واشنطن تعتبر سلامة ترسانة إسلام آباد النووية بأهمية أمن ترسانة حلفائها الغربيين

الاستخبارات الأميركية قلقة من حالة «عدم الاستقرار» داخل الجيش الباكستاني

TT

حينما علمت الولايات المتحدة في عام 2001 أن علماء باكستان يشركون أعضاء من «القاعدة» بالأسرار النووية، كان رد إدارة بوش تخصيص عشرات الملايين من الدولارات لنصب أجهزة تدقيق لأي تسلل وأنظمة للتعرف على هوية العاملين لضمان سلامة الأسلحة النووية الباكستانية.

لكن باكستان ظلت متشككة في أهداف الولايات المتحدة وتجنبت السماح للخبراء الأميركيين الوصول إلى نحو خمسة مخابئ تضم مكونات ترسانتها الحربية المشكلة مما يقرب من 50 سلاحا نوويا. وبالنسبة للمسؤولين في واشنطن الذين يتابعون الآن الأزمة السياسية في باكستان أعطت هذه التجربة قدرا من الطمأنينة وكذلك قدرا آخر من القلق.

بالنسبة لواشنطن، تعتبر حماية اسلحة باكستان النووية مهمة كحماية الأسلحة النووية في الدول الغربية. لكن قلق المسؤولين الأميركيين يعود إلى محدودية معرفتهم بمواقع هذه الأسلحة والظروف المحيطة بها، إذ أن غياب القدرة على التدخل المباشر يجعلهم عاجزين عن منع وقوع هذه الأسلحة بيد أيدي غير مخول لها الوصول إليها.

وقال مسؤول أميركي سابق قريب من الإجراءات الأمنية المتجددة: «نحن لا نستطيع أن نقول بيقين مطلق أين تقع هذه الأسلحة» إن أرادت الولايات المتحدة أن تمسك الأسلحة لمنع فقدانها. وقال المسؤول نفسه: «يمكن أن يترتب على ذلك حالة شديدة من الفوضى».

وقال المسؤولون الأميركيون إن حكومة إسلام آباد تمتلك حدا ضئيلا من الاستقرار وهناك بعض الأراضي الباكستانية تحت سيطرة المتمردين الذين هم على استعداد لاقتراف أعمال إرهابية في الدول الغربية. وأولئك الأشخاص العاملون في الحقل النووي مثل عبد القدير خان يبعث على القلق نظرا لسجله في بيع تصاميم نووية أو تكنولوجيا حساسة لأطراف أخرى، إضافة إلى تعاونه مع عدد من الضباط الباكستانيين.

ودفع ذلك السجل مع سياسة مكافحة الإرهاب الأميركية منذ هجمات 11 سبتمبر(ايلول) 2001 إدارة بوش إلى القلق من أن الترسانة النووية الباكستانية قد يمكن استخدامها في حرب ضد الهند، وهذا ما قد يؤدي إلى تحولها إلى خطر على أمن الولايات المتحدة الداخلي في حال تعرضها لسرقة أو نقلها إلى جماعات إرهابية.

وبسبب فداحة المخاطر وضعت إدارة بوش خطط طوارئ للتدخل لمنع أعمال سرقة من هذا النوع في باكستان. ولم يتحدث المسؤولون عن تفاصيل هذه الخطط، لكن بعض المسؤولين السابقين قالوا إن الخطط تحدد ما يمكن فعله لإزالة سلاح نووي على وشك الوقوع بيد الإرهابيين. والخطط المذكورة تفترض أنه في أحسن الأحوال ان المسؤولين العسكريين الباكستانيين سوف يساعدون الأميركيين على إزالة التهديد. وفي سيناريوهات أخرى لا تتوفر مساعدة من هذا النوع، حسبما قال مات بان الخبير بالأسلحة النووية والمسؤول العلمي السابق في البيت الأبيض خلال حكم كلينتون. وأضاف: «نحن ما زلنا بعيدين عن أي سيناريو من هذا النوع. لكن الغليان السياسي الحالي يعزز الحاجة للقيام بما يجب لتحسين التعاون والتفكير بعمق حول ما قد يحدث على الطريق».

أما جون ماك لوغلين الرجل رقم 2 فيـالـ«سي آي أيه» بين عامي 2000 و2004 فقد قال: «إذا لم يصبح الوضع أكثر اضطرابا فإن الحكمة التقليدية حول الأمن النووي تصبح موضع تساؤل». وأشار إلى أن الجيش الباكستاني أصبح أكثر اختلافا مما كان عليه في السابق، عاكسا الاختلافات الدينية والاثنية للبلد. وأضاف: «ذلك مختلف عما كان عليه الحال قبل سنوات».

وقال مسؤولون سابقون في أجهزة الاستخبارات الأميركية، إن المخاوف الأميركية ناجمة عن حالة عدم الاستقرار في الجيش الباكستاني، الذي قد بدأ يظهر قدرا من التوتر بسبب الضغوط الغربية لتحسين عمله في مكافحة الإرهاب، وحينما أعلن الرئيس مشرف حالة الطوارئ الأسبوع الماضي أثار موجة واسعة من الفوضى وما ترتب عليه من فرض إجراءات صارمة قامت بها الشرطة على الجماعات السياسية المعارضة. والمخاوف واردة من حدوث سرقات للأسلحة النووية في حالة تآكل سلطة الحكومة أو وقوع التفكك فيها إلى الحد الذي يمتد إلى المكونات النووية وتصاميم القنابل والمواد الخاصة مثل اليورانيوم المخصب. وخلال السنوات الأخيرة اعترفت باكستان مرتين بأن علماءها النوويين سربوا معلومات أو أجهزة نووية حساسة إلى أطراف أجنبية بما فيها إلى أعضاء في «القاعدة».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)