خطة عسكرية أميركية جديدة: سحب قوات وتكليف أخرى تدريب العراقيين

جهود لتوسيع دور القوات العراقية في حفظ الأمن.. وشكوك بطائفيتها

TT

مع انخفاض معدلات العنف في العراق وتوقع مغادرة ربع الالوية الاميركية المقاتلة للعراق في شهر يوليو (تموز) المقبل، فإن قادة القوات ينوون توسيع دور باقي الالوية لتدريب ودعم القوات العراقية، طبقا للمسؤولين المشاركين في تقييم عسكري سري للمرحلة القادمة من انتشار القوات الاميركية.

وتنوي الخطة، التي لم تصل الى المرحلة النهائية، نقل مزيد من العبء الامني في العراق الى العراقيين من دون التخلي عن المكاسب التي حققتها القوات الاميركية في الشهور الاخيرة بتهدئة الاوضاع في اكثر المناطق عنفا وإضعاف التمرد السني.

والمنطلق يختلف اختلافا كبيرا عن الخطط التي كان العديد من السياسيين الاميركيين يدافعون عنها، بمن فيهم عدد من المرشحين الديمقراطيين لمنصب الرئاسة، الذين طالبوا بانسحاب سريع للالوية المقاتلة من العراق – وهي نفس الوحدات التي تلعب دورا رئيسيا في عملية نقل السلطة الى السيطرة العراقية، طبقا لإرادة القيادات الاميركية.

والخطوة تهدف الى دعم الجهود الاميركية طويلة المدى بتجنيد وتسليح وتقديم المشورة للقوات العراقية عن طريق تقوية قدرتهم على التعامل مع مجموعة متعددة من التهديدات. كما تعكس الخطة ايضا رؤية القيادات الاميركية للدور المتزايد للوحدات المقاتلة الاميركية بعدما تصل خطة الرئيس بوش بدعم القوات الى نهايتها في فصل الصيف القادم.

وطبق للمنطلق الجديد، فإن بعض الالوية الاميركية المقاتلة المقرر ان تبقى ستخفض قواتها المقاتلة وتزيد من حجم فرق مراقبة العراقيين. فمن بين لواء يضم 3 آلاف جندي، يمكن ان تتولى كتيبة او كتيبتان تدريب العراقيين بينما يتم الاحتفاظ بالباقي كقوات رد سريعة لدعم العراقيين اذا ما واجهوا مقاومة متشددة. وحتى بعدما ينتهى اجل خطة الرئيس بوش بزيادة القوات في منتصف شهر يوليو (تموز) المقبل وانخفاض عدد الالوية الى 15 لواء من المستوى الحالي الذي يصل الى 20 لواء، فإن الوحدات الاميركية في بعض المناطق المتنازع عليها ستستمر في دورها المقاتل. ويعتمد ذلك على التقييم القائل بأن الوضع في العراق غير مؤكد وان قوات الامن العراقية في عديد من المناطق ليست مستعدة لنقلة سريعة للمسؤوليات. والاقتراح بمزيج من القوات هو جزء من تقييم واسع النطاق للوضع العسكري الاميركي في العراق في مرحلة ستبدأ في النصف الثاني من العام المقبل. والقرارات النهائية ستعتمد على معدلات الخفض او تفاصيل تنفيذ الخطة. وكان الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الاميركية في العراق، قد ابلغ الكونغرس أنه لن يصدر توصيات جديدة حتى شهر مارس (آذار) المقبل بعد تقييم الظروف. إلا ان المنطلق الاساسي بدأ في الظهور.

والجدير بالذكر ان نقل مسؤوليات الامن للعراقيين كان جوهر الاستراتيجية الاميركية الاصلية في العراق. وعبر الجنرال جورج كيسي سلف الجنرال بترايوس عن تفاؤله في العام الماضي بأن القوات العسكرية وقوات الشرطة العراقية ربما امامها ما يتراوح بين 12 و 18 شهرا من تحمل المسؤولية الرئيسية.

غير ان مسؤولية نقل السلطة بسرعة تؤدي الى رد فعل عكسي عادة. ففي محافظة ديالى على سبيل المثال نفذ قادة الجيش العراقي اجندة طائفية، حيث اعتقلوا قيادات السنة التي كانت القيادات الاميركية تحاول اشراكها، وفشلوا في الحد من المكاسب التي حققتها «القاعدة» في العراق. ويؤكد المسؤولون العسكريون الاميركيون ان الموقف قد تغير، وهو ربما يجعل من السهل على القوات العراقية تحمل المزيد من المسؤوليات الامنية. فقد انخفض العنف في العراق جزئيا بسبب دعم القوات الاميركية واستراتيجية جديدة لمكافحة التمرد. وبالاضافة الى ذلك، فإن القوات العسكرية العراقية تتوسع؛ فقد شكلت ثلاث فرق جديدة، بما في ذلك الفرقة الحادية عشرة التي ستشكل في بغداد في الشهور القليلة المقبلة. وهذه الوحدة ستمكن 9 كتائب ارسلت للعاصمة بالعودة الى قواعدها.

