عثمان أوجلان: هناك 500 مسلح فقط في جبال قنديل والعدد الأكبر موجود في إيران

شقيق زعيم العمال الكردستاني المعتقل يتحدث لـ«الشرق الأوسط» من كردستان العراق

عثمان أوجلان (تصوير : جمال بنجويني)
TT

لم يعد عثمان اوجلان ، شقيق عبد الله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل في تركيا منذ عام 1999 ذلك المقاتل القيادي المدجج بالسلاح والمتنقل بلباسه الكردي من جبل الى آخر في كردستان متسببا في مزيد من الصداع المزمن للدولة التركية، التي بذلت عبثا كل ما بوسعها للقبض عليه وايداعه في المعتقل الى جانب شقيقه الاكبر في جزيرة اميرالي، بل غدا اليوم سياسيا يرتدي الزي الغربي ويتجول بمطلق الحرية في شوارع واسواق بلدة كويه التي يقيم فيها والتابعة لمحافظة اربيل باقليم كردستان فيما يتولى عدد من اقاربه مسؤولية حمايته.

التحق عثمان اوجلان، وهو من مواليد عام 1958، بالحركة الكردية المسلحة عام 1977، وفي عام 1990 انخرط في العمل المسلح الفعلي حتى انفصاله عن حزب العمال الكردستاني في الاول من يونيو (حزيران) 2004 لأسباب يصفها بأنها عديدة ومنطقية ابرزها عدم استجابة الحزب لدعوته لتغيير نمط نشاطه من الكفاح المسلح الى العمل السياسي. وبعد اعتقال شقيقه الاكبر تولى قيادة الحزب بشكل غير رسمي على مدى 5 سنوات اي منذ عام 1999 الى 2004 . ويقول عثمان اوجلان الذي حاورته «الشرق الأوسط» مطولا انه سعى دوما الى احداث تغيير في سياسة الحزب على الصعيدين الداخلي والخارجي وكانت غايته تحويل الحزب الى قوة سياسية وديمقراطية مؤثرة، لكن اصرار قيادته على ابقاء الحزب كقوة عسكرية مركزية دفعه نحو اعلان الانفصال عنه ليشكل مع مجموعة كبيرة من دعاة الديمقراطية حركة البديل الديمقراطي الكردستاني. وفي ما يلي نص الحوار :

* من هو القائد الأول لحزب العمال حاليا ؟؟

ـ مؤسس الحزب وزعيمه الأول ما زال عبد الله اوجلان الذي له بصماته في كل خطوات الحزب وبدونه لم يحقق الحزب اي تقدم او انجاز، بمعنى ان الحزب ومنذ اللحظة الاولى لانبثاقه اقترن به اسم اوجلان الذي يعني حزب العمال والعكس صحيح ايضا.

* وانت ، ألست في قيادة الحزب الان ؟

ـ كنت عضوا في قيادته لكنني لم اتول رئاسته رسميا بل عملت لملء الفراغ الذي تركه اعتقال شقيقي الزعيم اوجلان للفترة من عام 1999 ـ 2004 .

* هل انسحب مقاتلو الحزب فعلا الى داخل الاراضي الايرانية ؟

ـ المقرات الرئيسية للحزب توجد كلها في المثلث الحدودي الجبلي بين العراق وتركيا وايران وفي اطار ذلك المثلث المترامي يتحرك المقاتلون حسب الضغوط العسكرية والسياسية التي يتعرض له الحزب، فتارة يتجهون نحو العراق واخرى نحو ايران، وبما ان الضغوط قادمة هذه المرة من العراق وتركيا فانهم بلاشك سيستخدمون الاراضي الايرانية.

* هذا يعني انهم دخلوا ايران فعلا ؟

ـ نعم فلهم قوات كبيرة هناك، اي ان العدد الاكبر لمقاتلي الحزب موجود على الاراضي الايرانية سواء تحت اسم مقاتلي حزب العمال او «بيجاك» (حزب الحياة الحرة) المعارض لايران..

