المتحدث باسم الخارجية الإيرانية لـ«الشرق الأوسط» : ليست هناك خلافات بين كبار المسؤولين الإيرانيين حول الملف النووي

محمد علي حسيني قال إن علاقات إيران والخليج أولوية استراتيجية.. وإن «سلوكات» قد تؤثر سلبا على تعاون طهران مع وكالة الطاقة

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني
TT

قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، انه من الطبيعي ان تضطلع القوات المسلحة الإيرانية بحماية أمن البلاد عندما تنطلق تهديدات من القوى الغربية ضد إيران، موضحا في حديث مع «الشرق الأوسط» ان الاستشهاد قضية ذات قيمة عالية في سياق ردع الاعتداءات. وأوضح حسيني انه لا صحة للتقارير التي تحدثت عن وجود خلافات بين كبار المسؤولين الإيرانيين بخصوص الملف النووي الإيراني وطريقة التعامل معه خلال الايام المقبلة قبل اجتماع وكالة الطاقة الذرية المقرر هذا الشهر. وشدَّد المسؤول الإيراني على ان دول الخليج تعرف طبيعة البرنامج النووي لإيران، وان علاقات ايران مع الخليج تشكل «اولوية استراتيجية». كما حذر من أنه إذا أرادت «الدول المتسلطة اعتماد سلوكات غير منطقية واستغلالية»، فإنه من الطبيعي ان تترك مثل هذه الخطوات آثارها السلبية على أجواء التعاون بين طهران ووكالة الطاقة الذرية.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت تصريحات الجنرال علي فدوي قائد سلاح البحرية في الحرس الثوري الذي حذر الاسبوع الماضي من ان قوات «الباسيج» يمكن ان تشن «عند الضرورة» عمليات انتحارية في الخليج مع تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة. وردا على ما إذا كانت هذه التصريحات تعكس وجهة النظر الرسمية الإيرانية: قال حسيني «عندما تنطلق تصريحات ومواقف تصعيدية في إطار حالة انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة، فإن من الطبيعي للقوات المسلحة التي تضطلع بمسؤولية حماية الأمن في البلاد، اعلان استعدادها والتأكد من جهوزيتها في التصدي لمسببات التوتر والاضطرابات الناجمة عن الأطراف الطارئة الآتية من خارج المنطقة». وتابع «الشهادة ظاهرة مقدسة وسامية تؤكد عليها التعاليم الإسلامية التي تعتبر أن عملية الدفاع بوجه العدوان واجب حتمي. وإزاء ذلك، فإن الشهادة هي أيضا قضية ذات أهمية عالية في سياق ردع الاعتداءات. وبالطبع، فإن أية ظاهرة لها موجباتها ومقتضياتها، اضافة الى شروطها الخاصة من حيث الزمان والمكان. الجمهورية الاسلامية الايرانية تعارض اثارة مواقف تحذيرية في نطاق المناطق السيادية للبلدان الاسلامية اساساً. بيد أن ثمة أطرافا ثالثة أخرى تسعى وانطلاقا من سلوكاتها الاستكبارية الى الاخلال بالسلم والاستقرار الاقليمي، وتقويض العلاقات الأخوية والودية السائدة في المنطقة. ان مثل هذه التوجهات تدعو كافة بلدان المنطقة الى التسلح باليقظة والاستعداد اللازم تحسباً لكل الحالات الطارئة». وحول ما إذا كانت إيران قد اتخذت قرارات بخصوص طريقة ردها على أي تصعيد أميركي ضدها. قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية «برأينا فإن تسارع وتيرة التحديات الأميركية، له خلفيات نفسية ودعائية، إلا ان القوات المسلحة للجمهورية الاسلامية هي على أهبة الاستعداد للتعامل مع كافة الاحتمالات، وهي حددت لنفسها برنامجا منسجما ودقيقا لمواجهة التحركات والمغامرات المعادية دفاعا عن سيادة البلاد على النحو المناسب والأفضل». وأثنى حسيني على مسار التعاون بين طهران ووكالة الطاقة الذرية، موضحا ان التقارير الأخيرة لوكالة الطاقة الذرية اشارت الى تعاون إيران في قضايا؛ من بينها آلات الطرد المركزي 1 و2 وملف البلوتونيوم. وتابع: «مسيرة التعاون بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية تتواصل بصورة شفافة وصادقة انطلاقا من الشعور بالمسؤولية. ان إيران باعتبارها عضوا فاعلا في معاهدة حظر الانتشار النووي، كانت ولا تزال تبدي تعاونا أكبر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على امتداد تاريخ تأسيسها. ومسيرة تعاونها واضحة، وتؤكد عليها كافة التقارير الصادرة عن الوكالة في هذا السياق منذ البداية وحتى الآن. دخلت قضية الملف النووي الايراني مرحلة جديدة حيث ظهرت نتائجها خلال التقرير الصادر عن الوكالة بشأن إغلاق ملف البلوتونيوم، وكذلك بشأن قضية منشآت مدينة كرج. وتتم متابعة هذه المسيرة أيضا على مستوى موضوع أجهزة الطرد المركزي 1 و2. ان إيران كانت منذ البداية تنادي بأن قضية الملف النووي السلمي الإيراني، هي قضية تقنية وحقوقية بحتة، ولم يكن من الواجب احالتها الى مجلس الامن الدولي على خلفية التبعية للسياسات الاميركية الاحادية الجانب».