ومن المتوقع زيادة عدد القوات العراقية من 200 الف جندي تقريبا بنهاية العام الحالي الى 255 الف جندي بنهاية العام المقبل. وفي الموصل توجد كتيبة واحدة من القوات الاميركية ـ بالاضافة الى مجموعة كبيرة من الجنود العراقيين وضباط الشرطة ـ تساعد على نشر الامن لأكثر من مليون شخص.

وبالرغم من ذلك فإن بعض الخبراء يتشككون في ان الجيش المكون من اغلبية شيعية والشرطة يمكنهما فرض السلام بطريقة عادلة اذا ما انسحبت القوات الاميركية بسرعة. وقال ستفن بيدل الخبير العسكري في مجلس العلاقات الخارجية، ان «العقبات الفعلية هي السياسات الطائفية».

ويعترف الضباط الاميركيون بالمشكلة، ولكنهم يؤكدون ان التقدم يمكن تحقيقه اذا لم تعجل الولايات المتحدة بالعملية. وتجري في الوقت الراهن مجموعة من الجهود لتحسين تدريب ومستوى القوات العراقية. فقد تم توسيع شبكة قومية من مراكز التدريب لتدريب الوحدات العراقية بالقرب من مناطق سكنهم. ولمواجهة النقص في ضباط الصف في الجيش، يجري ترقية 10 في المائة من افضل المجندين الى رتبة ضباط صف بينما تبذل الجهود لتشجيع الضباط السابقين على العودة للجيش. كما ان النقص الشديد سيؤثر في ضباط الشرطة العراقية، وهي ليست بالمشكلة البسيطة بما ان الضباط هم فقط الذين يملكون حق الضبطية. وقد تم تأسيس اكاديميتين جديدتين للشرطة. كما تم تخفيض فترة الدراسة بالنسبة لخريجي الجامعات. ويحاول الاميركيون ايضا تعديل التوازن الطائفي في الشرطة العراقية بالضغط على الحكومة العراقية لتجنيد المزيد من السنة، بالرغم من ان هذه الجهود قد فشلت.

وتعمل عدة فرق من المستشارين الاميركيين مع وزارتي الدفاع والداخلية العراقية في محاولة لتحسين قدرتهم على ادارة القوات.

غير ان الالوية الاميركية المقاتلة ستلعب دورا رئيسيا في دعم التدريب وتشجيع الوحدات العراقية في الميدان لتحمل مزيد من السلطات. ويقول المدافعون عن الخطة ان الالوية مناسبة تماما لمثل هذه المهمة.

وكان العديد من قادة الالوية الاميركية قد خدموا في العراق اكثر من مرة، وهو ما يمنحهم خبرة في التعامل مع القيادات المحلية والقوات العراقية وتنوع اعمال العنف. ويملك القادة مجموعة من القدرات يمكنهم الاستفادة منها. وتشرف الألوية على الفرق الاستشارية المكونة من عدد بسيط يتراوح ما بين 11 الى 15 شخصا. وستنسب فرق اعادة الاعمار في العراق التابعة لوزارة الخارجية، التي تقدم الاستشارة للعراقيين في المشاريع الاقتصادية ووسائل تحسين الحكومات المحلية الى الالوية المقاتلة.

وقال مسؤول اميركي انه سيسمح لكل قائد لواء بتحديد عدد الجنود الذين سيسمح لهم بالمشاركة في التدريب الموسع وجهود الاستشارة، ومتى ستنفذ القوات الاميركية عمليات عسكرية ومتى يجب عليها الابتعاد وترك القوات العراقية تتحمل المسؤولية.

وتجري تجربة تلك المحاولة في عدد من المناطق مثل الفلوجة، حيث اتخذت قوات المارينز مواقع في مراكز الشرطة بينما تم سحب قوات مقاتلة اخرى من المدينة. وفي بعض المناطق ربما يخصص القادة كتيبة بأكملها لدعم جهود التدريب. وفي منطقة اخرى يمكن تخصيص فصيلة او كتيبة للتدريب. وقد تتنوع انواع التدريب؛ فقد ذكر الجنرال نيكسون على سبيل المثال ان كتيبة من الكتائب يمكن ان تركز على التدريب: تدريب الفصائل والسرايا العراقية على القتال بفاعلية كوحدات. وذكر المسؤولون ان قادة الالوية هم في افضل وضع لتقييم التهديدات في مناطقهم، ومعرفة قدرات القوات العراقية التي يعملون معها والموقف السياسي المحلي. وكانت الجهود السابقة لنقل المسؤولية الى القوات العراقية قد توقفت لعدة اسباب من بينها ان الجهود كانت متأثرة بقرارات من مسؤولين اميركيين بعيدين عن ميدان المعركة.

كما انها مختلفة عن وجهات نظر بعض خبراء السياسة الخارجية الذين اقترحوا على الولايات المتحدة سحب قواتها بسرعة بينما تترك مجموعة محدودة من المدربين.

وقد تركز النقاش في الولايات المتحدة على برنامج سحب القوات. إلا ان خطط القيادة الأميركية تشير الى خلافات أقل علنية، ولكنها اساسية بخصوص البنية الاساسية التي يقول الجنرالات انها مطلوبة لإدارة نقل السلطة للسيطرة العراقية.

خدمة «نيويورك تايمز»