واشنطن تسعى للحصول على بيانات الجوال لتعقب المجرمين

وسط تخوف من مراقبة الحكومة لحياة الأميركيين اليومية

TT

قال قضاة ومحامون ان مسؤولين فيدراليين طلبوا من محاكم توجيه تعليمات الى شركات هواتف جوالة بتزويد أجهزتها بمعلومات تساعد على تعقب وتحديد أماكن مهربي المخدرات والهاربين من السلطات والمشتبه في ضلوعهم في قضايا جنائية.

وفي بعض القضايا وافق القضاة على الطلب، من دون ان يطلبوا من السلطات إثبات وجود سبب محتمل للاعتقاد في حدوث جريمة او ان التحريات ستؤدي الى ظهور دليل على ارتكاب جريمة. وتخشى الجهات المعنية بالدفاع عن خصوصيات الأفراد ان يؤدي هذه الإجراء الى تعريض المواطنين الاميركيين العاديين الى نوع جديد من مراقبة الحكومة لحياتهم اليومية. وتتعارض مثل هذه الطلبات مع توصية داخلية لوزارة العدل الاميركية تحث الادعاء الفيدرالي على الحصول على اذن رسمي قائم على اساس وجود سبب مقنع للحصول على معلومات محددة لموقع ما في مناطق خاصة. وتفرض السلطات المعنية سرية على الطلبات والتعليمات، لذا من الصعب معرفة عدد مرات صدور هذه الطلبات او رفضها. وتكتسب هذه القضية اهمية خاصة، في وقت تتسابق فيها شركات انتاج الأجهزة اللاسلكية لعرض خدمات وتكنولوجيا متطورة تسمح لمستخدمي الهواتف الجوالة بمعرفة مكان وجود اصدقائهم او أسرهم، وذلك بضغطة زر فقط. وتأمل الشركات في تخصيص استثماراتها في تطوير تقنية تحديد المكان. وتقول شركة «سبرينت نيكستيل»، على سبيل المثال، انها طورت خدمة تنبّه الشخص عندما يكون صديق له في مكان قريب، الأمر الذي يعني إنهاء مشكلة الافتراق في الأماكن المزدحمة مثل مراكز التسوق او دور السينما او مناطق وسط المدينة. وبفضل خدمة «تشيبرون» من شركة فيريزون، يمكن للآباء والأمهات تحديد منطقة حولهم لا تبعد اكثر من بضعة بنايات، لا يتجاوزها اطفالهم وإرسال تنبيه اوتوماتيكي في حال تجاوز حدود المنطقة. ويقول كيفين باكستون، الذي يعمل في مجموعة تعنى بالدفاع عن خصوصيات الأفراد، ان غالبية من الافراد يحملون، من دون ان يدروا، اجهزة يمكن عن طريقها تعقبهم ومعرفة أماكنهم، وأضاف باكستون ان الهواتف الجوالة يمكن ان تكشف معلومات محددة ودقيقة حول مكان وجود الشخص، من دون ان تكون هناك حماية قانونية ضد هذا النوع من التعدي على خصوصية الشخص. جدير بالذكر ان قاضيا فيدراليا في تكساس، رفض طلبا من جانب هيئة فيدرالية تعنى بمكافحة المخدرات للحصول على معلومات يمكن استخدامها لمعرفة موقع هاتف مهرب مخدرات، من خلال استخدام نظام E911 للمتابعة، وهو نظام يمكّن من قراءة الاشارات التي ارسلت الى أقمار صناعية من رقاقة نظام تحديد الموقع بالأقمار الصناعية، او قراءة اجهزة الراديو المرسلة من هواتف جوالة باتجاه مجموعة خليوية. وقال القاضي برايان اوسلي، من محكمة جنوب تكساس، ان الشهادة الخطية التي قدمت للمحكمة في إطار الطلب الذي تقدمت به السلطات الفيدرالية للتعقب بواسطة الهاتف الجوال لم تركز على «السمات اللازمة لإثبات اسباب معقولة تؤكد ضرورة إلقاء القبض على الشخص المعني». وقرر القاضي اوسلي إعلان رأيه بصورة رسمية، الأمر الذي يوضح ان الهيئة الفيدرالية التي تقدمت بالطلب «فشلت في تزويد المحكمة بمعلومات محددة وكافية لدعم موقفها». وكتب القاضي ان الهيئة الفيدرالية التي تقدمت بالطب اوردت فقط ان الشخص المراد تعقبه متورط في تهريب مخدرات وانه استخدم جواله في ذلك.

وبدلا من السعي الى الحصول على مذكرات اعتقال قائمة على اساس وجود اسباب مقنعة لإلقاء القبض على شخص مشتبه فيه، يتجه بعض المدعين الفيدراليين الى التقدم للجهات بطلبات للحصول على اذن، اعتمادا على مستوى اقل من قاعدة السبب المعقول، معتمدين في ذلك على تشريعين هما «قانون الاتصالات المحفوظة» و«قانون خصوصية الاتصالات». وعادة ما تصدر التعليمات من القضاة في المحاكم الجزئية، وهي الجهة القانونية التي كثيرا ما تنظر في طلبات الحصول على مذكرات التفتيش. وكان ضابط بمكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) قد حصل الشهر الماضي على امر قضائي يسمح بتحديد باستخدام معلومات تحديد الموقع على اساس مستوى اقل لقاعدة السبب المعقول للاشتباه، واستطاع إقناع المحكمة بأن المعلومات المطلوبة ضرورية «لعملية تحقيق جنائي قيد الاجراء». وقال قاض آخر، كان قد رفض حوالي عشرة من هذه الطلبات خلال فترة الشهور الستة السابقة، قد قال ان بعض ضباط الهيئات الفيدرالية يرفقون شهادات خطية مع طلباتهم تؤكد ان الأدلة المقدمة «تتماشى مع معيار قاعدة السبب المعقول للاشتباه» من القاعدة 41 من القواعد الفيدرالية للإجراءات الجنائية. وقال دين لويد، المتحدث باسم وزارة العدل الاميركية، ان المدعين يجب ان يتبعوا سياسة الوزارة، وأضاف قائلا انهم يوصون بقوة ان يحصل المدعون على مذكرات رسمية قائمة على اساس قاعدة السبب المعقول في الاشتباه، في سبيل الحصول على المعلومات التي تساعد على تعقب شخص وتحديد مكان وجوده من خلال هاتفه الجوال. واستخدم عملاء فيدراليون هذا النوع من المعلومات في اكتوبر (تشرين الاول) 2006، لتعقب شخص في فلوريدا ارتكب سلسلة من جرائم القتل، وعثرت الشرطة بالفعل على موقع الشخص، لكنه قتل خلال تبادل إطلاق النار مع أفراد الشرطة لدى محاولته الفرار. ويقول بويد ان هيئات تطبيق القانون لا ترغب على الإطلاق في تعقب موقع وجود المواطنين الذين لا يخالفون القانون. وأضاف ان كل ما يفعلونه هو انهم يطلبون عبر المحاكم الحصول على المعلومات التي تساعد السلطات على تحديد مواقع لها صلة بجرائم ونشاط إجرامي في قضايا تكون حياة البعض معرضة فيها للخطر، مثل جرائم اختطاف الاطفال او القتلة الذين يرتكبون سلسلة من جرائم القتل.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»