لبنان يدخل في «فراغ» وأسبوع حافل بالمخاطر

الحريري: ليس لكل واحد أن يفسر الدستور كما يريد * جنبلاط: رغم الضربات المؤلمة آلينا على أنفسنا أن نبقى ضمن الأطر الدستورية

جلسة مجلس النواب اللبناني في بيروت أمس قبل دقائق من رفعها وتأجيل الانتخاب الرئاسي الى الثلاثين من الشهر الحالي (رويترز)
TT

أرجأ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الجلسة العامة التي كانت مقررة بعد ظهر أمس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس اميل لحود، الى يوم الجمعة المقبل لـ«مزيد من التشاور» بعدما فشلت مساعي التوافق على اسم الرئيس المقبل.

وكانت الجلسة مناسبة للقاءات مكثفة عقدها الرئيس بري، كان ابرزها لقاء اجراه مع رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، هو الاول من نوعه منذ اكثر من سنة. كما التقى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، بالاضافة الى نواب من كتل الاكثرية.

وتلقى بري اتصالاً من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان فوضعه في اجواء «التطورات الاخيرة» وتأجيل الجلسة التي كانت مقررة امس الى 30 الشهر الحالي «للافساح في المجال امام المزيد من المشاورات توصلا الى توافق على انتخاب رئيس للجمهورية». كما اجرى الرئيس بري اتصالين بعد الظهر بكل من الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ووضعهما في صورة ما حدث لجهة ارجاء الجلسة والتوافق مع القيادات اللبنانية على استمرار التواصل من اجل الوصول الى مرشح توافقي ينهي الازمة السياسية.

وقد غادر النائب جنبلاط مجلس النواب بعد تأجيل الجلسة محاطاً بنواب كتلته، وقال للصحافيين«منذ ان انطلقت مسيرة 14 آذار، انطلقنا على أسس الحفاظ على الدستور والمؤسسات والسلم الأهلي، رغم انه آنذاك والى أمد غير بعيد في الامس القريب، وعلى رغم الضربات القاسية والدامية والمؤلمة، آلينا على أنفسنا مع 14 آذار والشعب اللبناني أن نبقى ضمن الأطر الدستورية وان نحافظ ايا كان الثمن، على السلم الاهلي». وأضاف: «منذ أمس كان الشعار، شعارنا وشعار المواطن اللبناني: التوافق وفق الأسس الدستورية، بغض النظر عن التفسيرات التي منها ما هو صائب ومنها ما غير صائب، نبقى نتمسك بالتوافق. وحضورنا اليوم للتأكيد على التوافق وعلى حقنا الدستوري في الانتخاب، لكن من دون الخروج على التوافق. وهذا ما اتفقنا عليه مع الرئيس بري. والتوافق يعني الوصول الى رئيس يحفظ البلاد واستقلالها وسيادتها ودستور الطائف، لأن عنوان دستور الطائف هو عنوان استقرار السلم الأهلي وعنوان التسوية التاريخية التي جرت منذ اعوام». وختم: «اعلن ان الطموحات، طموحاتنا وطموحات غالبية الشعب اللبناني، كانت كبيرة وستبقى، لكن على قاعدة التوافق والسلم الأهلي. كنا سرنا وسنسير ونبقى سوياً نحافظ على السلم الأهلي وننتظر حكم العدالة. لذلك كان حضورنا اليوم. ومن هذا المنطلق التقيت مع دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري».

وقال الحريري لدى مغادرته المجلس النيابي: «نحن حضرنا كنواب 14 آذار الى مجلس النواب الذي يمثل الشعب اللبناني. والشعب اللبناني يريد انتخاب رئيس جمهورية. واتينا لنقول: نحن موجودون بكل ديمقراطية. ونحن مع التوافق ونريد ان ننتخب رئيس جمهورية لمدة 6 سنوات. وليس لكل واحد ان يفسر الدستور كما يريد». وشدد على «ان لا تسوية على حساب الشهداء».

