خادم الحرمين: الاقتصاد السعودي الأكبر في المنطقة.. والقطاع الخاص سجل أعلى نمو منذ ربع قرن

عمدة بلدية لندن: المملكة أعطت من التراث الحضاري للعالم عبر قرون وقيادتكم العظيمة اتضحت من خلال مبادرة السلام العربية

خادم الحرمين الشريفين يلقي كلمته في حفل بلدية لندن مساء أول من أمس ويبدو إلى يمينه الأمير أندرو وإلى يساره عمدة بلدية لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ان الاقتصاد السعودي هو الاكبر في الشرق الأوسط، وقد تميز منذ عقود طويلة بانفتاحه على العالم الخارجي. ونوه بان السعودية تعد أكبر شريك تجاري في المنطقة لبريطانيا، كما تعد المملكة المتحدة ثاني أكبر مستثمر أجنبي في السعودية. مشيرا إلى أن الطرفين استفادا معاً من هذه العلاقة الممتازة، معربا عن سعادته باستضافة المملكة العربية السعودية لآلاف البريطانيين «الذين يساعدوننا في تحقيق التنمية».

وسرد خادم الحرمين الشريفين جوانب من النهضة الاقتصادية والعمرانية والتقنية التي تعيشها بلاده، مبينا أنها تصب في صالح علاقات البلدين خاصة من الناحية الاقتصادية، وقال «إن الحقائق تدفعنا إلى التفاؤل بمستقبل علاقاتنا الاقتصادية».

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها مساء أول من أمس خلال حضوره حفل العشاء التكريمي الذي أقامه عمدة بلدية مدينة لندن جون ستوتارد تكريماً لزيارته إلى بريطانيا. من جانبه نوه عمدة بلدية لندن بالدور الرائد الذي تقوم به السعودية حيال العالم وعبر عن تقديره لجهود خادم الحرمين الشريفين في اصلاح الاقتصاد، وقال من جهة اخرى ان السعودية اعطت الكثير من التراث الحضاري للعالم عبر قرون متعددة كونها وطن اللغة العربية لغة العلم والتعلم ولولاها ولولا نشر علومكم وثقافتكم لما كان لدينا ارقامنا وكفاءتنا في علم الرياضيات. وفي ما يلي نص كلمة خادم الحرمين:

«بسم الله الرحمن الرحيم، صاحب المعالي عمدة مدينة لندن، أصحاب السمو الملكي والمعالي والسعادة، أيها الحفل الكريم: يسرني أن أعرب عن شكري وتقديري لدعوة معاليكم التي أتاحت لنا فرصة اللقاء في هذا المكان التاريخي العريق، القلب الاقتصادي النابض لبريطانيا، والمشهور في العالم كله.

أود أن استعرض معكم الحقائق التالية: أولا: إن الاقتصاد السعودي هو الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط وقد تميز منذ عقود طويلة بانفتاحه على العالم الخارجي وبحرية جلب السلع والخدمات والأموال في مناخ اتسم بالثقة والاستقرار وفي ظل سياسات مالية ونقدية متزنة.

ثانياً: إننا بذلنا جهوداً حثيثة خلال العقد الماضي لجعل اقتصادنا أكثر جاذبية لرؤوس الأموال العالمية وقد أثمرت هذه الجهود بانضمام المملكة إلى منظمة التجارة الدولية، ولقد واكبت هذا الانضمام جهود تشريعية لتحسين بنية الاستثمار وإزالة أي عوائق تقف في طريق المستثمرين.

ثالثاً: إن القطاع الخاص السعودي يواصل القيام بدوره الرائد وقد ضاعف منجزاته في السنوات الأخيرة، حيث حقق الاقتصاد السعودي معدل نمو تجاوز نسبة 4 بالمائة، كما سجل القطاع الخاص أعلى معدل نمو له منذ ربع قرن.

رابعاً: إن المملكة هي أكبر شريك تجاري في المنطقة لبريطانيا، كما أن بريطانيا هي ثاني أكبر مستثمر أجنبي في المملكة، وقد استفاد الطرفان معاً من هذه العلاقة الممتازة.

خامساً: إننا سعداء باستضافة آلاف المواطنين البريطانيين الذين يساعدوننا في تحقيق التنمية، كما أننا فخورون بوجود أكثر من خمسة آلاف طالب سعودي يدرسون في الجامعات البريطانية.

أيها الأصدقاء: إن هذه الحقائق تدفعنا إلى التفاؤل بمستقبل علاقاتنا الاقتصادية. وإنني أنتهز فرصة هذا اللقاء لأطلب منكم الاستفادة من الفرص الكثيرة التي توفرها السوق السعودية الواعدة، لا في مجال الاستيراد والتصدير، بل في مجال الاستثمار والمشروعات المشتركة، وخاصة تلك التي تنقل التقنية المتطورة.

