السودان: فشل مفاوضات التسوية بين شريكي الحكومة والوضع يهدد بالانهيار

الترابي: أزمة أبيي قد تؤدي إلى إقدام الجنوبيين على إعلان الانفصال

TT

فشلت لجنة سداسية مشتركة بين أكبر شريكين في الحكومة السودانية، في نزع فتيل الازمة الناشبة بينهما، بسبب البطء في تنفيذ اتفاق سلام شامل ابرم في عام 2005. ورغم ان الحركة الشعبية لتحرير السودان اعلنت ان الوضع يمكن تداركه، الا انها اشارت الى وجود عوامل كثيرة تهدد بالانهيار. وقال مالك عقار نائب رئيس الحركة للصحافيين، ان «اللجنة علقت اعمالها بسبب خلافات حول اسلوب معالجة القضايا الشائكة، واستمرار الخلافات حول تطبيق اتفاق السلام الشامل». وذكر اولا الخلاف حول منطقة ابيي النفطية المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، لكنه اكد ان تعليق اعمال اللجنة، التي تضم ثلاثة جنوبيين وثلاثة شماليين، لا يعني نهاية الحوار لتسوية الأزمة.

وقال عقار ان «اللجنة في حال ترقب للحصول على تعليمات جديدة من الرئيسين»، في اشارة الى الرئيس السوداني عمر البشير والنائب الاول للرئيس زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان سلفاكير. ويختلف الجانبان حول 11 نقطة يتطلب معالجتها. واضاف «كان ذلك الحد الادنى لانقاذ اتفاق السلام الشامل».

وفي الثالث من الشهر الجاري تم الاتفاق على تشكيل اللجنة بين الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني للخروج من الازمة التي نشأت اثر قرار قادة الحركة تعليق مشاركة وزرائهم في الحكومة المركزية في 11 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، احتجاجا على ما اعتبروه عقبات وضعها حزب المؤتمر لتطبيق اتفاق السلام. من جانبه قال ياسر عرمان نائب الامين العام للحركة الشعبية لرويترز امس، ان اللجنة اتخذت قرارا مشتركا بانهاء المحادثات وانتظار اجتماع بين سلفاكير والرئيس البشير، من المرجح أن يعقد الاسبوع الحالي. وتابع عرمان أن الحركة واجهت عدة صعوبات مما حال دون استمرارها مع اللجنة، مشيرا الى أن أبرز مشكلة كانت أبيي. وأضاف أن أعضاء اللجنة قرروا أنه لا يمكنهم العمل معا الى أن يجرى المزيد من المشاورات عن طريق الرئاسة. وقال عرمان انه من الممكن التوصل لاتفاق، على الرغم من المصاعب. وقال باقان اموم الامين العام للحركة الشعبية وعضو اللجنة السداسية، ان من اسباب فشل عمل اللجنة الاختلاف الواضح في منهج عملها حول كيفية تناولها للقضايا المطروحة، مما تعذر على الجانبين تجاوز القضايا الخلافية والوصول الى حلول لها. وقال اموم ان الحركة ترى ان كل القضايا يجب بحثها كحزمة واحدة للوصول لاتفاق، باعتبار ان المشاورات التي تجري في اطار اللجنة السداسية ليست مفاوضات جديدة انما اجتهادات لتذليل العقبات التي منعت تنفيذ الاتفاق. وطبقا للمسؤول في الحركة الشعبية فان الوضع الان مرشح للانهيار، وتمنى ان يدرك الطرفان هذا الواقع، باعتبار ان عدم تنفيذ اتفاق السلام سيفتح الباب لكافة الاحتمالات بما فيها السقوط في الهاوية. من جانبه، استهجن حزب المؤتمر الوطني على لسان كمال عبيد، مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب، اتهامات اطلقها النائب الأول سلفا كير في ندوة بواشنطن، بتمكين الهوية العربية الاسلامية في السودان اخيراً، وقال عبيد ان أحاديث النائب الأول «إذا ما صح أنها جاءت على لسانه»، فإن كير يكون قد ابتعد عن الاجندة الوطنية التي يفترض ان يراعي فيها الاطراف الاتفاق. وقال ان الحديث عن الهوية العربية والاسلامية يجب ان يكون له احترامه بالخارج، لاسيما ان العروبة والاسلام هما أكثر ما يميز غالبية الشعب السوداني.

