قمة رباعية مصرية ـ سودانية ـ يمنية ـ عراقية تبحث اجتماع أنابوليس والعراق ودارفور

العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني يزوران مصر

الرؤساء مبارك والبشير وصالح وطالباني خلال القمة الرباعية في القاهرة امس (رويترز)
TT

شهدت القاهرة امس قمة رباعية ضمت الرئيس المصري حسني مبارك مع رؤساء السودان عمر البشير، والعراق جلال طالباني، واليمن علي عبد الله صالح، جرى فيها مناقشة القضايا العربية، وجهود إحلال السلام في المنطقة، واستبق مبارك القمة باجتماع ثنائي مع البشير، فيما أعقبها (القمة)، بإقامة مأدبة غداء تكريماً لهم.

وصرح السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بأن الرئيس مبارك سيستقبل مساء اليوم (أمس) الأحد كل من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن).

وقال عواد إن هذا الملتقى العربي في القاهرة يأتي للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب العربية الحادية عشرة التي يفتتحها الرئيس مبارك مساء اليوم (أمس)، وأشار إلى أن باقي ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية الآخرين قد أنابوا من يمثلوهم في هذه الدورة.

وقال إن الرئيس مبارك في مشاوراته أمس مع الرؤساء الثلاثة وعلى مأدبة الغداء التي أقامها على شرفهم تطرق معهم إلى مجمل الوضع العربي والمستجدات على الساحة العربية بتركيز خاص على الوضع في العراق ودارفور واجتماع السلام المقبل في أنابوليس بالولايات المتحدة.

وردا على سؤال حول تحرك نائب الرئيس السوداني رئيس الحركة الشعبية السودانية سلفا كير في الولايات المتحدة وما إذا كانت تناولت المباحثات قضية فصل الجنوب، قال السفير سليمان عواد: لا ينبغي أن ننظر بهذه القتامة والتشاؤم إلى مستقبل السودان الواحد، فهناك بوادر عديدة طرأت خلال الأيام القليلة الماضية تؤكد انفراج الأزمة التي وقعت بين الخرطوم وجوبا وبين الشمال والجنوب السوداني فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق السلام الشامل.

وأشار إلى أن الرئيس مبارك كان قد أوفد وزير الخارجية أحمد أبو الغيط والوزير عمر سليمان (رئيس جهاز المخابرات) إلى كل من الخرطوم وجوبا حيث التقيا هناك بالرئيس السوداني عمر البشير وسيلفا كير.

وقال معلقاً: إنه لا ينبغي أن نستبق الأحداث فهذه الأزمة في طريقها إلى الانفراج، فهناك خلافات في وجهات النظر حول عدد من بنود اتفاق السلام الشامل وفق إطار اتفاقي ماشاكوس ونيفاشا تتعلق ببعض المشاكل، من بينها الخلاف حول ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، ومنطقة جبال النوبة ومنطقة آبي، وانتشار الجيش السوداني في الجنوب ودمج الجيش الجنوبي في الجيش السوداني وكل هذه المشاكل بين أشقاء وأصدقاء.

وأكد السفير عواد أهمية المضي في تنفيذ اتفاق نيفاشا للسلام الشامل بحسن نية من كلا الجانبين، وقال «إن الرئيس مبارك لا يألوا جهدا في التدخل وتربطه علاقات إخوة بالسودان شمالا وجنوبا». وفيما يتعلق بتحرك سيلفا كير بالولايات المتحدة قال السفير عواد نعلم أنه حاول أن يرتب له اجتماع بمجلس الأمن بصفته رئيسا لحكومة جنوب السودان وليس بصفته نائبا أول لرئيس جمهورية السودان، مشيرا إلى أن عددا من أعضاء مجلس الأمن اعترضوا على ذلك ولم تتم المقابلة بهذه الصفة. وأضاف عواد أن مصر تأمل أن يتم تنفيذ اتفاق السلام الشامل بين الشمال والجنوب بحسن نية ونأمل أن يتسع هذا الاتفاق ليشمل سلاما مماثلا في دارفور وسلاما مماثلا مع جبهة الشرق وأنه لا ينبغي أن نستبق الأحداث بالحديث عن انفصال الجنوب حيث يحدد اتفاق السلام الشامل إجراء استفتاء يتم عام 2011 ونأمل أن يظل السودان سودانا عربيا موحدا كما نعرفه. وردا على سؤال عما إذا كانت المباحثات بين الرئيس مبارك والبشير قد تطرقت لاتصالات مصر مع الفصائل الدارفورية التي لم تشارك في اجتماع سرت بليبيا والخاص بدارفور قال عواد: إننا نلمس تجاوبا من هذه الفصائل، مشيرا إلى أن الرئيس مبارك أعطى توجيهاته لوزير الخارجية والوزير عمر سليمان بمواصلة اتصالاتهما مع الفصائل التي قاطعت مفاوضات سرت. أضاف عواد أن الاتصالات المصرية المستمرة لا تبغي إلا احتواء الوضع في دارفور على نحو يجنب السودان تدخلات خارجية، نحن والمنطقة في غنى عنها.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن الرئيس مبارك عازم على مواصلة هذه الاتصالات.