وحول ما إذا كانت إيران تتوقع مزيداً من العقوبات الدولية بعد تقرير وكالة الطاقة الذرية في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري قال حسيني: «إن النتائج الناجمة عن المفاوضات بين إيران والوكالة الدولية ايجابية وبناءة تماما، ولهذا ينتظر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان تعزز مسيرة تعاونها مع طهران مستقبلا، لكن إذا أرادت الدول المتسلطة اعتماد سلوكات غير منطقية واستغلالية، فإن من الطبيعي ان تترك مثل هذه الخطوات آثارها السيئة على أجواء التعاون القائم مع الوكالة». ورفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية التقارير التي صدرت الاسبوعالماضي، وتحدثت عن خلافات داخل القيادة الإيرانية بخصوص طريقة التعامل مع الملف النووي خلال الاسابيع المقبلة. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «طريقة ادارة الموضوع النووي في الجمهورية الاسلامية الايرانية تستند الى عناصر وثوابت لا يمكن الحياد عنها، وهي ايضا حقوق تسلم بها معاهدة حظر الانتشار النووي ولذلك ليست هناك أية خلافات على مستوى كبار المسؤولين في الجمهورية الاسلامية الايرانية بهذا الشأن».

كما شدد حسيني على وجود مشاورات بين إيران من ناحية وبين دول الخليج من ناحية اخرى فيما يتعلق بتطورات الملف النووي الإيراني. وأوضح: «علاقات إيران ومشاوراتها مع دول الجوار كانت ولا تزال تشكل أولوية استراتيجية في اطار تأمين المصالح ومكافحة التهديدات المشتركة.

وفي هذا الإطار، جرت زيارات متبادلة بين المسؤولين الايرانيين والمسؤولين في البلدان الصديقة والشقيقة في المنطقة، باتجاه تعزيز وتطوير هذه العلاقات وزيارة مجالات التعاون الثنائي انطلاقا من القواسم المشتركة والتفاهم بشأن قضايا المنطقة». وأضاف «طبيعة البرنامج النووي الإيراني معروفة وشفافة وواضحة بالنسبة لحكومات البلدان العربية المطلة على الخليج. ايران تعتقد دائما ان الخليج يجب ان يكون منطقة سلام ومحبة وصداقة لجميع بلدانه. وتعتقد ايران ايضا بأنه لا ينبغي السماح للدول الخارجية والقوى السلطوية بشحن الاجواء الودية والحميمة السائدة، وإضعافها من خلال تحركات ومغامرات في المنطقة».