إسرائيل توجه تهمة التجسس لضابط عرض خدماته على طهران وحماس وموسكو

انقسام في وكالة الطاقة الذرية حول مدى تعاون إيران

إيراني متطوع في الباسيج خلال صلاة الجمعة في طهران أمس (رويترز)
TT

اختتم مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الـ35، أمس، اجتماعهم الذي استمر يومين في مقر الوكالة في فيينا من دون التوصل الى موقف مشترك حول الملف النووي الايراني. ويأتي ذلك فيما وجهت السلطات الاسرائيلية تهمة التجسس الى طبيب يعمل في الجيش الاسرائيلي عرض على ايران وحماس وروسيا التجسس لصالحهم بحسب ما نقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية.

وحول الملف النووي الإيراني، قال مجلس أمناء الوكالة في بيان اصدره في ختام اجتماعاته، امس، ان «عددا من الاعضاء سروا كون ايران قدمت اجابات وايضاحات على اسئلة الوكالة ضمن المهل المعقولة». واضاف «لكن عددا من الاعضاء الآخرين اسفوا كون التعاون الايراني جاء متأخرا» بينما كانوا يفضلون ان تبادر طهران الى الاستجابة لطلبات المدير العام للوكالة محمد البرادعي. وأيد مجلس الامناء الدعوة التي اطلقها مدير هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة «لتعاون فعال وشفاف بالكامل» من قبل ايران. وكان البرادعي قد اشار اول من امس الى انه على الرغم من التقدم في مجال تعاون طهران مع الوكالة، إلا انهم في الوكالة لا يملكون الادلة الكافية التي تسمح لهم بتأكيد الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني.

وجدد البرادعي دعوته النظام الايراني الى تعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم. ويسمح تخصيب اليورانيوم بإنتاج وقود محطات توليد الكهرباء النووية، ولكنه يؤدي اذا ما تم التخصيب على مستويات عالية الى انتاج مواد تدخل في صناعة السلاح الذري. وشدد عدد من أعضاء مجلس الأمناء في المجلس التنفيذي للوكالة على «ضرورة مواصلة المفاوضات والحوار بين الاطراف كافة... كسبيل للتوصل الى حل على المدى الطويل للمسألة النووية الايرانية».

وقال دبلوماسي غربي حضر الاجتماع إن الغالبية العظمى من اعضاء المجلس تدعم البرادعي في دعوته لايران للتعاون بشكل اكبر والالتزام بقرارات مجلس الامن الدولي بما يشمل تعليق تخصيب اليورانيوم. ومن هذه الدول روسيا والصين التي سبق ان رفضت الانضمام الى الحملة الهادفة لفرض عقوبات اضافية كما اضاف الدبلوماسي، الذي رفض الكشف عن اسمه.

وتشمل العقوبات التي فرضت على إيران حتى الآن حظرا على امدادات التكنولوجيا المتعلقة بالمجال النووي والمعدات وحظرا على صادرات الاسلحة الايرانية وتجميد اصول افراد وشركات ضالعين في برامج ايران النووية. ويأتي ذلك فيما حذرت إيران في اجتماع الوكالة من أن فرض عقوبات عليها سيكون له تأثير عكسي وسيقلل من تعاونها حال تبني قرار جديد لمجلس الأمن. وقال مبعوث إيراني كبير في فيينا «أي بادرة أو قرار جديد من مجلس الأمن الدولي سيكون لها تأثير عكسي على التعاون مع الوكالة». وذكر السفير الإيراني علي أصغر سلطانية خلال اجتماع الوكالة، إنه ينبغي عدم إلقاء اللوم على طهران فيما يتعلق بنقص التعاون، ولكن ينبغي لوم الدول التي أحالت المسألة إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار لا أساس له قانونا».

