيرة في عام 2001-2002 واستخدام النمو ونسبته ثمانية في المائة لتوفير وظائف وزيادة الرواتب والمعاشات. ويطلق على الزوجين كيرشنر في الارجنتين «آل كلينتون الجنوب» في اشارة الى الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون وزوجته هيلاري كلينتون التي تطمح لخوض انتخابات الرئاسة الاميركية العام المقبل عن الحزب الديمقراطي.

وقالت ربة منزل تدعى بيتي كوادروس ( 54 عاما) لوكالة رويترز «ستحذو كريستينا حذو كيرشنر، ستفعل ما لم يتمكن من تحقيقه بعد وستقود البلاد للامام»، الا أن فرنانديز ترث من كيرشنر أيضا القلق المتزايد بسبب ارتفاع نسبة التضخم ونقص الطاقة والاعتقاد السائد بين بعض الارجنتينيين بأن عائلة كيرشنر ربما حصلت على الكثير من السلطة. وقال المحلل السياسي انريك زوليتا بوسيرو «من ناحية فازت بالتأييد ولكن من ناحية أخرى هناك رسالة واضحة بأن بعض القضايا بحاجة الى التعامل معها». وأوضحت نتائج استطلاعات اراء الناخبين عند خروجهم من لجان الاقتراع أن كاريو المناهضة للفساد والتي اعتمدت في حملتها الانتخابية على تعهدات بتقوية مؤسسات البلاد الهشة حصلت على صوت من كل أربعة أصوات في شتى أنحاء البلاد وحققت نتائج طيبة وسط الناخبين من أبناء الطبقة الوسطى والطبقة العليا في العديد من أكبر المدن الارجنتينية.

وقال المحلل سيرجيو بيرينزتين «هناك قطاع من الرأي العام خاصة في المناطق الحضرية يعبر عن استيائه من كيرشنر وزوجته». وكثير من التأييد الذي حصلت عليه فرنانديز جاء من الطبقات الفقيرة والعاملة في بوينس أيرس أكثر مدن البلاد ازدحاما بالسكان وفي الاقاليم الشمالية الفقيرة حيث يرجع كثيرون الفضل لكيرشنر في توفير وظائف. من جانبها، اشادت المرشحة السابقة للحزب الاشتراكي الفرنسي للانتخابات الرئاسية في فرنسا سيغولين روايال بفوز فرناندس، وقالت روايال للصحافيين «انا سعيدة كوني اشارك مباشرة في احتفالات النصر بفوز كريستنيا كيرشنر من الدورة الاولى في هذه الانتخابات الرئاسية التي تعتبر برأيي مفصلا تاريخيا في هذا البلد الكبير الذي هو الارجنتين».

وكانت سيغولين روايال التي خسرت الانتخابات الرئاسية في فرنسا امام نيكولا ساركوزي، قد وصلت الجمعة الى بوينس ايرس حيث التقت كريستينا فرناندس، واضافت روايال «احيي شجاعتها لاني اعرف الى اي حد يكون الامر صعبا بالنسبة للنساء».