من مذكرات رامسفيلد الداخلية لمعاونيه: تحدثوا عن الصومال أو الفلبين وتأكدوا أن الشعب الأميركي يدرك أنه محاصر بمتطرفين عنيفين

كان يصدر بين 20 و60 مذكرة يوميا وفكر في إعادة تعريف حرب الإرهاب على أنها تمرد عالمي

TT

قال وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد في عدد من المذكرات الداخلية للطاقم العامل معه، ان المسلمين يتجنبون «العمل البدني»، وكتب عن الحاجة الى «الاستمرار في إبراز الخطر» و«الربط بين العراق وايران» و«إصدار بيانات وتصريحات جاذبة للانتباه»، وذلك سعيا لكسب التأييد لحرب لم تحظ بتأييد واسع. وتسلط هذه المذكرات الضوء على اسلوب رامسفيلد الجاف في الادارة ومساعيه للتعامل مع تحديات رئيسية خلال الفترة التي عمل خلالها وزيرا للدفاع. توضح المذكرات التي صدرت في الفترة التي شغل خلالها ذلك الموقع، اعتبارا من عام 2002 حتى استقالته عقب انتخابات الكونغرس العام الماضي ازدراء رامسفيلد للانتقادات من جانب وسائل الإعلام، وميله الى إعادة صياغة الرأي العام حول الحرب في العراق. وكان رامسفيلد، الذي غالبا ما ينفّر اسلوبه الفظ أعضاء آخرين في الادارة الاميركية والبيت الأبيض، يصدر عددا يتراوح بين 20 و60 مذكرة في اليوم، ويقول مستشارون انه كان دائما ما يعرض أفكاره كتابة كأساس لتطوير او تبني سياسات. جدير بالذكر ان هذه المذكرات لم تكن سرية وإنما كتب عليها لـ«الاستخدام الرسمي فقط». وفي واحدة من هذه المذكرات في 2004 حول تدهور الأوضاع في العراق، كتب رامسفيلد ان التحديات في العراق «ليست امرا غير عادي»، وكتب ايضا ان «التقارير الاخبارية المتشائمة نابعة ببساطة من معايير خاطئة تم تطبيقها». وعندما بات محاصرا بالانتقادات في ابريل (نيسان) 2006 لدى مطالبة عدد من الجنرالات المتقاعدين باستقالته في مقالات صحافية، كتب رامسفيلد مذكرة عقب حديث له مع بعض المحللين العسكريين. جاء في تلك المذكرة: «تحدثوا عن الصومال او الفلبين.. الخ. تأكدوا ان الشعب الأميركي يدرك انه محاصر بمتطرفين يتسمون بالعنف». وعقب اللقاء مع هؤلاء المحللين، أشار الى ان الناس «سيتوحدون للتضحية. إنهم يبحثون عن قيادة. التضحية تساوي الانتصار».

دفع ذلك اللقاء رامسفيلد الى المطالبة كتابة بتزويده بفريق عمل لمساعدته في «دفع الناس بدلا من اتخاذ موقف الدفاع عن السياسة والاستراتيجية تجاه العراق»، وكتب ايضا انه «دائما في موقع المدافع»، وان الناس يقولون انه يجيد ذلك إلا ان المرء لا يمكن ان يكسب وهو في خانة المدافع، وانهم «لا يمكن ان يستمروا في تلقي الضربات». واقترح رامسفيلد، الذي تولى حقيبة الدفاع مرتين، ان الرأي العام يجب يدرك انه لن تكون هناك «نهاية» للحرب ضد الارهاب، مثلما استسلمت اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، وكتب في المذكرة التي تناولت ذلك الموضوع ان «الحرب ضد الارهاب ستكون طويلة» وأن «العراق ساحة معركة واحدة فقط».