أيها الأصدقاء: يسرني أن أوجه الدعوة إلى صاحب المعالي عمدة مدينة لندن لزيارة المملكة مع وفد من زملائه رجال الأعمال ليستكملوا ما تم خلال هذه الزيارة من بحث فرص التعاون مع زملائهم السعوديين. أشكركم وأتمنى لكم التوفيق» وكان عمدة لندن قد ألقى بدوره كلمة خلال حفل العشاء قال فيها: إنه لشرف عظيم أن نحتفل بكم في هذا المساء في قاعة غيلد هول. ونوه بالضيافة العربية السعودية وقال: إن التقاليد السعودية بالضيافة والكرم معروفة للجميع وقد قمت قبل نحو 18 شهراً بزيارة المملكة برفقة عمدة لندن السابق السير ديفيد بريور ولقينا من جانب بلادكم كل الحفاوة والتكريم وها نحن نرد لكم بعضاً من الضيافة التي أكرمتمونا بها. ونوه بالدور الرائد الذي تقوم به المملكة العربية السعودية حيال العالم وقال: لقد أعطت المملكة الكثير من التراث الحضاري للعالم عبر قرون متعددة كونها موطن اللغة العربية لغة العلم والتعلم ولولاها ولولا نشر علومكم وثقافتكم لم يكن لدينا أرقامنا وكفاءتنا في علم الرياضيات... لقد أعطيتمونا دروساً في أهمية الشرف والمروءة والفروسية بل فن الطبخ الذي رفع من مستوانا الصحي أيضاً. وقال عمدة لندن: إن الأهم من ذلك أنكم أعطيتمونا الصداقة بأجلى معانيها حيث قال الشاعر الروماني العظيم سيسرون إن الصداقة تنير طريق الرخاء والازدهار كون الصداقة تقوم على الاحترام والثقة المتبادلة وفي أمثالكم العربية تقولون إن الصديق دائماً يقول الحقيقة. وأشاد بالعلاقات القائمة بين المملكة وبريطانيا وقال: لقد استمتعنا بعلاقات تاريخية وطيدة ولدى مملكتينا أهداف مشتركة كثيرة أولها في مجال تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وهو هدف نشترك به معاً. وقد اتضح هذا من خلال قيادتكم العظيمة التي اقترحت مبادرة السلام العربية وكذلك من خلال الدعم الذي قدمتموه إلى الأردن ولبنان واليمن والعراق والسلطة الفلسطينية وهذه أمثلة على جهودكم لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وأعرب جون ستوتارد عن الاعتقاد أن السلام والاستقرار ضروريان للتقدم الاقتصادي ولرفع مستوى رفاهية الشعوب العربية بل والعالم اجمع.

كما نوه بدور المملكة العربية السعودية بالحفاظ على استقرار الاقتصادات الدولية وقال: لقد سعت المملكة العربية السعودية دائماً لضمان إمدادات الطاقة للاقتصادات العالمية والحفاظ على مستوى أسعارها كما أنها تشجع على إيجاد مصادر أخرى للطاقة مثل الطاقة المتجددة وعبر عن تقديره البالغ لجهود خادم الحرمين الشريفين لإصلاح الاقتصاد وقال: إن رؤية جلالتكم لإصلاح الاقتصاد السعودي وتحديثه وتنويع روافده هو موضع تقديرنا البالغ. وأشاد باطراد ونمو العلاقات التجارية البريطانية السعودية وقال إن التبادلات التجارية بين مملكتينا تزداد بمقدار 12 بالمائة سنوياً.. كما نتمتع بعلاقات تجارية وثيقة في مجالات الطاقة والدفاع والتجارة وغيرها. وأوضح أن مدينة لندن أصبحت المركز المالي الدولي الرائد في العالم. وقال إن مدينة لندن لديها أكثر الأنشطة المالية من أي مدينة أخرى في العالم، معتبراً أن وجود جالية إسلامية كبيرة في بريطانيا والروابط البريطانية القوية مع دول العالم الإسلامي تجعل من لندن الرائدة في الغرب في توفير المنتجات المالية المطابقة للشريعة الإسلامية. وأشار عمدة لندن إلى القول المأثور أطلبوا العلم ولو كان في الصين. وقال إنه نحو تحقيق هذا الواجب تعتبر لندن شريككم الطبيعي لأن المملكة تسعى لتحقيق هدف جلالتكم لتطوير التعليم العالي وتوفير الكوادر السعودية المدربة لسوق العمل في العقد القادم. وفي ختام كلمته قال عمدة لندن جون ستوتارد انه «نيابة عن المسلمين البريطانيين أشكركم على ما تقدمونه لهم من يسر ورعاية لتأدية مناسك الحج والعمرة على أحسن وجه ونحن نعرف أن الدين الإسلامي هو الدين المفعم بالرقة والمحبة والأخوة والتسامح والسلام».

وكان العمدة ستوتارد في استقبال الملك عبد الله لدى وصوله إلى مقر البلدية، كما كان في استقباله الأمير اندرو دوق يورك وعدد من أعضاء الأسرة المالكة في بريطانيا، حيث عزف السلام الملكي السعودي، واستعرض بعدها خادم الحرمين الشريفين حرس الشرف الذي أصطف لتحيته، كما وقع في سجل الزيارات ثم التقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة.

حضر حفل العشاء الوفد الرسمي المرافق لخادم الحرمين الشريفين وعدد من الأمراء أعضاء الأسرة المالكة البريطانية وكبار المسؤولين البريطانيين ورجال الأعمال والإعلام من كلا الجانبين.