وعما إذا كان يتم بلورة رؤية عربية بشأن اجتماع أنابوليس للسلام قال عواد: أنه لا يمكن الحديث عن رؤية عربية ولكنه أكد أن الرئيس مبارك يتمنى مخلصا أن ينجح هذا الاجتماع مشيرا إلى أن الاجتماع لن ينجح بأن نعود إلى خارطة الطريق التي تم إطلاقها عام 2003 ولم تتقدم بوصة واحدة منذ ذلك التاريخ. وقال السفير عواد «إن خارطة الطريق تجاوزت أطرها الزمنية فيما يتصل بمراحلها الأولى والثانية والثالثة، ويمكن أن تكون خارطة الطريق إحدى مرجعيات هذا الاجتماع الدولي الهام ولا يجب أن تكون هي المرجعية الوحيدة لهذا الاجتماع. وأشار السفير عواد إلى أن خطة خارطة الطريق تم استخدامها كمشجب وذريعة تعلق عليه مسؤولية جمود عملية السلام لسنوات، موضحا أن هناك مرجعيات عديدة يجب أخذها في الاعتبار منها قرارات الشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، وأسس ومبادئ عملية السلام والقواعد المستقرة للقانون الدولي، وأسس ومبادئ عملية مدريد وأهمها مبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية. وقال عواد نأمل أن يتوصل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي إلى وثيقة سياسية مشتركة بحسن نية لكي تمثل أساسا قويا ينطلق منه اجتماع أنابوليس كإطار لمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في إطار زمني محدد حتى لا يتم التفاوض إلى الأبد. وردا على سؤال عما إذا كانت القمة الرباعية قد تطرقت إلى مشاكل معينة في العراق قال عواد: إن الرئيس مبارك يولي اهتماما كبيرا لإنجاح العملية السياسية في العراق على نحو يوقف نزيف الدماء ويستعيد سيادة العراق واستقلاله ووحدة أراضيه بعيدا عن آية دعاوى للتقسيم أيا كانت مبرراتها. وأوضح عواد أن الرئيس مبارك صرح بهذا المعنى أكثر من مرة وأعاد تأكيده اليوم وقال إن الشرط الضروري لإنجاح العملية السياسية هو الابتعاد عن كل النوازع الطائفية والعرقية فلا فرق بين عربي وكردي ولا فرق بين مسلم سني أو مسلم شيعي. وأضاف أنه يشترط لنجاح العملية السياسية أيضا الحفاظ على هوية العراق ووحدته، وأن الرئيسين مبارك وطالباني تحدثا عن كل ذلك. كما تحدثا عن الوضع في شمال العراق. مؤكدا موقف مصر هو دعوة كلا الجانبين (العراقي والتركي) إلى ضبط النفس، وعدم السماح لحزب العمال الكردستاني بدق إسفين بين دولتين جارتين. وكان الرئيس حسني مبارك قد استهل لقاءاته أمس باجتماع عقده (صباحاً) مع جاك روج رئيس اللجنة الاوليمبية الدولية الذي يزور مصر حاليا لحضور افتتاح الدورة الرياضية العربية الحادية عشرة التي تبدأ فعالياتها اليوم باستاد القاهرة بمشاركة 7 آلاف رياضي يمثلون 22 دولة يتنافسون في 23 لعبة.

إلى ذلك يلتقي الرئيس حسني مبارك اليوم، مع الزعيم الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الذي بدأ زيارة لمصر أمس، بعد حوالي شهر ونصف من زيارته الأخيرة للعاصمة المصرية، والتي تمت في 30 سبتمبر (ايلول) الماضي.

ومن المقرر أن يطلع عباس، الرئيس مبارك على تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، ومحادثاته مع وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس خلال زيارتها الأخيرة لرام الله، وما أعلنه الجانب الفلسطيني، مؤخرا حول استعداد السلطة الفلسطينية لتطبيق المرحلة الأولى لخطة خارطة الطريق لكن بشكل متوازن، ومتوازي مع إسرائيل، وكذا مطالبة الجانب الفلسطيني بتشكيل لجنة ثلاثية (فلسطينية، إسرائيلية، أميركية)، لمتابعة التنفيذ وأن يكون الطرف الأميركي هو الحكم في التنفيذ.

وسيلتقي عباس في القاهرة مع المنسق الأمني للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي بدأ هو الآخر زيارة لمصر مساء أمس قادما من مدريد في جولة بالمنطقة تشمل إلى جانب مصر، كلا من تل أبيب والأردن ولبنان.

وأكدت مصادر المفوضية الأوروبية بالقاهرة أهمية هذه الجولة التي تأتي بعد حوالي 40 يوما من جولته الأخيرة، للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث يلتقي الطرفان في الولايات المتحدة بدعوة من واشنطن وسط آمال بإمكانية التوصل لاتفاق فلسطيني ـ إسرائيلي ينهي النزاع بينهما.