* وهل تقدم ايران مساعدات لوجستية لهم ؟

ـ ايران تخوض حربا ضد مقاتلي حزب العمال منذ عام تقريبا وهناك معارك شرسة بين مقاتلي بيجاك والقوات الايرانية وخسائر فادحة تكبدها الطرفان وخصوصا الجانب الايراني الذي تعرض لضربات موجعة، عليه فان المساعدات الايرانية للحزب امر غير معقول وغير وارد ، بل بالعكس تماما فقد وقعت ايران اتفاقية تعاون امني مع تركيا لشن عمليات عسكرية مشتركة ضد حزب العمال.

* برأيك هل سيحدث الهجوم التركي على اراضي اقليم كردستان قريبا ؟

ـ الهجمات العسكرية التركية لا تحدث في الصيف اللاهب او في الشتاء القارس، اي ان شن الهجمات في شهري يوليو (تموز) او اغسطس (آب) وكذلك في موسم الشتاء أمر عسير جدا بالنسبة للجيش التركي، وبما ان الصيف قد انتهى والشتاء لم يحن بعد ، فان الوقت المتبقي بالنسبة لتركيا لا يزيد عن شهر واحد فقط لشن هجومها العسكري الذي ينبغي ان يكون خاطفا وعاجلا، لأن قواتها لن تستطيع مواصلة الهجوم لفترة طويلة بمعنى ان فترة العمليات العسكرية يجب الا تزيد عن عشرة ايام، واعتقد ان الهجوم التركي سيحدث في غضون اسبوع من الان.

* هل يستهدف الهجوم التركي المرتقب حزب العمال تحديدا أم هناك اهداف اخرى ؟

ـ في بادئ الامر كانت الغاية الاساسية للعملية العسكرية التركية المرتقبة هي القضاء المبرم على الادارة الفيدرالية الكردية التي يتزعمها السيد مسعود بارزاني في هذا الاقليم، اضافة الى ممارسة الضغوط السياسية على الحكومة العراقية من اجل تصفية التجربة الكردية، لكن هذا الهدف واجه رفضا قاطعا من لدن الاوساط الدولية وخصوصا من جانب الولايات المتحدة واوروبا اللتين رفضتا دعم تركيا لتحقيق غايتها، لذلك عمدت انقرة الى تغيير موقفها وصارت تركز على حزب العمال الكردستاني فقط بمعنى ان الهجوم اذا حدث فسيستهدف الحزب فقط .

* هل لمقاتلي الحزب وجود في عمق الاراضي التركية ؟

ـ تعداد مقاتلي الحزب يبلغ 7000 مقاتل وقد يكون من بينهم 500 مقاتل في حال مرض او اصابة اي لا دور فاعل لهم، لكن 6500 مقاتل هم في حالة جيدة ولهم دور مؤثر، ومن بينهم 3000 مقاتل موجودون حاليا داخل الاراضي التركية ومثل ذلك العدد داخل الاراضي العراقية، اي انهم منقسمون على الاراضي العراقية والايرانية والتركية ولكن بأعداد غير ثابتة تتغير حسب التحركات العسكرية في الدول الثلاث، وهؤلاء المقاتلون يوجدون في اشد المناطق الجبلية وعورة في هذه الدول ويتركز وجودهم في تركيا على جبال زاغروس وبوتان الشاهقة والوعرة وكذلك في مناطق درسيم التي تقع في العمق التركي بنحو 700 كم ولا يقل عددهم هناك عن 300 مقاتل، وكذا الحال في مناطق ديار بكر التي تقع في عمق 400 كم، اضافة الى المناطق الحدودية مع العراق.

