تحليل رصاص الطلقات يعيد عشرات من قضايا المباحث الأميركية إلى نقطة الصفر

TT

أدين المئات من المتهمين القابعين في سجون البلاد بمساعدة وسيلة من وسائل الطب العدلي من مكتب المباحث الفيدرالي (أف بي آي) كانت قد تركت قبل ما يزيد على عامين. غير انه مما يزال يتعين على مختبر مكتب المباحث الفيدرالي أن يتخذ خطوات من أجل تحذير المتهمين او المحاكم ذات العلاقة حتى اذا كانت نافذة الاستئناف مغلقة، وفقا لما كشف عنه تحقيق مشترك من جانب «واشنطن بوست» وبرنامج «سيكستي منيتس» التلفزيوني.

وهذا العلم، الذي يعرف بالتحليل المقارن لمادة الرصاصة، قد استخدم اول مرة بعد اغتيال الرئيس جون كنيدي عام 1963. واستخدمت هذه التقنية الكيمياء من أجل ربك الرصاصات في مشهد الجريمة بتلك التي يمتلكها المتهمون على أساس نظرية ان كل كمية من الرصاص تتميز بتكوين عناصر فريدة. غير أنه في عام 2004 توصلت أهم هيئة علمية في البلاد الى ان التنويعات في عملية التصنيع جعلت من دليل الـ«أف بي آي» حول العلم «شيئا غير موثوق ومن المحتمل أن يكون مضللا». وقالت الأكاديمية القومية للعلوم على نحو خاص بأن عقودا من افادات مكتب المباحث الفيدرالي الى هيئات المحلفين ربطت بين رصاصة معينة بتلك التي اكتشفت في بندقية المتهم أو صندوق رصاص لديه كانت مبالغا بها الى حد ان الدليل يجب ان يعتبر «مضللا بموجب القواعد الفيدرالية للشهادة». وبعد عام واحد تخلى مكتب التحقيقات الفيدرالي عن التحليل.

لكن «أف بي آي» لم يعد إلى القضية لتقرير عدد المرات التي ضلل علماءه المحلفين. وتظهر المذكرات الداخلية أن المديرين في هذه الوكالة كانوا على علم قبل انتهاء عام 2004 بأن الشهادة بالغت في عدد كبير من المحاكمات. وفي عدد صغير من القضايا طرح الخبراء أدلة مزورة مستندة إلى تحليل احصائي مغلوط للعينات الحاوية على مادة الرصاص، حسبما أظهرت الوثائق.

وقال روبرت مولر مدير «أف بي آي» في صيف 2005 عبر مذكرة تبين أن المكتب تخلى عن العلم، حيث جاء في المذكرة: «نحن نخطط لعدم تشجيع وكلاء النيابة كي يستخدموا النتائج السابقة في محاكمات مستقبلية».

وعلى الرغم من المخاوف ضمن الجلسات الخاصة فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي أخبر محامي الدفاع في رسالة تعود إلى 1 سبتمبر (ايلول) 2005 إلى أنه حتى مع تخلي المكتب عن هذه التقنية «فإنه ما زال يدعم النتائج العلمية لتحليل رصاص الطلقة». وعلى الأقل هناك حالتان صدر الحكم ضد المتهمين بسبب هذا التحليل المضلل. وحاربت الحكومة بشدة ضد الكشف عما يقرب من 2500 قضية خلال العقود الثلاثة الأخيرة والتي استخدم فيها هذا التحليل.

من جهته قال دوايت ادامز مدير معامل مكتب التحقيقات الفيدرالي المتقاعد الذي اشرف على الاجراءات الجديدة: «ان الحكومة لديها التزام لاطلاق سراح جميع ملفات القضايا، على نحو مستقل مع استعراض شهادات الخبراء، وتنبيه المحاكم الى أي أخطاء يمكن ان تكون قد اثرت في الادانة». واضاف انه يشعر بمزيد من القلق بسبب وجود اي شخص في السجن لأي سبب من الاسباب بدون مبرر. وعليه فان هذه الافادات ينبغي النظر اليها اذا ما كانت ادت بصورة خاطئة الى ادانة متهم، وقال ادامز «لا اعتقد ان هناك اي شيء ينبغي اخفاؤه». وبعد برنامج «سيكستي منيتس» حددت الهيئات المعنية على الأقل 250 حالة على مستوى البلاد، بعد حالات فحص للشهادات المعنية بطلقات الرصاص، ادت الى تراجع المحاكم عن قراراتها السابقة او اثارة تساؤلات حول ما اذا كان اناس ابرياء تم ارسالهم الى السجن. وضمن تلك الحالات قضية مشهورة عرضت في ولاية نورث كارولينا لتاجر مخدرات ظهرت ادلة جديدة مهمة تدحض مزاعم ادعائه بالبراءه، وقضية رجل في ميريلاند منح مؤخرا حكما باعادة محاكمته. وتبين الوثائق ان مكتب المباحث الاميركية بدأ قلقه والاهتمام بالاختبارات الجديدة الخاصة بطلقات الرصاص يعود الى 1991». وردا على المعلومات التي كشفت عنها «واشنطن بوست» وبرنامج «سيكستي منيتس»، فان مسؤولين من المباحث الاميركية قالوا اواخر الاسبوع الماضي، انه سيبدأ اجراءات تصحيحيه، لاستعراض جميع الشهادات المتعلقة بفحص طلقات الرصاص، والى اشعار النيابة العامة حتى يمكن ابلاغ المحاكم وتنبيه المتهمين. وقد حاول جهاز قسم الطب الشرعي العدلي اقناع الجهات المختصة في مكتب التحقيقات الفيدرالية باصدار قائمة بالقضايا التي تتعلق التحقيقات فيها بتحليلات رصاص الطلقات. وانضمت صحيفة «الواشنطن بوست» الى الجهاز في طلب القائمة ولكن الحكومة قامت بالمماطلة مدعية ان تكاليف البحث عن تلك الوثائق قد يصل الى 70 الف دولار. وتعلقت معظم الحالات التي استدعي أخصائيو الـ«أف بي آي» للقيام بالاختبارات الخاصة بالرصاص (2500 حالة) بقضايا قتل تدور حولها محاكمات على المستوى المحلي. وللحصول على قائمة مستقلة بتلك الحالات قامت صحيفة «الواشنطن بوست» وبرنامج «سيكستي مينتس» بإجراء العديد من المقابلات مع المحامين وممثلي الادعاء والخبراء. وفي كثير من الحالات التي شملها البحث وجد أن المتهم له سجل إجرامي وأدين على أساس بينة «ظرفية» ولكن العامل المشترك بين تلك القضايا هو إغفال الدليل القائم على تحليل رصاص الطلقة وهو ما خلق شكوكا بين الخبراء وهيئة المحكمة وعلى الاقل واحد من المحلفين.

* خدمة: «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»