الكرملين.. رمز التاريخ والهيبة والسلطة

TT

الكرملين منذ ظهر كقلعة خشبية عند ملتقى الطرق التجارية الرئيسية قريبا من نهر موسكو في عام 1147 ظل رمزا للهيبة والقوة على امتداد تاريخ روسيا طوال القرون التسعة الماضية. اختار الامير يوري دولغوروكي موقعه فوق احد التلال السبعة قريبا من عدد من القنوات والانهار التي كان اهمها واكبرها نهر موسكو الذي استمدت منه المدينة لاحقا اسمها. على مقربة من اطراف امارة سوزدال اقام قلعته دفاعا عن الارض والمصالح التجارية التي كانت المقدمة الطبيعية للتحول صوب بناء الدولة القوية وسط امواج الصراعات التاريخية الدموية التي طالما هددت المنطقة سواء من الشرق ممثلة في التتار والمغول من جانب او من الغرب عبر الغزوات المستمرة للبولنديين والسويديين من جانب آخر. ولم يكن الكرملين مقرا للسلطة الدنيوية وحسب بل كان ايضا موقعا اختاره ممثلو السلطة الدينية وكانوا من اتباع الكنيسة الارثوذكسية لتشييد اجمل الكنائس التاريخية ذات القباب الذهبية الشهيرة ومنها كاتدرائية اوسبينسكي التي كانت تجرى فيها مراسيم تنصيب القياصرة وكاتدرائية ارخانجلسك التي تضم حتى اليوم رفات عدد من قياصرة روسيا منذ القرن السادس عشر الى جانب كنيسة بلاجوفيشينسكي التي كانت اشبه بالكنيسة الخاصة لعائلة القيصر. وتمر الاعوام ليعود الكرملين الى واحدة من مراحل تطوره الرمادية التي شهدت تحول هذه الكنائس الى متاحف ابان سنوات الحكم الشيوعي التي طالت لما يزيد عن السبعين عاما كان فيها الالحاد عقيدة للدولة ومواطنيها. لكن هذه الكنائس سرعان ما عادت لتمارس دورها الطبيعي التاريخي مع بدايات «ثورة البيريسترويكا» بزعامة الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف. وعلى مقربة عادت قيادات الدولة الى المكان في اطار صحوة دينية علمانية تسجل لروسيا بدايات حقبة تاريخية جديدة توالت رموزها من غورباتشوف الى يلتسين الى بوتين وليضيف كل منهم لمساته التي يمكن اتخاذ كل منها عنوانا للعصر. وبعيدا عن ذكريات الماضي الاليم نشير الى ما يحفل به الكرملين اليوم من متاحف وقصور وقاعات تاريخية طالما استعرض الرئيس الحالي فلاديمير بوتين الكثير منها امام ضيوفه من زعماء البلدان الغربية والعربية وكان لسان حاله يقول: هكذا كنا وهكذا سنكون.