* ما هي مصادر تمويل حزب العمال ؟

ـ طوال وجودي في صفوف الحزب لم يتلق مساعدات من اي دولة، بل ان بعض الدول مثل سورية وايران استولت على الكثير من ممتلكات الحزب ومشاجبه واسلحته ومعداته العسكرية وربما هناك من يتصور او يدعي ان سورية قدمت المساعدة للحزب الا ان ذلك ليس صحيحا ابدا فالمساعدات السورية او الايرانية لم تتجاوز حدود السماح لبعض مقاتلينا الجرحى بتلقي العلاج في مستشفياتهما او التحرك البسيط في بعض مناطقهما الحدودية، ولم اسمع ابدا بوجود مصادر تمويل للحزب ولا امتلك معلومات بهذا الصدد . وفي الوقت الراهن لا اعتقد ان هناك دولة تقدم المساعدة للحزب، لكن المعلومات المتوافرة لدي تفيد بان اسرائيل تقدم معونات ومساعدات لمقاتلي حزب بيجاك من خلال الولايات المتحدة الا انني لا امتلك وثائق تؤكد ذلك بشكل قاطع .

* كيف تنظر الى الاتفاق الأمني الأخير بين العراق وتركيا؟

ـ برأيي ان الاتفاق المذكور ذو وجهين فهو يلبي كل المطالب التركية من جهة، ومن جهة ثانية لا يلبي أيا من مطالبها، اي انه اتفاق مغلق ومطاطي جدا يحتمل الشد في كل الاتجاهات، لكن ابرز ما ورد فيه هو اعتبار حزب العمال عدوا مشتركا، وهو ما اكدت عليه القرارات التي اتخذها الرئيسان التركي والاميركي في لقائهما الاخير بواشنطن حيث اعلن الرئيس بوش ان حزب العمال عدو لتركيا واميركا والعراق، وهو امر خطير ومهم جدا في اعتقادي، وسيتمخض عن ذلك الموقف نتائج خطيرة ايضا، اذ ان تركيا ستستغل هذا الموقف الاميركي حيال حزب العمال لتحقيق ما تصبو اليه دوما بالوسائل الاخرى طالما ان الوسائل العسكرية لا تحقق لها ماتريده. أضف الى ذلك ان تركيا ترتكب خطأ فادحا برفضها الحلول السياسية واصرارها على التلويح بالخيار العسكري بكلتا يديها وإمعانها في محو الشعب الكردي من الوجود، وهي السياسة التي اصبح الكرد لا يطيقونها، خصوصا ان تعدادهم السكاني قد فاق 20 مليون نسمة، فلو كانوا مليونا او مليونين مثلا لكان بوسع تركيا التنكر لحقوقهم على غرار ما فعلت روسيا مع الشيشيان، بمعنى اذا قدمت تركيا مشروعا سياسيا للحل باحدى يديها ورفعت السلاح بالاخرى لربما كانت قد حققت بعض النتائج من عملياتها العسكرية، اما اصرارها على حمل السلاح سيجعل من تحقيق ما تصبو اليه امرا من قبيل المستحيلات، بتعبير آخر ان تركيا ستنفذ هجومها وستتكبد خسائر فادحة دون جدوى وفي نهاية المطاف ستضطر الى الجنوح للخيار السياسي.

* برأيك هل مارست حكومة اقليم كردستان ضغوطا على مقاتلي حزب العمال لترك جبال قنديل ؟

ـ حكومة الاقليم لا تمتلك وسائل الضغط على حزب العمال، لذا تكتفي بالمناشدة التي لا يتجاهلها حزب العمال بدوره بل ياخذها بعين الاعتبار والحسبان لذا قلل المقاتلون من وجودهم في قنديل. ففي عام 1999 كان للحزب 3500 مقاتل في جبال قنديل فقط اما الان فهناك 500 مقاتل فقط وهو عدد ضئيل جدا لا يعني شيئا بالنسبة لجبال شاهقة مثل قنديل اضف الى ذلك ان المقاتلين يلجأون الى جبال اخرى مثل جبل جاسوسان الحدودي مع ايران ومامندة المحاذي له وكلاهما جبلان شاهقان جدا، عليه فان تركيا حتى لوشنت هجومها على جبال قنديل فسوف لن تجد احدا هناك.

