التخوف من مفاجآت «الساعة صفر» يقلق اللبنانيين

حمادة لـ«الشرق الأوسط»: صلاحية الرئيس الوحيدة .. أن يرحل

TT

استفاقت بيروت على هدوء متوتر وقلق صباح الجلسة الاخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية قبل الدخول في الفراغ الدستوري منتصف ليل الجمعة/ السبت.

الخوف من المجهول ساد حركة الشارع في ظل اقفال طوعي لمعظم المحلات والمدارس والجامعات.

شبح الانهيار الأمني طغى على الاحاديث التي يمكن تبادلها اينما كان. ترقب «الساعة صفر» (الثانية عشرة من ليل الجمعة/ السبت) لمعرفة ما سيحصل بعد مغادرة رئيس الجمهورية اميل لحود قصر الرئاسة بات الهم الأكبر. وقد ترافق مع خوف من اجراءات غير منتظرة. لكن مع الخوف وجد البعض ان مجرد خروج لحود من القصر خطوة ايجابية لا يستهان بها تنهي تسعة أعوام حافلة بالاحداث الامنية الصعبة، لاسيما بعد التمديد له وما تسبب به هذا التمديد من اغتيالات وتفجيرات واعمال ارهابية.

لكن المعلومات المتواترة عن «إدارة الفراغ» وفق صفقة قوامها عدم لجوء الاكثرية الى انتخابات بالنصف زائدا واحدا مقابل ضبط الامن، خلقت بعض الطمأنينة. النائب والوزير مروان حمادة قال لـ«الشرق الاوسط»: «لا صلاحية لرئيس الجمهورية باتخاذ اي قرار. صلاحيته الوحيدة ان يذهب. والجيش مكلف حفظ الامن. ولسنا بوارد ضرب السلم الاهلي لكننا نحتفظ بحقنا بالانتخاب بالنصف زائدا واحدا بموجب المادة 34 من الدستور. وفي هذه الحالة لا نعتبر اننا نستفز أحدا. لكننا حتى الآن ننتظر استمرار المساعي الوفاقية. ونتمنى ان تنجح».

الجولة في مكان الحدث تبرز الهدوء الذي ميز السرايا الحكومية بانتظار تطور الاحداث، مقابل مقر مجلس النواب الذي بدا اشبه بغرفة طوارئ يقود من فيها «حرب النجوم»، كما وصف المشهد صحافي اميركي يحاول ان يشق طريقه بين الممرات المحيطة بالقاعة العامة.

الاجراءات الأمنية أكثر من متشددة. اعتراض الاعلاميين لمنعهم من متابعة ما يجري داخل القاعة الكبرى لا يفيد. لذا اكتفوا بملاحقة مدير مصلحة الاعلام في المجلس النيابي محمد بلوط الذي يقود «اوركسترا» الجلسة و«كأنه يمشي على اعصابه». يحرك يديه في الهواء ويلطم رأسه، وهو يدخل ويخرج من القاعة، ويتكلم بصوت مرتفع وهو ينادي مصوريّ المجلس، فقط، لالتقاط الصور. لتنتهي الملاحقة مع سماع الجرس يدق مرتين ممهدا لدخول رئيس المجلس نبيه بري الى القاعة، ومن ثم خروج بلوط ببيان يعلن تأجيل الجلسة الى الجمعة في الثلاثين من الشهر الحالي بعد صلاة الظهر.

لكن الوجوم الذي رافق دخول النواب وخروجهم يترك انعكاسا وكأن المكان مسرح «تراجيديا إغريقية» غارقة في سوداويتها منذرة بالفراغ الدستوري. النائبة بهية الحريري المتشحة بسواد ملابسها وغطاء الرأس الابيض، كانت الصورة المعبرة عن مشهدية المأتم، فقد نزلت ادراج الباب الرئيسي للبرلمان وحيدة وصامتة وعبرت ساحة النجمة باتجاه سيارتها، مكتفية بالتلويح بيدها للصحافيين الذين حاولوا الحصول على تصريح منها. أما الوزير غازي العريضي، فقال: «ليس لديّ شيء لأقوله. وليد (جنبلاط) بك أعلن موقف الكتلة». إلا ان الدلالة الاكثر تشاؤما على مدى دقة الوضع ملامح النائب وليد جنبلاط بعد تصريحه وخروجه من المجلس ليسير في احد الشوارع الجانبية مع النواب غازي العريضي ووائل ابو فاعور واكرم شهيب. وعندما حاول بعض الصحافيين وبينهم مراسل «سي.ان.ان» في بيروت برانت سيدلر، الاقتراب من الموكب «الحزين» عمد رجال الأمن الى التصدي لهم، فما كان من العريضي الا ان زجرهم قائلا: «طولوا بالكم عليهم واتركوهم يقومون بعملهم»، فتراجع رجال الامن وتركوا الصحافيين يتابعون محاولاتهم. وما لم يتوافر من معلومات عن الجلسة في الداخل باح به الخارج من خلال «دردشات» النواب مع الصحافيين في ساحة النجمة قبالة البرلمان. اما التشنج الكامن خلف «التصريحات المسكنة» فقد التقطته الآذان في الكواليس، عندما همس نائب «حزب الله» حسين الحاج حسن لإحدى الاعلاميات ردا على تصريح نائب «القوات اللبنانية» ايلي كيروز: «خليهم يعملوها بالنصف زائدا واحدا. وسنرى».

بعض التفاؤل بات ضروريا. لذا بحث الصحافيون وهم يغادرون مقر المجلس وساحة النجمة عن ايجابية ما، فوجدوها في الطقس الخريفي الجميل الذي رافق جلسة التأجيل والفراغ الدستوري. مع الاقتراب من خيم الاعتصام المنصوبة تحت السرايا الحكومية مباشرة، صدح صوت عذب بالميجانا. كان شادي عواضة يحاول ان يلفت الانظار اليه. قال له أحد المعتصمين: «هات موالا للسيد (حسن نصر الله) علشان الشباب». قبل أن يلبي الطلب سأل: «معك مصاري (نقود)؟».