خادم الحرمين: لا نريد تنازلات.. فنحن أصحاب حق نطالب بحقوقنا

قال في حديث لـ «بي بي سي» إنه من دون عمل جاد سيفشل مؤتمر السلام.. وإن سورية حضورها مهم

خادم الحرمين الشريفين والأمير تشارلز يتبادلان الحديث خلال مراسم الاستقبال في المطار أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أن اجتماع السلام المرتقب الذي اقترحته الولايات المتحدة الأميركية سيكون مفيداً إذا توافرت الجدية والرغبة من الجميع، وناجحاً إذا كان العمل جاداً في المسائل التي تهم الفلسطينيين والعالم العربي والإسلامي.

وقال «إن المملكة قالت كلمتها.. إن الاجتماع إذا لم يلق منه عمل جاد فسيكون مصيره الفشل، وهذا ما لا تقبله المملكة العربية السعودية أولاً للدولة المضيفة الولايات المتحدة الأميركية، وثانياً للمدعوين للمؤتمر».

جاء ذلك في لقاء أجراه مع خادم الحرمين الشريفين تلفزيون الـ«بي بي سي» بمناسبة زيارته للمملكة المتحدة، أجاب فيه على العديد من الأسئلة حول العلاقات بين البلدين والقضايا الدولية الراهنة.. وفي ما يلي نص اللقاء:

* هل المملكة مستعدة لحضور اجتماع السلام المرتقب الذي اقترحته الولايات المتحدة؟ ـ في اعتقادي، المملكة قالت كلمتها منذ البداية وهي أنه إذا لم نلق من الاجتماع عملاً جاداً فمصيره الفشل، وهذا ما لا نقبله، أولاً للمضيف وهي أميركا، وثانياً للمدعوين.

* هل المملكة ستشارك إذا افترضت أنت أن هذا الاجتماع سينجح؟. ـ هذا سؤال سابق لأوانه.

* ما هي القضايا الحيوية التي ترون أنه تتعين مناقشتها لإنجاح هذا المؤتمر؟

ـ أمور كثيرة، وإخواننا الفلسطينيون أعلم بها، أنهم فيما يبدو، ومما سمعناه، لم يتمكنوا من حل أغلب القضايا هم والإسرائيليون.

* ترغب الولايات المتحدة في عقد هذا الاجتماع في أميركا في أقرب وقت، فهل تشاطرونها الرأي؟

ـ إخواننا الفلسطينيون لا يشعرون بالتفاؤل، وفي اعتقادي أن المؤتمر إذا لم يخطط له، وإذا لم يعملوا عملاً جاداً للمسائل التي تهم الفلسطينيين وتهم العالم العربي والإسلامي، في اعتقادي أنه ليس بناجح.

* بقيت على فترة رئاسة بوش سنة، هل تعتقدون أن هذا الاجتماع سيكون ناجحا خلال فترة رئاسته؟ أو أن تحقيقه سينتظر مجيء رئيس أميركي قادم؟

ـ أنا في اعتقادي إذا حصل الجد وحصلت الرغبة من الجميع ليس هناك شك ستحصل فرصة للعمل الجاد ويكون فيه إن شاء الله إفادة.

* هل هناك مؤشرات الى أن إسرائيل مستعدة للقيام بنوع من التسويات التي ترغبون في رؤيتها، أم أنتم تعتقدون أن ذلك لن يتم؟.

ـ التنازلات لا نريدها، نحن أصحاب حق، نطالب بحقوقنا.

* هل تعتقدون أن إسرائيل ستكون مستعدة للمضي قدماً كما ترغبون؟.

ـ هذا سؤال يوجه للإسرائيليين.

* خلال انعقاد القمة العربية في عام 2002، عندما اقترحتم أن تتوصل كل الدول العربية إلى اتفاق مع إسرائيل إذا انسحبت من الأراضي الفلسطينية بدون أن يكون هنالك ذكر للاجئين الفلسطينيين، فهل تعتقدون أن هذا الأمر يمكن مناقشته، أم أنكم تعتقدون بأنه يجب عودة كل اللاجئين الفلسطينيين؟

ـ كل إنسان لا بد من رجوعه إلى وطنه وخاصة هؤلاء المظلومين الذين سجنوا، لا بد لهم من الرجوع إلى أوطانهم.

* وهل ذلك أحد الشروط الرئيسية في خطة السلام العربية؟

ـ في اعتقادي أن هذه شروط إنسانية ومطلوبة.

* الولايات المتحدة متحيزة في مسألة عدم السماح لسوريا وحماس بحضور هذا الاجتماع، هل سيكون من المفيد مناقشة مثل هذه القضايا بدون حضورهما؟

ـ لا بد أن تتفق حماس وفتح، أما سورية فحضورها لازم لأن الأمر يهمها.

* هل يمكن عقد الاجتماع بدونهما؟

ـ هذه راجعة للداعين والمدعوين.

* فيما يتعلق بالإرهاب ومحاربة المملكة له، ما مدى نجاحها في ذلك؟.

ـ أنا قلت منذ البداية إن محاربة الإرهاب ستمتد من عشرين إلى ثلاثين سنة، والإرهاب لا بد أن يحارب من كل الدول، ونحن عقدنا المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في الرياض وحضرته أغلب الدول، وطلبنا منهم أن ينشأ مركز لجميع دول العالم لكي يجتمعوا فيه، والمعلومة إذا جاءت من أي بلد تأتي إلى هذا المركز، وتكون للعالم كله، لأن مكافحة الإرهاب تعتمد على المعلومة والمهم هو المعلومة، وكلهم قبلوا ووافقوا ولكن مع عدم التنفيذ، فلم نر شيئاً.