* هل هناك علاقات بين حكومة الاقليم وحزب العمال حاليا؟

ـ لا شك في ذلك فهما موجودان في نفس المنطقة ومن الطبيعي ان تكون بينهما علاقات اما مستوى تلك العلاقات فلا اعتقد انها رفيعة اي ان حكومة الاقليم ستقيم علاقات على مستوى عال مع الحزب في حال تحقق السلام في المنطقة وبخلاف ذلك ستبقى العلاقات بينهما في ادنى مستواياتها.

* كيف ترى اغلاق حكومة الاقليم لمقرات حزب الحل الديمقراطي الكردستاني في اربيل والسليمانية ؟

ـ أنا كانسان كردي آسف جدا لأي مشاحنات تحدث بين القوى السياسية الكردية وانا كعثمان اوجلان ارفع شعاري القائل بان لا عدو لي بين الكرد بل هم جميعا اخوتي واصدقائي اي ان الاحزاب التي تتطابق افكارها مع افكاري هي من الاخوة والتي تخالفني الرأي هي من الاصدقاء وفي ضوء ذلك ارى ان اغلاق مقرات حزب الحل الديمقراطي ليس اجراء صائبا رغم ان حكومة الاقليم لم تذعن لمطالب تركيا في ذلك ومع هذا فان الحزب سيواصل نشاطه ودوره ونضاله بجدية خصوصا ان ايا من اعضائه لم يعتقل، بمعنى ان مقراته اغلقت ظاهريا او رسميا، أما نشاطه السياسي فمازال متواصلا .

* تقولون ان حزب العمال لا يتلقى المساعدة من الولايات المتحدة اذن من اين يأتي السلاح الاميركي الذي يستخدمه مقاتلوه ؟

ـ العراق الان أكبر سوق للسلاح ولو امتلكت اي جهة المال الكافي لحصلت حتى على الطائرات الحربية والمروحيات اذا شاءت.

* لماذا تعتبر الولايات المتحدة حزب العمال ارهابيا ؟

ـ لا شك ان للحزب اخطاءه ، فبعد انهيار المعسكر الشيوعي وتفكك الاتحاد السوفياتي السابق سعت كل الاطراف الى تغيير سياساتها باستثناء حزب العمال الذي اصر على مواصلة سياسته السابقة لذلك اعتبرته الولايات المتحدة تنظيما ارهابيا، وبرأيي ان الحزب مخطئ في هذا المضمار لاسيما انني قدمت مشروعا للتغيير والاصلاح في وقته الا ان الحزب رفضه بشكل قاطع وقام باعتقالي لثلاث سنوات امضيت منها ثلاثة اشهر في زنزانة انفرادية ومن ثم صدر بحقي حكم مشروط بالاعدام ما لم اتراجع واسحب مشروعي المذكور، وظل الحكم ساري المفعول لعامين ثم الغي في صيف عام 1997، وكل ذلك حدث لمجرد انني قلت بان الولايات المتحدة اصبحت القطب الاقوى والأوحد في العالم وان مركزها هو اوروبا وينبغي لنا كحزب ان نوازن سياستنا الخارجية وفقا لذلك وقدمت في ضوء ذلك مشروعي للتغيير وحصل ما حصل.

* ما طبيعة العلاقة بين حزب العمال وبيجاك المعارض لإيران ؟

ـ بيجاك جزء من حزب العمال وبينهما علاقات مادية وعسكرية وسياسية ومعنوية وتنظيمية ولوجستية وبيجاك يتلقى اوامره من قيادة حزب العمال .

