أكاديمية الشرطة في بغداد.. أوضح دليل على مشاكل برنامج إعادة إعمار العراق

أجزاء منها تتقوض بعد عام من وعد شركة أميركية بإصلاحها

TT

بعد اكثر من عام على وعد شركة «بارسونز كوربوريشن» الأميركية العملاقة للتعاقدات الكونغرس بأنها ستصلح انابيب المياه والبناء الرديء النوعية في الثكنات التي شيدتها الشركة في أكاديمية الشرطة ببغداد، ما تزال السقوف ملطخة بالفضلات وأجزاء من المبنى تتقوض وأقسام من المباني غير قابلة للاستعمال لأن المراحيض قذرة وعاطلة عن العمل.

وأصبح المشروع، الذي وجد مفتشو الولايات المتحدة فيه تصدعات عبر الجدران المشيدة حديثا والبراز يخرج من السقوف، واحدا من أوضح الأمثلة على برنامج اعادة الاعمار الأميركي الذي تبلغ كلفته 45 مليار دولار، والذي ينظر اليه باعتباره فاشلا. كما أن المشروع أصبح مثارا للجدل حول قيمة الاشراف الحكومي عندما ابلغ مدير في بارسونز الكونغرس في سبتمبر (ايلول) 2006 بأن الشركة ستعالج المشاكل ولن تتحمل الولايات المتحدة كلفة ذلك. وتقول الشركة في الوقت الحالي انها فعلت ذلك ووجهت شركة تعاقد عراقية ثانوية لإصلاح العيوب بدون كلفة اضافية.

لكن مجندي الشرطة والمدربين والضباط في الثكنات وغرف الدراسة التي شيدتها «بارسونز» تذمروا يوم الأحد الماضي بمرارة من حالة المباني، متهمين الشركة بالإهمال ومتسائلين عن عدم حل المشاكل حتى الآن. وكان مجندون في بعض المباني قد تلقوا تعليمات بعدم استخدام أي من مراحيض الطوابق العليا لأن البول والغائط يتسربان باستمرار الى الطوابق السفلى وفقا لما قاله عدد من المسؤولين الأميركيين في الأكاديمية. وقال ضابط اميركي «ان ما رأيته هنا يثير اشمئزازي كدافع ضرائب».

وكان العراقيون في المجمع أكثر انزعاجا. وقال مستشار صيانة عراقي «لقد استخدموا أنابيب سيئة لأنظمة التصريف». وأضاف ان الكونكريت المستخدم في البناء من النوع السيئ وقد انهار في بعض الأماكن بسبب التدفق المستمر لمياه التصريف. وارغمت هذه المخاطر المهندسين لاغلاق كل انابيب المياه في المباني.

وقالت ايرين كولمان، المتحدثة باسم الشركة، ان بارسونز، التي تتخذ من باسادينا بولاية كاليفورنيا مقرا لها، التزمت بصرامة بشروط العقد الذي تلقته من فيلق المهندسين في الجيش الأميركي لإنجاز العمل في الأكاديمية. واضافت ان «بارسونز اكملت عملها في كلية الشرطة ببغداد في ربيع 2006»، مضيفة ان فيلق المهندسين قبل العمل الذي أكمل في الوقت نفسه.

وبحلول يوليو (تموز) 2006 ابلغت الشركة بوجود مشاكل في انابيب تصريف المياه. وأقامت بارسونز صلات مع المتعاقدين العراقيين الثانويين الذي انجزوا العمل في المباني في الواقع لكي يستطيع العراقيون انجاز تعهداتهم بإعادة معالجة النواقص في العمل.

لكن مشكلات كبيرة في المشروع اكتشفت عبر عمليات تفتيش في أغسطس (آب) وسبتمبر (ايلول) 2006 من جانب مكتب المفتش الخاص لإعادة الاعمار في العراق الذي يقوده ستيوارت بوين. وانتقد تقريره بشدة ليس شركة بارسونز وحسب وانما أيضا فيلق المهندسين على الاشراف الذي قال التقرير انه كان ضعيفا بل وغائبا في بعض النواحي. كما أن تقرير بوين اشار الى ان المفتشين وجدوا «دلائل على عمليات احتيال محتملة» في المشروع.

ومن الواضح ان تلك الدلائل ما تزال موضع دراسة. وأول من امس طرح الجيش الأميركي أسئلة حول المشكلات المستمرة مع المشروع على متحدث فريق تدريب الشرطة الذي يعمل مع قوات الأمن العراقية ويحاول الآن اصلاح بنايات الأكاديمية. وقال المتحدث الكولونيل ريفرز جونسون ان عقد بارسون اوقف في مايو (ايار) 2006. وعندما سئل عن مشاكل البناء قال الكولونيل جونسون في رسالة بالبريد الالكتروني انه «بسبب القضايا القانونية القائمة، فانه سيكون من غير المناسب مناقشة القضية بالتفصيل».

وفي 28 سبتمبر(ايلول) 2006، عند صدور تقرير المفتش العام، شهد ايرنست روبنز، نائب الرئيس في بارسونز، امام لجنة الاصلاح الحكومي في مجلس النواب، مشيرا الى ان الشركة ستقوم بمعالجة المشاكل بدون كلفة اضافية. وقال روبنز جوابا على اسئلة طرحها النائب الديمقراطي كريس فان هولين «نحن نقوم بالتصليح بدون كلفة تدفعها الحكومة».

ولكن يوم الأحد الماضي وصف الضابط الأميركي المنسب للمشروع الجديد لإصلاح المشاكل جهدا تفصيليا ومكلفا لإزالة واستبدال أنابيب تصريف المياه في الطوابق كلها. وقال الضابط ان المشكلة خطيرة بحيث ان الجيش الأميركي كان قد ارغم على بناء تأسيسات جديدة في الخارج وإزالة بعض المباني بالكامل والبدء من جديد. وقال الضابط ان «هذه البنايات جميعها مشيدة من قبل شركة بارسونز. الأنابيب سيئة، ومياه وفضلات التصريف تتسرب من السقوف والجدران».

وقال النائب هنري واكسمان، رئيس لجنة الاصلاح الحكومي، في تصريح له، انه ليس هناك عذر لوضع الأكاديمية. وأضاف انه «مر اكثر من عام بدون تحقيق تقدم فعلي في حل المشاكل في أكاديمية الشرطة ببغداد». وتابع ان «أكاديمية الشرطة يفترض ان تكون مشروعا نموذجيا، ولكنها الآن صورة مصغرة لتبديد الانفاق والإشراف غير الكفوء. وقالت الادارة ان هذه الفوضى ستعالج، ولكن الأموال تبدد مرة اخرى ولا يجري تحميل المسؤولية لأحد».

وفي الأكاديمية قال العريف عدي حامد انه بسبب الانهيارات فان الثكنات الواسعة ذات الطوابق الثلاثة التي كان يعيش فيها توجد فيها اربعة مراحيض فقط. وأضاف ان عددا من اللجان الأميركية قد جاءت لدراسة المشاكل، غير أن ما تحقق هو القليل. وقال «انهم يقدمون الوعود حسب».

* خدمة «نيويورك تايمز»