* ماذا ينقص هذا المركز ليكون فاعلاً في محاربة الإرهاب دولياً؟

ـ أولاً اتفاق جميع دول العالم لإنشاء هذا المركز تحت مظلة الأمم المتحدة، وأن يكون أساساً لتوفير المعلومة، لأنه بعد التجربة التي لدينا تبين أن أهم عنصر في مكافحة الإرهاب هو سرعة تلقي المعلومة.

* ما هي الوسائل التي تستخدمها السعودية لمكافحة الإرهاب؟

ـ الإرهاب أولاً لا بد من دراسته كفكر، وتوجيه النصح للشباب والنصح للذين يغرر بهم والذين تغسل أدمغتهم حتى يتضح لهم أن هذه الأفكار هي ضد الإسلام وعقيدته، وضد الإنسانية، وليست مقبولة في جميع الديانات ولا يمكن قبولها أبداً.

* هل تعتقد بأن أسلوب النصح والمناصحة الذي اتبعته السعودية ناجح؟.

ـ نعم، وتأثيره يظهر الآن إلى حد بعيد، لأن وتيرة الإرهاب في المملكة قد خفت إلى الآن.

* انك لا تقول إن الهزيمة لحقت بالإرهاب في المملكة؟

ـ لا، إلى الآن، فمنذ أربعة أو خمسة أيام أمسكنا بأناس من الذين يمولون الإرهاب وتم القبض عليهم.

* لقد تردد عن نية المملكة بناء جدار على حدودها مع العراق لمنع تسلل المؤيدين للعناصر المسلحة في العراق؟ ـ الحاجز هذا متى سينتهي؟.. فالعقد لم يرسّ بعد!!

* لقد تردد أنكم بصدد إنشاء قوة خاصة لحماية المنشآت من القاعدة والإرهابيين الآخرين؟

ـ هذا صحيح.

* إذاً القاعدة لم تهزم بعد في المملكة؟

ـ صحيح، والإرهاب لا بد له من اليقظة، وكما ذكرت أهم عنصر في مكافحة الإرهاب هو توفر المعلومة.

* هل تعتقدون أحيانا بأن بعض الدول ليست جادة في محاربة الإرهاب؟.

ـ في اعتقادي مثل ما قلت سابقاً وتكلمت أن مكافحة الإرهاب ستستمر من عشرين إلى ثلاثين سنة، وأنا انصح جميع الدول بما فيها انجلترا أن لا تتساهل في محاربة الإرهاب، ولا بد أن يكونوا يقظين ليلاً ونهاراً مثلما نحن عليه الآن ليلاً ونهاراً نتعقب الإرهابيين.

* إذاً إنكم لا ترغبون في ذكر أسماء هذه الدول؟

ـ كثير من الدول بما فيها انجلترا، ولا بد من اليقظة التامة لمواجهة الإرهاب، نحن بعثنا للجهات المعنية في بريطانيا، بصفتهم أصدقاء، رسالة قبل وقوع أول حادث إرهاب عندهم ولم يعمل بها وحدث فيها ما حدث.

* ما هي المعلومة التي بعثتموها؟

ـ أقول بعثنا معلومة والتفصيل فيه تشويش على الجهات الأمنية في البلدين.

* حول الإصلاحات التي قمتم بها في بلادكم فان منتقدي السعودية في دول أخرى يعتقدون بأنها غير جادة، والإعلام يضع دائماً علامة «لو.. لو..» في كل أمر.. أليس كذلك؟.

ـ نعم.. ولكن بما يتفق مع عقيدتنا وشرعنا.

* في المجال القانوني هل يمكنكم أن تشرحوا لنا إلى أي مدى وصلت هذه الإصلاحات حتى الآن، وإلى أي مدى ستصل إليه في المستقبل؟.

ـ الحمد لله، الحمد لله، هذا من فضل الرب عز وجل، وهذه الإصلاحات من أهم الأشياء، وقد أخذت أكثر من 25 سنة في طور الإعداد وهي رأت النور وستنير بمشيئة الله على المملكة كلها بالحق والصواب والعدل.

* هل هذا يعني أن حياة المواطن العادي يمكن أن تتحسن؟

ـ نعم.. نعم.. حياة المواطن، وواقع الشركات التي تعمل في المملكة وتؤثر على كل مواطن.

* هنالك اهتمام في الغرب حول وضع المرأة في السعودية وبصفة خاصة قيادة المرأة للسيارة، كيف ترون تطور دور المرأة في المجتمع السعودي؟

ـ النساء هن الأم والأخت والزوجة والبنت، لهن حقوق في الإسلام من أقوى الحقوق في العالم كله وهذا مستقبلها، وهي الآن تشارك، ولله الحمد، والمستقبل بيد الله.

* إذاً بعد عشرين عاماً، على سبيل المثال، قد تكون المملكة دولة مختلفة عما هي عليه الآن؟.

ـ مختلفة.. في المباني، وبيئتها المادية، ولكن مبادئها ليست مختلفة، نحن نريد التطور مع التقيد بالأخلاق والتعاليم الإسلامية الصحيحة.

* هل ستظل السعودية دولة صديقة بقوة للولايات المتحدة وبريطانيا في المستقبل البعيد؟

ـ في اعتقادي أن الصداقة لا تجيء في يوم وليلة، هذه صداقات متينة وأتمنى ألا يتجاوز علينا أحد، لكن الله أعلم، هذا في حكم الغيب، والغيب بيد الله.

وفي ختام اللقاء الصحافي قال خادم الحرمين الشريفين: «هناك كلمة أريد أن أقولها لكم، استبعدت بعض المواضيع لأنني لا أريد أن أتحدث إلا بالصدق والوضوح».