* ألا تعتقد بان اصرار حزب العمال على مواصلة نشاطه على ساحة اقليم كردستان العراق سيلحق اضرارا سياسية كبيرة بحكومة الاقليم ؟

ـ برأيي ان وجود حزب العمال في المنطقة له فوائد واضرار كثيرة في ذات الوقت، فلولا وجوده لكان من العسير جدا تشكيل حكومة الاقليم لأن تركيا ما كانت ستسمح بذلك مطلقا، وضغوط حزب العمال السياسية والعسكرية هي التي ارغمتها على القبول بانبثاق حكومة الاقليم منذ 15 عاما وفي اعتقادي ان الحزبين الرئيسيين، الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي حققا الكثير من الانجازات والمكاسب في ظل وجود حزب العمال. وبالمقابل فان الوجود العسكري للحزب في المنطقة يتسبب في ضغوط واضرار سياسية بالنسبة لحكومة الاقليم من جانب تركيا ولكن بصورة عامة يمكن الجزم بان منافع حزب العمال اكبر من مضاره اي انه ذو منافع لأكراد العراق اكثر من اكراد تركيا.

* لو حدث الهجوم التركي فعلا هل سينفذ حزب العمال عمليات تفجير في المدن التركية ؟

ـ لو اندلعت حرب تركية ـ كردية واسعة النطاق فان ذلك سيعني نهاية تركيا تماما كنهاية نظام صدام حسين الذي عزله غزوه لدولة الكويت عن العالم العربي وقرب نهايته، بمعنى اذا هاجمت تركيا الاراضي العراقية فستندلع حرب تركية ـ كردية ضروس وعندها سيغدو كل اشكال الهجوم واردا وممكنا، أي ستندلع الحرب في كل مكان يوجد فيه الاتراك والاكراد وستمتد الى المدن التركية، لاسيما ان حزب العمال يمتلك القوة الكافية لذلك وستقع هجمات كبيرة بلاشك بما فيها الهجوم على انابيب النفط .

* برأيك لماذا اطلق حزب العمال سراح الجنود الاتراك الأسرى أخيرا ؟

ـ كان ذلك تعبيرا عن رفض الحزب لمنطق الحرب والقتال، ففي عام 1991 ايضا تم اسر عدد كبير من الجنود الاتراك الذين عوملوا من جانبنا معاملة انسانية طيبة وبعد فترة وجيزة جرى اطلاق سراحهم بوساطة عدد من المنظمات الانسانية وقد جدد الحزب التاكيد ثانية على نفس مبادئه الانسانية السابقة اذ ليست مهمة الحزب قتل الجنود بل هناك قضية سياسية يسعى لايجاد الحل المرضي لها وقد عبر عن ذلك باطلاق سراح الجنود الاتراك الاسرى في حين ان القوات التركية تقتل مقاتلينا الاسرى فورا او تمارس بحقهم تعذيبا جسديا مميتا.

* ولكن قيل ان اطلاق سراحهم تم بتدخل من الرئيس العراقي جلال طالباني وبارزاني ؟

ـ طالباني وبارزاني هما زعيما الشعب الكردي وكلمتهما مسموعة وطلبهما لا يرد .

* لماذا فضلت الاقامة في بلدة كوية ولم تتجه الى اوروبا مثلا ؟

ـ الدول الاوروبية تعتبر حزب العمال ارهابيا وبما انني قيادي سابق في ذلك الحزب فان الطرق المشروعة والقانونية المؤدية الى اوروبا مغلقة بوجهي ولئن كان هذا الجزء محررا من كردستان، فانني ارى ان الاقامة هنا افضل من اي مكان آخر خصوصا ان وجودي في اوروبا سيمنعني من مواصلة العمل السياسي لذلك آثرت البقاء هنا.

* هل تحظى بالحماية. وألا تخشى ان تطالك يد المخابرات التركية؟

ـ تركيا لم تنفذ خارج حدودها عمليات اغتيال ارهابية باستثناء ما اقترفته بحق الارمن كما ولم ينفذ حزب العمال ايضا عمليات اغتيال لمسؤولين اتراك في الخارج اي ان تركيا لا تنتهج سياسة تصفية معارضيها في الخارج لذلك لست قلقا بهذا الصدد ومع ذلك احتاط كثيرا بصفة شخصية اضافة الى التدابير الامنية لحكومة الاقليم.

