استقالة رئيس وزراء البوسنة اعتراضا على إصلاحات «تضر بمصالح الصرب»

توقعات بتقديم المسؤولين الصرب استقالات جماعية

نيكولا شبيريتش
TT

أعلن أمس رئيس وزراء البوسنة والهرسك نيكولا شبيريتش، وهو من صرب البوسنة، استقالته اعتراضا على اصلاحات فرضها المبعوث الدولي الى البوسنة ميروسلاف ليتشاك، والتي يعتبرها الصرب مجحفة في حقهم وتهدف الى إلغائهم. وقال شبيريتش في مؤتمر صحافي عقده في سراييفو إنه سيظل في منصبه لتصريف الاعمال إلى حين انتخاب رئيس ومجلس جديد للوزراء في البوسنة. وينتظر أن يقدم جميع الوزراء الصرب في الحكومة المركزية استقالاتهم في وقت لاحق، منفذين بذلك تهديداتهم السابقة بالاستقالة الجماعية إذا لم يتراجع ليتشاك، وهو ديبلوماسي سلوفاكي، عن قرارته القاضية بإدخال إصلاحات على أسلوب اتخاذ القرار في الحكومة المركزية والبرلمان. وتأتي استقالة شبيريتس غداة اجتماع في سراييفو لمجلس تطبيق السلام في البوسنة الذي ايّد بشدة الاجراءات التي فرضها المبعوث الدولي. وتسمح هذه الاجراءات للاعضاء المسلمين والكروات في الحكومة الفدرالية بإقرار عدد من القرارات، ولا سيما مشاريع قوانين، من دون الحاجة الى موافقة الوزراء الصرب.

كما تسمح باصدار القرارات النهائية للحكومة بمجرد حصولها على تأييد وزير واحد في كل مجموعة قومية عوضا عن اثنين سابقا، علما ان الحقائب الوزارية في الحكومة المركزية، التي تضم عشرة وزراء، تتوزع على المجموعات القومية الثلاث الرئيسية في البلاد.

واتخذ المبعوث الدولي الاجراءات لانهاء أزمة تشريعية بين جمهورية الصرب والاتحاد المسلم الكرواتي اللذين تتكون منهما جمهورية البوسنة والهرسك. ومنع هذا الخلاف منذ فترة طويلة الاصلاحات التي تحتاجها البوسنة للاقتراب من عضوية الاتحاد الاوروبي.

وقال شبيريتس في مؤتمره الصحافي أمس انه «اضطر» الى اتخاذ هذا الموقف، مشددا على ان المجتمع الدولي يجب الا يحل محل السلطات المحلية في ادارة شؤون البلاد. وأضاف: «أعتقد أن هذا هو الحل الوحيد للحفاظ على الهدوء وعدم إحداث فراغ دستوري في البلاد». وسيكون لمجلس الرئاسة المكون من ثلاثة أفراد الرأي النهائي فيما يتعلق بقبول الاستقالة. ويقول محللون سياسيون إن من المرجح أن ترفض الاستقالة ويطلب من شبيريتس العودة الى منصبه.

وأعطى ليتشاك البرلمان مهلة اقرار المقترحات حتى بداية ديسمبر (كانون الاول) المقبل، وقال إنه سيضطر الى فرضها في حال عدم اقرارها. وأثار الاقتراح ردود فعل حادة من مسؤولي صرب البوسنة ومن بينهم شبيريتس الذي اتهم ليتشاك بانتهاك دستور البلاد والإضرار بمصالح الصرب. وهدد المسؤولون الصرب بترك المؤسسات المركزية في البلاد إذا رفض المبعوث الدولي العدول عن قراره. إلا ان ليتشاك، الذي يتلقى دعما قويا من المجتمع الدولي والدول الاسلامية، أكد أنه «لن يغير اقتراحه ولن يسحبه». وانتقدت روسيا وحدها توقيت هذا القرار محذرة من تزايد التوترات في البلقان، في اشارة الى نزاع صربيا مع اقليم كوسوفو الساعي الى الانفصال.

وكان الآلاف من صرب البوسنة قد تظاهروا الاثنين الماضي اعتراضا على الاصلاحات، وحملوا يافطات كتب عليها: «ليتشاك لا تلمس الجمهورية الصربية فنحن لن نستسلم». واتهم المتظاهرون الذين تجمعوا في شوارع بانيا لوكا، المبعوث الدولي بمحاولة إلغائهم.

وفي أول رد فعل على استقالة شبيريتش، أعرب رئيس مجلس الرئاسة جيلكو كومشيتش عن أسفه لهذه الاستقالة، مشيرا الى ان رئيس الوزراء سيبقى في منصبه لتصريف الاعمال.

وتعتبر هذه الازمة التي نشأت في 19 اكتوبر (تشرين الاول) الاخطر من نوعها منذ نهاية الحرب الاهلية في البوسنة (1992 ـ 1995). فمع استقالة شبيريتش واستفحال الازمة السياسية في البوسنة، تطل العديد من الكوابيس برأسها في البلقان من جديد أقلها تنظيم انتخابات جديدة قد تفرز معتدلين داخل صفوف صرب البوسنة. وهو سيناريو رغم ضعفه إلا أنه أقل قتامة من سيناريو تنظيم استفتاء على الاستقلال داخل مناطق السيطرة الصربية وهو ما يهدد به رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك. وفي حال تم تنظيم هذا الاستفتاء، وهو مخالف للدستور البوسني، فإن ذلك قد يعني الحرب... من جديد. ويقول المراقبون إنه إذا بدأت حرب جديدة في البلقان فإن الصرب سيكونون اكبر الخاسرين، لان خريطة القوى تغيرت كثيرا عما كانت عليه في العام 1992... وكذلك الموقف الدولي.