تعدد الأنشطة الاحتجاجية لغزة ضد أنابوليس يعكس حدة الانقسامات

تاجر فلسطيني في غزة يعرض أكوابا بمناسبة انعقاد مؤتمر انابوليس امس (رويترز)
TT

رغم أنه كان من المفترض أن تشكل الفعاليات التي نظمتها الفصائل الفلسطينية احتجاجاً على مؤتمر أنابوليس مناسبة لإبراز وحدتها، إلا أنها دللت على حدة الانقسامات بينها، وحجم الاستقطاب في ساحتها. وبات واضحاً أن الصورة التي تعاملت بها القوى المناوئة لأنابوليس، تعكس موقفها ايضاً من قضية الحسم العسكري، وسيطرة حركة حماس على غزة. فالقوى اليسارية ممثلة بالجبهتين الديمقراطية والجبهة الشعبية وبعض التيارات الأخرى رفضت الانضمام للفعاليات الاحتجاجية التي دعت اليها حماس. ومحاولة حماس اغراء هذه القوى بالانضمام لفعالياتها عبر وضع شخصيات من حركة فتح معارضة للرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) على رأس هذه الفعاليات، فشلت ايضاً في استدراج قوى اليسار للانضمام اليها، وأصرت على تنظيم فعاليات مستقلة.

وهكذا لم تشارك القوى اليسارية في «مؤتمر الحفاظ على الثوابت الوطنية»، الذي دعت اليه حركتا حماس والجهاد الإسلامي والعديد من الشخصيات والفعاليات الأخرى، برئاسة وزير العدل الفلسطيني الأسبق ناهض الريس القيادي البارز في فتح. ولم تفلح المحاولات بإلباس الاحتجاج الطابع الأكاديمي، حيث قاطعت قوى اليسار الفعاليات التي نظمتها جامعات ومعاهد تابعة لحماس، مثل مؤتمر «أنين الأقصى». في نفس الوقت قاطع نواب اليسار فعاليات المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حماس. وكما هو متوقع فمن المؤكد ألا يشارك نواب اليسار في التوقيع على «وثيقة التمسك بالثوابت» التي دعا رئيس المجلس التشريعي بالإنابة الدكتور احمد بحر الى التوقيع عليها صباح اليوم.

ويأتي فشل القوى الفلسطينية في القطاع في تنظيم جهودها الاحتجاجية امتداداً لفشلها في عقد مؤتمر «دمشق». وأكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن احد أساب الغاء عقد هذا المؤتمر لا يرجع فقط الى رفض الحكومة السورية لتنظيمه، بل ايضاً الى تراجع بعض القوى والشخصيات.

ويدافع صالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية عن حرص اليسار على تنظيم فعاليات احتجاجية مستقلة. وفي تصريحات لـ «الشرق الأوسط» قال زيدان «رفضنا المشاركة في الفعاليات التي نظمتها حماس حتى لا يفهم احد أننا نقف الى جانب طرف ضد طرف في الساحة الفلسطينية».

ويشير زيدان ايضاً الى نقطة وهي أنه بخلاف حماس والجهاد، فأن تنظيمه والتنظيمات اليسارية القريبة منه لا تعارض مشاركة السلطة في انابوليس بعد قرار وزراء الخارجية العرب المشاركة فيه، لكنها في المقابل تحذر من تقديم تنازلات لاسرائيل تمس بالثوابت الوطنية. ويربط زيدان بين النجاح في مواجهة المخاطر التي من الممكن ان يسفر عنها انابوليس، بالوحدة الوطنية، مشيراً الى أن قدرة الفلسطينيين على مواجهة هذه المخاطر تعتمد بالأساس على نجاحهم في ارساء وحدة وطنية على أسس متينة بناء على ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني.

أما الدكتور صلاح البردويل الناطق بلسان الكتلة النيابية لحماس فيرى أنه رغم من التباينات في مواقف القوى الفلسطينية المناوئة لأنابوليس، الا أنه لا يمكن تجاهل دلالات الاحتجاجات التي تنظمها هذه القوى ضد المؤتمر حتى وان كانت غير موحدة. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال البردويل إن الفعاليات الاحتجاجية على انابوليس تدلل على رفض الشعب الفلسطيني لهذا المؤتمر. واشار الى ان الانقسامات التي اظهرتها الصورة التي احتجت بها الفصائل ترجع في بعض الأحيان الى انقسامات داخل الفصائل نفسها. وحسب البردويل، فإن قيادة الجبهة الشعبية في دمشق كانت متحمسة للمشاركة في الاحتجاجات، بينما كانت قيادة الجبهة في غزة اقل حماساً، في حين كان الأمر معاكساً في الجبهة الديمقراطية، حيث ان قيادة الجبهة في دمشق كانت تميل الى عدم الاحتجاج على انابوليس، في حين كانت قيادة الجبهة في غزة تميل الى المشاركة بشكل جزئي.