* ماذا لو طالبت تركيا بتسليمك؟

ـ رغم اعلاني الانفصال عن حزب العمال رسميا الا ان تركيا قدمت مؤخرا الى حكومة الولايات المتحدة قائمة تضم اسماء 150 من كبار الشخصيات الكردية الذين تطالب انقرة بتسليمهم . وفي ما يتعلق بي شخصيا فانا الان رجل سياسة وقد ألقيت السلاح ومن حقي بموجب القوانين الدولية ممارسة السياسة التي هي ليست جرما محظورا، لذلك رفضت الولايات المتحدة وحكومة الاقليم المطلب التركي غير المشروع. أضف الى ذلك انني ابعث بين الحين والاخر رسائل الى السلطات التركية مفادها اننا مستعدون للعودة الى تركيا وخوض الحوار والتفاوض معها وإلقاء السلاح وانهاء المآسي والويلات المستمرة وايجاد حل للقضية العالقة ولكن شريطة عدم اعتقالنا ومازلت شخصيا على استعداد للتوجه الى تركيا لذلك الغرض ولكن ليس الى السجون والمنافي، وللأسف الشديد فان تركيا تقول لنا باستمرار ان سجونها فقط مفتوحة امامنا وهو منطق مرفوض طبعا من قبل الجميع .

* هذا يعني ان حزب العمال مستعد لإلقاء السلاح ؟

ـ حزب العمال كان مستعدا لإلقاء السلاح دوما لكن تركيا هي التي ترفض ذلك، فاردوغان يرفض الحوار مع حزب العمال ارضاء للعسكر الحاكمين في البلاد الذين يعادون حزب العدالة والتنمية الاسلامي ويسعى الى اشغال الجنرالات بقضية حزب العمال كي يبعد مخاطرهم عن حزبه فيما يزعم العسكر الاتراك ان الحرب ضد حزب العمال ضرورية للمحافظة على النظام الكمالي الاتاتوركي القومي وذلك من خلال تعزيز قدرات الجيش الذي يرون انه لا يحصل الا عبر محاربة حزب العمال الذي هو الان بمثابة العدو الضروري المشترك للحكومة والعسكر معا ولهذه الاسباب فان حكومة اردوغان وقادة الجيش لا يريدون انهاء القتال ضد الحزب والا لو كان الجانبان قد اتخذا خطوات متوازية نحو تحقيق السلام لانتهى السلاح والعنف في غضون 6 اشهر فقط .

* وما شروط الحزب لإلقاء سلاحه ؟

ـ أولا ، اصدار عفو فوري عن الزعيم اوجلان. ثانيا، الاقرار بالحقوق الثقافية والقومية المشروعة للشعب الكردي في تركيا. ثالثا، السماح للكرد بممارسة العمل السياسي بمنتهى الحرية ولاشيء غير ذلك، الا ان تركيا ترفض هذه المطالب وتؤكد بانها سوف لن تسامح انصار حزب العمال وان عليهم الاستسلام لها والتوجه افواجا الى السجون والمنافي، أي انها تمنح الكرد حقا واحدا فقط هو العيش في السجون طوال حياتهم، وهو امر مرفوض طبعا.

* كيف ترى مستقبل الحزب في ظل الانقسام الداخلي والتشرذم الذي يعاني منه ؟

ـ حزب العمال قوة كبيرة وقوته العسكرية اكبر من قوته السياسية وله اكثر من ستة ملايين مناصر داخل تركيا وحدها ويقدمون له كل اشكال الدعم، وفي ايران هناك اربعة ملايين مناصر للحزب، وفي سورية والعراق يوجد الكثير من الموالين له، وفي اعتقادي ان مجموع المؤيدين له يصل الى 10 ملايين شخص وهو ربع اجمالي تعداد الشعب الكردي، اضف الى ذلك ان للحزب قيادة متماسكة وقوية وتمتلك قدرات هائلة الى جانب قوة عسكرية يبلغ قوامها 7 آلاف مقاتل وعشرة آلاف كادر سياسي وهو اهم ما في الحزب وحتى لو افترضنا جدلا ان مقاتلي الحزب قد انتهوا فان عشرين مليون كردي بوسعهم تفجير اكبر انتفاضة جماهيرية من الداخل اي ان انتهاء القتال سيؤدي الى انتفاضة شعبية في تركيا وبالتالي فان التفكير في القضاء المبرم على حزب العمال هو ضرب من الخيال، وعليه ارى انه ينبغي للحزب ان يسعى الى دمقرطة السياسة الكردية وانا من مؤيدي هذه الفكرة .