في نقاشه مع المحللين العسكريين، ربط رامسفيلد بين إيران والعراق، وكتب في مذكرة كتبها في ابريل 2006 ان «ايران تشكل قلقا لدى الشعب الاميركي»، وان الولايات المتحدة اذا فشلت في العراق، فإن ذلك سيصب في مصلحة ايران. وفي واحدة من مذكراته الطويلة، بتاريخ مايو (أيار) 2004، فكر رامسفيلد في إعادة تعريف مواجهة الارهاب كـ«تمرد عالمي»، وكتب ان هدف العدو هو «إنهاء نظام الدولة باستخدام الارهاب، وإزالة غير الراديكاليين من العالم». وطلب من مستشاريه بعد ذلك «محاولة معرفة النتائج المحتملة» في حال إعادة تسمية الحرب على الارهاب. ولا تفهم أوروبا ولا الولايات المتحدة التهديد أو الصورة الاكبر التي يشكو منها رامسفيلد في المذكرة نفسها. كما انه يتأسى على ان ثروة النفط ابعدت احيانا المسلمين «عن واقع العمل والجهد والاستثمار الذي يؤدي الى الغنى لبقية العالم. وغالبا ما يقف المسلمون ضد العمل الجسدي، ولهذا يجلبون الكوريين والباكستانيين، بينما يبقى شبابهم عاطلين عن العمل. ومن السهل تجنيد السكان العاطلين عن العمل في النشاط المتطرف».

وتتطرق المذكرات الى قضايا ابعد من العراق والارهاب. ففي مذكرة الى مستشار الامن القومي ستيفن هادلي في يوليو (تموز) 2006 حذر رامسفيلد من أن الولايات المتحدة «أبعدت عن آسيا الوسطى» على يد الروس الذين يقومون بـ«مهمة أفضل الى حد كبير في الابتزاز»، مما تقوم به واشنطن لـ«مواجهة ابتزازهم».

وقد زاد السخط العام ومساءلة الكونغرس في عام 2006، وهو عامه الأخير في البنتاغون، وكشفت سلسلة من المذكرات عن رجل عازم على مواجهة موجة النقد الاعلامي في سطر أو سطرين الى الموظفين العاملين معه حول مقالات معينة.

ويكتب في 6 فبراير (شباط) 2006 «أعتقد انه يتعين ان تتلقوا رسالة حول مقالة رالف بيترز في نيويورك بوست. انها مزعجة». وفي يوم 2 فبراير كان كاتب العمود في نيويورك بوست، قد كتب عن «شحة مزمنة في القوات في العراق» بينما البنتاغون يشتري «ألعابا عالية التكنولوجيا ليس لديها مهمات».

وفي يوم 10 مارس (آذار) أمر دورانس سميث، مساعد وزير الدفاع للشؤون العامة بإعداد «عرض افضل على الادعاء بأن وزارة الدفاع ليست لديها خطة قائلا. هذا مجرد هراء كامل. يجب علينا مجابهته بقوة». وكشف استطلاع لـ«واشنطن بوست» و«أي بي سي نيوز» اجري في ذلك الشهر عن أن 65 في المائة من الأميركيين يعتقدون بأنه ليست لدى بوش خطة لتحقيق النصر.

وفي يوم 20 مارس طلب رامسفيلد تحليلا تفصيليا لسبعة «أخطاء» كتبت عنها ترودي روبن في فيلادلفيا انكوايرر وردا على مقالتها، واراد رؤية الرد قبل ارساله. وكتبت روبن أن الحرب «تسير على نحو رديء».

وكتب الى سميث في سبتمبر (أيلول) 2006 مذكرة قائلا فيها «ارجوك ان تكلف احدا ليجد على وجه الدقة، متى تحدثت عن مأزق وفي أي سياق».

وكتب رامسفيلد الى سميث حول افتتاحية ظهرت في «نيويورك تايمز» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 مؤداها ان الجيش يواجه وضعا بائسا قائلا «هذا عار». وقالت الافتتاحية ان «احدى مزايا مغادرة رامسفيلد، هي ان الولايات المتحدة «ستتوفر لها الآن فرصة لإعادة بناء الجيش الذي قضى معظم فترة عمله كوزير، ليجعله في وضع بائس».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)