إسبانيا: الخلاف مع المغرب حول سبتة ومليلية يجب ألا يمتد لمجمل العلاقات

الأمن الإسباني في مليلية يعتقل لساعات برلمانياً مغربياً رفع علم بلاده

مواطنون مغاربة يحتجون على زيارة ملك اسبانيا لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين (تصوير: عبد المالك العاقل)
TT

بينما تكرر أمس في مدينة مليلية، التي تحتلها إسبانيا في شمال المغرب، نفس المشهد تقريبا الذي عاشته أول من أمس، شقيقتها في المصير سبتة، التي زارها قبل مليلية، ملك إسبانيا خوان كارلوس، قال برناردينو ليون، وزير الدولة في الخارجية الاسبانية، إن الخلاف بين البلدين يجب أن يظل محصورا في قضية ملموسة، دون أن يتعداها إلى مجمل العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن بلاده تربطها بالمغرب علاقات وطيدة.

وكما حدث في المدينة المغربية المحتلة الأولى، فإن زيارة مليلية مرت أمس، وسط إجراءات أمنية صارمة خوفا واحتياطا من أي طارئ قد يعكر صفو المعمرين في المدينة، لكن السلطات المحلية مستعينة بخبرات الأمن الوطني الإسباني، حرصت على التخفيف من مظاهر الاحتياطات الأمنية، مستعملة تقنيات وأساليب في التمويه من قبيل إخفائها وإغراقها في أجواء من الفرح المبالغ فيه، دون الاكتراث لمشاعر الطرف الآخر أي المغاربة في داخل المدينة أو عند أطرافها حيث استنكر إخوانهم ما أقدمت عليه السلطات الإسبانية.

ولوحظ أن خطابي الملك خوان كارلوس سواء في سبتة أو مليلية، اعتمد لغة عاطفية موجهة بالأساس إلى الإسبان، وتناسى مشاعر الآخرين، فقد كرر كما قال في سبتة أنه يشعر بالتزام نحو مليلية، وهي من وجهة نظره مدينة عصرية تنظر إلى المستقبل، وهي عزيزة جدا عليه مثل شقيقتها سبتة، معتذرا عن تأخره في القيام بزيارتهما من قبل، ولذلك لم يعد في الإمكان الانتظار أكثر، شاكرا السكان على عواطفهم الجياشة التي أظهروها أثناء استقباله الذي قال عنه ملك إسبانيا أنه لا ينسى (الاستقبال) أبدا، ولذلك فإنه أصبح يشعر أنه قريب جدا من سكان المدينتين، ما يوحي بشكل قاطع أن الثغرين جزء لا يتجزأ من التراب الإسباني، وكأنه يريد أن يقول للمغاربة كفوا عن حلم استعادة الثغرين.

وفي هذا السياق، حملت بعض شعارات الترحيب بالملك وعقيلته وكذا اللافتات التي كتبت، معاني أقرب ما تكون إلى العنصرية والشوفينية الوطنية، فقد صيغت إحداها بهذه العبارات «مليلية تحبكم، وهي إسبانية، وليسمع وليعرف العالم كله ذلك»، كما أن الملك المرحب به لم يقتصد من جهته في مبادلة السكان مشاعر فياضة، فقد خرج مرتين إلى شرفة بلدية مليلية ليرد على هتافات المرحبين والمستقبلين التي تمس بشكل من الأشكال مشاعر المغاربة. وبينما رفض سياسيون اسبان مسلمون في مدينة مليلية الإدلاء بأية تصريحات لـ«الشرق الاوسط» حول الزيارة، تجمع الآلاف من المغاربة، منذ صباح أمس، أمام النقطة الحدودية الفاصلة بين بلدة بني أنصار ومليلية، للاحتجاج على الزيارة المتزامنة مع احتفال المغاربة بذكرى المسيرة الخضراء إلى الصحراء عام 1975. وقال أحد مسؤولي اللجنة التنسيقية لفعاليات المجتمع المدني المطالبة بتحرير مدينتي سبتة ومليلية، المنظمة للاحتجاج لـ«الشرق الأوسط» إن عدد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية يقدر بحوالي ستة آلاف مغربي استنكروا بغضب شديد زيارة ملك اسبانيا. وأشار المصدر ذاته إلى أن السلطات الاسبانية اعتقلت المستشار يحيى يحيى، رئيس لجنة الصداقة المغربية ـ الإسبانية بمجلس المستشارين المغربي، ومجلس الشيوخ الإسباني، أثناء محاولته اجتياز النقطة الحدودية حاملا العلم المغربي، قبل ان تفرج عنه بعد الاحتفاظ به لبضع ساعات. وكان يحيى قد دعا إلى تنظيم مؤتمر صحافي في مليلية لتسليط الضوء على الأبعاد السلبية لزيارة الملك خوان كارلوس.

وعبر مصطفى المنصوري، رئيس مجلس النواب، ومصطفى عكاشة، رئيس مجلس المستشارين، عن الاستياء العميق للبرلمان المغربي، ورفضه التام للخطوات العدائية التي ارتأت الدولة الاسبانية الاقدام عليها من خلال زيارة الملك خوان كارلوس.