* كيف هي صحة شقيقك اوجلان في سجنه ؟

ـ منذ تسع سنوات يعيش الزعيم اوجلان في سجن انفرادي بجزيرة اميرالي في عرض البحر وهي الجزيرة التي تم فيها اعدام رئيس الوزراء التركي الاسبق عدنان مندر ، اي انها جزيرة ذات تاريخ اسود ولاشك ان سجن شخص في غرفة بشكل انفرادي وفي عرض البحر ولتسع سنوات متتالية ستترك اثرا سلبيا جدا على صحته، أي ان صحة الزعيم اوجلان قد تدهورت بشكل واضح نتيجة السجن وصار يعاني من ضيق في التنفس وغالبا ما يتعرض الى الاختناق ليلا اثناء النوم وان حياته الان في خطر حقيقي ومن جانب آخر فان بحيرة مرمرة التي فيها جزيرة اميرالي وسجن الزعيم هي دوما مركز للهزات الارضية التي تضرب المنطقة وهناك تقارير علمية تؤكد ان قاع البحيرة تغلي حاليا وان هناك احتمالات كبيرة لحدوث هزات ارضية قوية بقوة تفوق 7 درجات خلال الايام القليلة القادمة وفي حال حدثت الهزات القوية فان كارثة تسونامي يمكن ان تتكرر في تلك الجزيرة التركية وعندها ستتعرض حياة اوجلان الى خطر اشد، بمعنى ان اصرار تركيا على سجنه في تلك الجزيرة هو بمثابة فخ للتخلص منه في اطار كارثة طبيعية، واذا حدث أن مات اوجلان بهذه الطريقة فان الكرد سيعتبرون تركيا قاتله الحقيقي وسيحملون السلاح ضدها، لذا ينبغي لتركيا ان تتخلى عن تلك السياسة العدوانية لأنها سواء شاءت ام ابت فسيبقى اوجلان زعيما للشعب الكردي وليس من حقها اساءة معاملته او معاقبته، بل لها حق واحد فقط هو اجراء الحوار معه بصفته ممثلا لشعبه ومن هنا أدعو المنظمة الدولية الى العمل بجد لإنهاء حالة السجن التي يعاني منها اوجلان في تركيا.

* هل لك اتصالات مع شقيقك في السجن وهل مازال الحزب يلتزم بتوصياته ؟

ـ نعم ولكن على الصعيد الانساني، ومن خلال اشقائي الاخرين الذين انقل اليهم رسائلي وهم ينقلونها بدورهم الى الزعيم في سجنه عبر وسطاء والعكس صحيح ايضا، وقد وصلتني آخر رسالة منه الشهر الماضي يدعوني فيها الى تصحيح علاقاتي مع قيادة الحزب في الجبل، اذ مازال هو الزعيم الاول للحزب الذي يلتزم بكل توصياته .

* ماذا لو نفذت تركيا عقوبة الاعدام بحقه .. وهل خبر تسميمه صحيح فعلا ؟

ـ لن تستطيع تركيا فعل ذلك فهي لم تعدمه لحد الان لا لكونها غير راغبة في الامر بل لأنها غير قادرة على فعله فتركيا تنتظر موته إما بسبب المرض او جراء حدوث كارثة اعصار او زلزال طبيعية في تلك الجزيرة، وقد جرى تسميمه فعلا، اذ تعرض لمواد كيمائية من اسفل رأسه الى قدميه، وبرأيي ان تركيا تريد قتله تدريجيا ولو حدث ذلك فسيكون للكرد الحق في تفجير الانتفاضة الشعبية.