الصومال: القوات الإثيوبية تهاجم أحياء مقديشو.. وأويس يتهمها بشن حرب إبادة

مصر: قوات أديس أبابا في الصومال أصبحت جزءاً من المشكلة وسبباً رئيسياً للاحتقان الداخلي

TT

ارتفع عدد القتلى والجرحى في الأحداث الدامية التي تشهدها العاصمة الصومالية مقديشو حالياً إلى نحو 350 شخصاً، وفقا لروايات مصادر حكومية وقوات حفظ السلام الأوغندية بالإضافة إلى سكان مقديشو. وانهالت القوات الإثيوبية بقذائفها امس على الأحياء السكنية انتقاما على ما يبدو للخسائر التي تكبدتها في وقت سابق على مدى اليومين الماضيين، فيما تمكنت المعارضة المسلحة من قتل سبعة جنود إثيوبيين تم سحل جثث اثنين منهم في الأقل بضواحي العاصمة وسط حشود في مشهد أعاد إلى الأذهان المواجهات التي تعرضت لها هذه القوات لدى سيطرتها على العاصمة، نهاية العام الماضي، بعد طرد ميلشيات تنظيم المحاكم الإسلامية منها. وطالب زعيم المحاكم امس بلجنة تحقيق عربية ودولية محايدة للتحقيق في «هذه الجرائم»، واتهم اديس ابابا بشن حرب ابادة، فيما اتهمت مصر القوات الاثيوبية بانها باتت جزءاً من المشكلة. وضاعفت هذه الأحداث عدد النازحين من مقديشو إلى خارجها هرباً من جحيم المعارك التي لا يبدو أنها ستتوقف قريبا في ضوء تأكيد طرفيها استمرارها. وتعهد تنظيم المحاكم الاسلامية على لسان رئيسه الشيخ حسن طاهر أويس باستمرار مقاومة الاحتلال الإثيوبي، وقال في اتصال بـ«الشرق الأوسط» من مقر إقامته في العاصمة الإريترية أسمرة، «ان القوات الإثيوبية الداعمة للسلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي عبد الله يوسف تشن ما وصفه حرب إبادة ضد سكان مقديشو وتقتل المدنيين العزل بدم بارد وتمارس عمليات انتقام مروِّعة بدعوى بحثها عن عناصر مناوئة لها». وقال مسؤول في الحكومة الصومالية لـ«الشرق الأوسط» إن مئات العائلات نزحت إلى خارج المدينة بشكل هستيري وسط مخاوف من تحول العاصمة إلى مدينة للأشباح على حد تعبيره. ورفض المسؤول الذي طلب عدم تعريفه إلقاء مسؤولية المجزرة التي تعرض لها سكان مقديشو على عاتق القوات الإثيوبية. وقال إن مَنْ وَصَفهُمْ بالإرهابيين يتحملون مسؤولية ما حدث بسبب اتخاذهم من الأحياء السكنية مركزا لهجماتهم وتعريض المدنيين للخطر. لكن مصادر دبلوماسية غربية تحدثت أمس عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط» من مدينة بيداوة التي تبعد 240 كيلومترا جنوب مقديشو، قائلة ان القوات الإثيوبية تعمدت على ما يبدو استهداف الأحياء السكنية لتوجيه رسالة دموية مباشرة إلى المدنيين بعدم التعاون مع فلول المعارضة الصومالية وتقديم أي دعم أو مأوى لهم.

وتأتى هذه التطورات لتضاعف من مأزق الرئيس الصومالي عبد الله يوسف، خصوصا بعدما استبعد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إرسال المنظمة الدولية أيَّ قوات لحفظ السلام في الصومال، معتبرا أن هذا أمر غير قابل للتنفيذ بسبب تدهور الوضع الأمني في الدولة التي تشهد منذ عام 1991 حرباً أهلية طاحنة بدون توقف.

ويجري يوسف مشاورات موسعة حاليا في العاصمة الكينية نيروبي، مع نظيره الكيني مواي كيباكي وممثلي الدول المانحة للمساعدات للصومال بشأن اختيار رئيس جديد للحكومة الانتقالية خلفاً لرئيس الوزراء المستقيل على محمد جيدي. ونفى مسئولون مقربون من يوسف ما تردد عن اعتزامه تسمية عبد الله عثمان، وهو صومالي يحمل الجنسية الأميركية ويقيم منذ سنوات في ولاية مينسوتا كرئيس للوزراء. وأكد هؤلاء أن عثمان يسعى لتزكية نفسه كمرشح من بين المتنافسين السبعة، لكن الرئيس الانتقالي لم يتخذ قراره بعد في انتظار ما ستسفر عنه مشاوراته مع مختلف الأطراف في الداخل والخارج.

وعمل عثمان لبعض الوقت كمتحدث باسم تنظيم المحاكم الإسلامية عندما سيطر على مقديشو، العام الماضي ولمدة ستة أشهر، لكنه سرعان ما تعرض للطرد من منصبه قبل أن يتجه إلى الولايات المتحدة.

من جانبه، دعا الشيخ أويس الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي إلى التدخل فورا لوقف هذه المجازر ومنع القوات الإثيوبية من الاستمرار في عملياتها العسكرية. وقال أويس انه يتعجب من الصمت الذي التزمه الاتحاد الأوروبي والذي يتشدَّق بحقوق الإنسان حيال ما يجري في مقديشو، معتبرا أن التاريخ سيدين سكوت مجلس الأمن والأمم المتحدة أيضاً. وقال أويس إن القوات الإثيوبية ارتكبت كل المحرمات وقتلت الأطفال والنساء والشيوخ في مذبحة جماعية دامت ثلاثة أيام دون أن يتحرك العالم ولو بكلمة لإدانة ما حدث والذي يماثل فى تقديره المذابح التي ارتكبت ضد المسلمين بالبوسنة والهرسك في التسعينات.

إلى ذلك، بدأ حسين عيلابي فاهيا وزير الخارجية الصومالي زيارة إلى السعودية على رأس وفد يضم نائبه حسن أحمد جامع والعقيد عبد الله جافو مدير إدارة الهجرة والجوازات بالخارجية الصومالية. وقال محمد محيي الدين وكيل وزارة الداخلية الصومالية من مدينة جدة إن الوفد الصومالي سيبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية والدور السعودي فى دعم عملية السلام والمصالحة في الصومال بالإضافة إلى مناقشة الإجراءات المتعلقة بقدوم الصوماليين إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك الحج لهذا العام.

وفيما يعد تغيراً بالغَ الأهمية في الموقف المصري من القوات الأثيوبية الموجودة في الصومال، دعت مصر الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، ممثلة في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومجموعة الاتصال الدولية إلى البحث عن بدائل سريعة وفعالة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال، وتعجل بخروج القوات الإثيوبية. وقالت مصر على لسان حسام زكي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، «إن القوات الإثيوبية أصبحت سبباً رئيسياً من أسباب الاحتقان الداخلي وجزءا من المشكلة لا الحل».