وتلا نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، بيانا باسم نواب الاكثرية، قال فيه: «أتينا الى المجلس النيابي اليوم لنسجل للتاريخ ان الأكثرية النيابية لن تتخلى عن حقها وواجباتها الدستورية. وهي لن تتغيب عن اي جلسة مقررة لانتخاب رئيس للجمهورية». وشدد على «ان المقاطعة ليست خيارا ديمقراطيا على الاطلاق، بل هي مخالفة دستورية موصوفة. وان الدستور ينص صراحة على وجوب انتخاب رئيس للجمهورية. وهو لا ينص في اي مادة من مواده على حق المقاطعة والغياب او حق التعطيل او حتى التأجيل». وقال: «ان الأكثرية تلتزم موجبات الاستقرار الوطني. وهي لن تلجأ الى اي خطوة يمكن ان تضع البلاد في المجهول، وتعطي الجهات التي استدرجت لبنان الى الفراغ الرئاسي أي سبب لتبرير الانقلاب على المؤسسات وعدوانها على النظام العام». وأضاف: «ان الاكثرية بهذا المعنى لن تتخلى عن الاكثرية المطلقة المكرسة في المادة 34 من الدستور. وهذا الامر هو حق دستوري، فلا جدل فيه».

وحذر مكاري من «اخطار الذهاب بعيدا لخرق الدستور او العمل على تعليقه، سواء من خلال بعض الطروحات العشوائية التي لا ترتكز على اي سند دستوري او قانوني، او من خلال تعطيل الحياة البرلمانية والدستورية ووضع العراقيل أمام المساعي الهادفة الى تداول السلطة للوصول الى رئيس جديد الى سدة الرئاسة». واعتبر «ان رحيل الرئيس اميل لحود عن الرئاسة هو زوال كابوس عن كاهل اللبنانيين. وأي اجراء او عمل يمكن ان يعلن عنه يساوي بالمعنى الدستوري والقانوني صفرا مكعبا». وقال: «ان الشيء الوحيد الذي يعطيه الدستور للرئيس لحود هذه الليلة هو مغادرة قصر بعبدا. واذا اختار ان يذهب بالبلاد الى مأزق جديد وان يلبي بعض النداءات لتجاوز الاصول الدستورية، فانه يكون قد اختار ارتكاب جريمة دستورية جزائية يعاقب عليها القانون. والتاريخ لن يرحم اي جهة تغطي هذه الجريمة وتتعامل معها او تعطيها حق العيش على حساب كرامة اللبنانيين وعلى حساب الاستقرار الوطني».

من جهته، قال المعاون السياسي لبري النائب علي حسن رداً على مكاري: «في كل مرة يتحدث فيها السيد مكاري، نعرف الى اي مستوى وصل الفخ الدستوري. استمعنا الى اكثر من نص لا يعبر الا عن جهل في الدستور وفي الممارسة الديمقراطية الصحيحة. وأستغرب باسم قوى المعارضة ما ورد على لسان حضرة نائب الرئيس من كلام لا يعكس اجواء التفاهم التي سادت اللقاءات الثنائية على هامش الدعوة الى جلسة اليوم (امس) والتي ادت الى التوافق على تأجيل جلسة المجلس الى الجمعة المقبل. في البيان الذي تلاه (مكاري) اكثر من مخالفة دستورية يمكن ان تشوش على الرأي العام الذي استمع قسرا الى معاليه، فالحضور في المجلس النيابي والمقاطعة والمشاركة وعدم المشاركة هي شكل من اشكال الديمقراطية التي لا يناقش فيها على الإطلاق». وأضاف: «استمعنا من هذا المنبر الى احد رموز الاكثرية يتحدث بمنطق ايجابي رفيع، يحرص فيه على استمرار مناخ التوافق بعكس ما عبر عنه نائب الرئيس في كلمته، التي أتت لتعكس تحديا للدستور، إذ أصر على ارتكاب المخالفة الاولى الأساسية، وهي إشارته الى المادة 34 حول حق استخدام منطق الأكثرية المطلقة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهذا يشكل مخالفة صريحة وواضحة أصبحت لازمة حتى عند معظم أركان الأكثرية النيابية التي تحدث باسمها، وهي الحاجة الى نصاب الثلثين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. نحن امام تناقض يتحمل مسؤوليته السيد مكاري».