الإمارات: قلق من تأثير تزايد أعداد العمالة المنزلية على التركيبة السكانية

خدم المنازل يشكلون 30% من السكان

قلق اماراتي من تأثير تزايد أعداد العمالة الأجنبية على التركيبة السكانية (رويترز)
TT

الاماراتيون أقلية في بلادهم والتركيبة السكانية تقلقهم.. هذا هو العنوان الرئيسي لأخطر قضية اماراتية. أما في التفاصيل، فإن هناك من المشاكل الكثير الذي يقلق الشارع المحلي في هذا الجانب، من توافد العديد من الأجانب للإقامة بينهم، إلى وجود مئات الآلاف من العمالة المقيمة بصورة غير نظامية، وصولا إلى الزيادة غير الطبيعية في عدد العمالة المنزلية التي تشكل أكثر من 30 في المائة من المواطنين، و5 في المائة من إجمالي السكان، في الوقت الذي تشير التقارير الاقتصادية إلى ضرورة عدم ارتفاعها عن 2 في المائة في أسوأ الأحوال.

ويتخوف المراقبون في الامارات من التأثير السلبي الذي تنامى بصورة واضحة في السنوات الأخيرة، لتزايد أعداد العمالة المنزلية، مقارنة بحجم المواطنين. والأرقام التي تدعم هذا التشاؤم الاماراتي تشير إلى أن أبوظبي وشقيقاتها من الامارات السبع هي أعلى مناطق العالم استهلاكا للعمالة المنزلية، مقارنة بعدد السكان.

وتقول ميساء راشد غدير، عضو المجلس الوطني الاماراتي، إن الدولة يمكنها محاصرة هذه المشكلة بدءاً بتوعية الأفراد والأسر نفسها التي أصبح بعضها يبالغ في استخدام العمالة لدرجة تصل فيها عدد العمالة المنزلية إلى عدد أفراد الأسرة وأكثر، «فهذه الأسر لا بد أن تتحمل مسؤولية خلل التركيبة السكانية الذي تشكو منه، من خلال عقلنة اعتمادها على العمالة المنزلية».

وبحسب الأرقام الرسمية، فإن حجم العمالة المنزلية يقدر بنحو 268 ألف عامل، أما حجم العمالة المنزلية في إمارة أبوظبي وحدها فيقدر بنحو 6 في المائة من إجمالي عدد سكان الإمارة، أي نحو 120 ألف عامل، بينما تشير الإحصاءات إلي الزيادة بنسبة 15 في المائة في إمارة أبوظبي. وفيما يبلغ عدد السكان المقيمين في الامارات ما يقارب 3.2 مليون نسمة، فإن عدد السكان من المواطنين لا يزيد على 825 ألف نسمة، بحسب الإحصاء الرسمي للدولة.

ويرمي المسؤولون الرسميون بالمسؤولية أحيانا على بعض الأسر التي لديها عمالة منزلية أكثر من عدد أفراد الأسرة، بل أن الإحصاءات تشير إلى أن معظم الأسر لديها عمالة منزلية تزيد على حاجتها، وأحيانا يدخل ارتفاع العدد في مجال التفاخر والتباهي.

وبحسب ميساء غدير، فان دور الدولة يبرز أيضا من خلال التشريعات والقوانين التي تضع فيها خصوصية للأسرة من خلال اعادة النظر في عدد ساعات العمل ووقتها، إن كانت صباحا او مساء، «لاسيما بالنسبة للمرأة، وما يتعلق بذلك من إجازات الوضع والأمومة التي تجعل المرأة بشكل خاص في منأى عن الاعتماد على المزيد من العمالة المنزلية التي تضطر لها بسبب طول ساعات العمل، وبسبب عدم منحها إجازات كافية تتفرغ بها لتربية الأبناء».

وتقول دراسة أعدتها غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، إن حجم إنفاق الأسر بدولة الإمارات العربية على خدم المنازل بنحو 3 مليارات درهم سنويا (817 مليون دولار)، تساهم إمارة أبوظبي بنسبة 46 في المائة من حجم الإنفاق السنوي على الخدم أي بحوالي 1.3 مليار درهم سنويا.

وتعتبر القضية السكانية، قضية وطنية على أرفع المستويات بالامارات. كما أنها تعتبر من أهم القضايا العامة التي لا يمكن قصر مسئوليتها عن قطاع أو وزارة والأجهزة والهيئات الحكومية وغير الحكومية. ويؤكد المسؤولون الاماراتيون باستمرار أهمية الاتفاق على مواجهة القضايا السكانية، باعتبارها جزءاً أساسياً من استثمارات الدولة التي يجب على المجتمع توفيرها.

وأقرت الإمارات أخيرا تشكيل لجنة وطنية دائمة تتولى مسؤولية رسم الخطط ووضع السياسات والاستراتيجيات لدولة الإمارات، بما يتوافق مع المصلحة والثوابت الوطنية ومع مراعاة التنمية ومتطلبات التطوير خلال المرحلة المقبلة.

وتعتبر دول الخليج العربي عامة ودولة الإمارات العربية المتحدة خاصة من أكبر مستهلكي العمالة المنزلية على المستوى العالمي قياساً إلى عدد السكان. وتشير إحصاءات وزارة الداخلية الاماراتية إلى متوسط إجمالي عدد تأشيرات العمالة المنزلية التي تم إصدارها خلال عام 2007 بما يتجاوز 83 ألف تأشيرة عمل. وتسيطر العمالة المنزلية الإندونيسية والفلبينية على أكثر من 80 في المائة من حجم السوق وتتصدر الخادمات الفلبينية المركزَ الأولَ مقارنة مع الجنسيات الأخرى من العمالة في منازل الأسر الإماراتية التي تستقدم ما يزيد على 65 في المائة من العمالة الفلبينية سنوياً رغم تفاقم الأزمات بين الحين والآخر التي تواجه عمليات الاستقدام من الفلبين. وكذلك ارتفاع أسعار الاستقدام ومرتبات العمالة الاندونيسية وصعوبة إجراءات العمل والعمال.

وتشير الأرقام إلى أن 2.6% من إجمالي الأجور في الامارات تدفع للعمالة المنزلية، أي حوالي 3 مليارات درهم منها، وتدفع 1.4 مليار درهم للعمالة المنزلية في العاصمة أبوظبي وحدها، أي ما يعادل 3 في المائة من إجمالي الأجور في إمارة أبوظبي. و98 في المائة من أجور العمالة المنزلية يتم تحويلها إلى خارج الدولة.