واستنكر عبيد، ما ورد من اتهامات حول شراء الجنوبيين بالاموال والمناصب، واضاف: «لماذا لا يقال مثل هذا الحديث في اجتماعات الرئيس ونائبه الأول؟» ومضي يقول «يبدو ان مصالح المواطن الجنوبي أصبحت مختطفة لدى مجموعة ضيقة من قيادات الحركة الشعبية، والمواطن الجنوبي يجب أن يدرك هذا جيداً». وأكد عبيد ان حزبه لا يشتري أحدا بالمال، بل انه الحزب السوداني الوحيد الذي انهى الحرب بصورة عملية بالبلاد، وان «الحزب يراهن على القناعات بأهمية استدامة السلام لمصلحة كل أهل السودان».

وعقد وفد من الحركة الشعبية امس اجتماعا لافتا مع موسى أحمد مساعد رئيس الجمهورية رئيس جبهة الشرق، التي وقعت العام الماضي اتفاقا مع حزب المؤتمر الوطني انهى الحرب في شرق البلاد. وقال مالك عقار عضو الوفد في تصريحات، إن اللقاء تطرق للقضايا السياسية، ومن بينها القضايا المتصلة بانفاذ اتفاقيتي نيفاشا والشرق بجانب الأزمة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والجهود المبذولة لتجاوزها ومعالجة القضايا العالقة بين الشريكين. فيما قال باقان اموم ان اجتماعهم بممثلي جبهة الشرق يأتي في اطار حث الموقعين على اتفاق الشرق بتنفيذ الاتفاقية بشكل كامل والاستفادة من الاشكالات التي تواجه اتفاقية السلام والمهددات الناتجة عن ذلك، خاصة ان السودان احوج ما يكون الى تنفيذ صادق وامين للاتفاقيات بدلاً من نقض العهود والمواثيق. وحذر الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي المعارض من اقدام الجنوبيين نحو إعلان الانفصال بسبب النزاع حول منطقة ابيي الغنية بالنفط. وقال الترابي لرويترز «انني أدرك الآن ان هذه القضية تشكل مسألة حرجة جدا قد تؤدي الى مخاطرة شديدة تتعلق باتفاق السلام». واضاف «انه استفزاز قد يؤدي الى شروع الجنوبيين مباشرة نحو اعلان الانفصال». ويقول المراقبون ان قضية ابيي اكبر عقبة امام المصالحة بين الشمال والجنوب. وقال الترابي انه لم يفاجأ بانسحاب وزراء الحركة الشعبية من الحكومة، لانه القى باللوم على الجنوبيين لتركيزهم أكثر من اللازم على الجنوب على حساب الحياة السياسية الوطنية العامة، حيث هم الان شريك مهم في ائتلاف الحكومة. من ناحية اخرى، اتهم وزير الدولة بوزارة الداخلية السابق، ووزير الدولة بوزارة الزراعة المجمد أليو أجانق أليو، الجيش الاوغندي بالتورط في اغتيال رئيس الحركة الشعبية السابق، دكتور جون قرنق في حادث تحطم طائرة عام 2005. وأضاف أليو في مقابلة صحافية مع صحيفة «نيو سودان فيشن»، مقرها كندا، أن وزير الدفاع الاوغندي السابق، أماما بابازي، يعلم الكثير عن اغتيال الدكتور قرنق. وقال إن رحلة قرنق الأخيرة كانت بغرض استرجاع دبابات استوردها الجيش الشعبي عبر اوغندا، مشيراً إلى عدم رضى كمبالا عن الدكتور قرنق بسبب اتهامها له بالتساهل مع قوات جيش الرب الموجودة بالجنوب.