كوريا الجنوبية: معسكرات جبلية لعلاج الإدمان على الإنترنت

90% من البيوت مربوطة بالشبكة بأسعار رخيصة عبر نظام النطاق العريض

معسكرات بين المروج الخضراء في كوريا الجنوبية للشفاء من ادمان الانترنت («نيويورك تايمز»)
TT

تشبه برامج المعسكر الذي هو مركز تأهيلي لمعالجة حالات الإدمان ما هو سائد في العالم لمساعدة الشباب المضطربين. فالمدربون يسيّرون الشباب عبر دورات تشبه الدورات العسكرية ويجري المستشارون جلسات جماعية وهناك مشاغل علاجية من خلال التعليم على الخزف والنقر على الطبول.

لكن هؤلاء الشباب لا يكافحون إدمانا على الكحول أو المخدرات بل هم مدمنون على شيء جديد هو استخدام الكومبيوترات والانترنت.

وهم يأتون إلى هنا إلى ما يعرف بـ «مدرسة الانقاذ من الانترنت» وهو أول معسكر من نوعه في كوريا الجنوبية وربما في العالم للعلاج من الإدمان على الانترنت.

وتفتخر كوريا الجنوبية في كونها البلد رقم واحد على الأرض من حيث الارتباط بالانترنت. وفي الحقيقة ليس هناك بلد يستخدم الانترنت مثلها. ويرتبط 90% من البيوت بالانترنت بأجور سريعة ومن خلال نظام النطاق العريض وبأسعار رخيصة، واللعبة الوطنية رقم «واحد» التي يتابعها الكثير من الناس عبر الانترنت هي المقامرة والحياة الاجتماعية تدور حول «بي سي بانغ» وهو ردهة للانترنت متواجدة في كل شارع ومنعطف.

وتم تشخيص استخدام الانترنت بطريقة ملزمة (كعادة قسرية) باعتبارها مسألة تخص الصحة العقلية في بلدان أخرى، بما فيها الولايات المتحدة. مع ذلك فإنها قد تكون مشكلة حادة في كوريا الجنوبية لأن البلد مربوط بالانترنت بشكل شبه كامل.

وأصبحت هذه المسألة ذات طابع قومي خلال السنوات الأخيرة مع بدء تعرض بعض مستخدمي الانترنت إلى الموت بسبب الإرهاق من استعمال الانترنت بعد ممارسة الألعاب لأيام متعاقبة. وترك عدد من الطلبة مدارسهم كي يبقوا على الانترنت، وهذه الظاهرة تتعارض مع مجتمع تسوده روح المنافسة القوية.

هناك ما يقرب من 30% من أولئك الذين تقل أعمارهم عن الثمانية عشر عاما أي حوالي 2.4 مليون شخص، في حالة خطرة من الإصابة بإدمان الانترنت، حسبما قال أهن دونغ ـ هايون الطبيب المتخصص في علم النفس الخاص بالأطفال في جامعة هانيونغ في سيول وهو أكمل للتو استقصاءا مولته الحكومة حول المشكلة.

وهؤلاء الفتيان يقضون ما لا يقل عن ساعتين كل يوم على الانترنت حيث يلعبون الألعاب أو يتبادلون الدردشة. ومن بينهم هناك ربع مليون فرد أظهروا إدمانا حقيقيا مثل عدم القدرة على التوقف عن استخدام الكومبيوترات ومستوى عال من الحماسة التي تدفعهم للبقاء ساعات أكثر على الانترنت مع بروز أعراض الانطواء مثل الغضب والتوق الشديد حينما يمنعون من الارتباط بالانترنت.

ولمعالجة هذه المشكلة بنت الحكومة شبكة تضم 140 مركزا في الجبال لمعالجة الإدمان على الانترنت إضافة إلى برامج علاجية في ما يقرب من 100 مستشفى وفي الفترة الأخيرة أسست معسكر للإنقاذ من الانترنت والذي بدأ في الصيف الماضي. وطور الباحثون قائمة من الأعراض لتشخيص حالات الادمان لتحديد من هو مصاب به. وبدأ الأطباء في الصين وتايوان يشيرون إلى حالات خلل متشابهة بين الشباب. وفي الولايات المتحدة يقدر السيكولوجي من مركز أوريغون في جامعة الصحة والعلوم عدد المصابين بالإدمان على الانترنت في الولايات المتحدة بـ9 ملايين شخص. وقال: «كوريا هي السباقة في معالجة هذه الظاهرة».

وتدفع تكاليف المعسكر بالكامل من جانب الحكومة، مما يجعل من أجور التعليم مجانية. وبينما من المبكر معرفة ما اذا كان المعسكر يستطيع أن يروض الشباب على الابتعاد عن الانترنت. ومن أجل تلبية الطلب يقول اداريو المعسكر انهم سيضاعفون عدد الجلسات العام المقبل.

وخلال الجلسة يعيش المشاركون في المعسكر حيث يحرمون من استخدام الكومبيوتر ويسمح لهم بساعة واحدة فقط من استخدام الهواتف الخليوية في اليوم، من أجل منعهم من الألعاب الإكترونية عبر الهاتف. كما أنهم يمارسون برنامجا نشطا من التمارين الرياضية والنشاطات الجماعية مثل ركوب الخيل، بهدف بناء الصلات العاطفية بالعالم الواقعي وإضعاف تلك الصلات بالعالم الافتراضي. وقال لي يون هي، وهو مستشار «إنه من الهام جدا تزويدهم بخبرة أسلوب الحياة بدون انترنت. ولا يعرف الشباب الكوريون ماذا يعني هذا».

وفي البداية كانت هناك مشاكل في المعسكر حيث المشاركون يزوغون من أجل الدخول الى الانترنت، حتى في غضون فترة الاستراحة التي تسبق الغداء والتي أمدها عشر دقائق. اما في الوقت الحالي فان المشاركين يخضعون لمراقبة دائمة بما في ذلك أثناء نومهم كما أنه يجري اشغالهم بمهمات مثل غسل ملابسهم وتنظيف غرفهم.

وبدأ احد المشاركين، وهو لي تشانغ هون (15 عاما) استخدام الكومبيوتر لقضاء الوقت بينما كان والداه يعملان، اذ يكون وحده في البيت. وقال انه سرعان ما انتقل الى تفضيل العالم الافتراضي، حيث يبدو انه يتمتع بنجاح وشعبية اكبر مما في العالم الواقعي.

وكان يقضي 17 ساعة يوميا على الانترنت، اذ يقضي الليل كله في الألعاب وغيرها ويترك الذهاب الى المدرسة مرتين أو ثلاث مرات اسبوعيا لكي يأخذ قسطا من النوم. وعندما كان والداه يقولان له انه يتعين عليه الذهاب الى المدرسة كان يرد بعنف. وقد أرسلته أمه اليائسة الى المعسكر.

* خدمة «نيويورك تايمز»