وفي طهران، قال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الايراني ايران مستعدة للدفاع عن نفسها اذا قرر الغرب مهاجمتها بسبب برنامجها النووي. وقال جعفري في تصريحات بثت في الاذاعة الرسمية «على أعدائنا اليوم ان يعرفوا..انه اذا اعطي القائد الأعلى أوامر بإحباط مؤامرات الاعداء فان الشعب الايراني مستعد لفعل ذلك بأي طريقة لازمة». والحرس الثوري الايراني قوة تحركها مبادئ ايديولوجية لها هيكل قيادي منفصل عن القوات المسلحة الايرانية النظامية وتتبع المرشد الاعلى آية الله خامنئي مباشرة. وقال قادة الحرس الثوري الايراني من قبل ان قواتهم قد تعطل القنوات الملاحية النفطية المهمة بالخليج اذا دفعت لذلك، ولكنهم قالوا ايضا ان القوات الاميركية متورطة في العراق وأفغانستان بشكل اكبر مما يتيح لها فتح جبهة جديدة. وأضافت واشنطن الحرس الثوري الايراني ومصارف ايرانية اخرى الى قائمة المؤسسات التي فرضت عليها عقوبات لعزل ايران.

وعلى صعيد آخر، قالت الشرطة الاسرائيلية ان تهمة التجسس وجهت امس الى طبيب نفسي في الجيش الاسرائيلي عرض ان يبيع اسرارا عسكرية اسرائيلية لايران وروسيا وحركة المقاومة الاسلامية حماس الفلسطينية. ويبدو ان ضابط الاحتياط، 45 عاما، لم ينجح في محاولاته المزعومة لتمرير معلومات عن خطط الاجلاء الاسرائيلية وقت الحرب وخطط طبية، وان قالت الشرطة انه تلقى ردا من وزارة الخارجية الايرانية. ووجهت تهمة التآمر لممارسة نشاطات تجسس والاتصال بعملاء أجانب للميجر دافيد شامير، وجاء في مذكرة الاتهام انه كتب للقنصلية الايرانية في كل من بريطانيا وتركيا كما كتب لجامعة في غزة يعرض عليها «الانضمام الى النضال» مقابل الحصول على أموال. وذكرت الشرطة الاسرائيلية انه طلب أيضا الانضمام لوكالة الامن الروسية (اف.اس.بي) التي حلت محل جهاز المخابرات السوفيتي السابق (كيه.جي.بي) الذي رأسه يوما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأشار الادعاء الإسرائيلي إلى أن شامير كان مطلعا على معلومات سرية تتضمن خطط الطوارئ الخاصة بالفرق الطبية التابعة للجيش الإسرائيلي وبرامج إجلاء المدنيين في حال التعرض لهجوم صاروخي. وطبقا للمعلومات التي كشف عنها اليوم، فإن شامير اتصل أولا بوزارة الخارجية الإيرانية في أبريل (نيسان) الماضي عبر البريد الإلكتروني وقدم نفسه لها على أنه مواطن إسرائيلي وضابط بالجيش، وقال إن له علاقات مع شخصيات مرموقة وشركات في إسرائيل.

ورغم تلقي شامير ردا فإن اتصاله مع الإيرانيين لم يتعد هذا الحد وحاول مرتين أخريين وعرض خدماته عبر إرسال فاكسات إلى أعضاء بالقنصليتين الإيرانيتين في لندن وتركيا من منزله في شهري أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين ولكن دون جدوى.

وبحسب السلطات الاسرائيلية، قام شامير أيضا بكتابة رسالة مجهولة بعثت عبر البريد الإلكتروني إلى الاستخبارات الروسية يعرب فيها عن اهتمامه بالانضمام لها ويطلب خلالها تفاصيل عملية التجنيد.

وعثرت الشرطة على مواد سرية في منزله بالإضافة إلى سجلات لمحاولاته الاتصال بما يتم وصفها بـ«مصادر عدائية». وتم العثور أيضا على كمية ضئيلة من مخدر الماريجوانا. ويعمل شامير في الحياة المدنية كمدير لعيادة للتعافي من إدمان المخدرات. وذكرت تقارير أنه اعترف بالتهم المنسوبة إليه، وأنه قال إن الجشع كان المحرك لارتكابها. وجددت المحكمة حبسه لأسبوعين إضافيين.