نواز شريف: صاحب قرار القنبلة النووية

تميزت إدارته بالتزامها الإصلاح الاقتصادي واهتم بالقطاع الخاص

TT

استهل ميان محمد نواز شريف حياته السياسية باعتباره ابنا لجهازي الجيش والمخابرات القوي في عقد ثمانينات القرن الماضي. ولكنه تحول مع الانعطافات السياسية الى مطالب بتحقيق الديمقراطية والتحرر من جميع أنواع النفوذ من جانب قوات الأمن الباكستانية. وانتخب شريف رئيسا لوزراء باكستان مرتين، من 1990 إلى 1993 ومن 1997 إلى 1999، وكان زعيما للمعارضة اثناء فترة ولايتي بي نظير بوتو. ولمع نجمه السياسي على الساحة الدولية بعد أن أمر بالشروع في انتاج القنبلة النووية «الإسلامية» ردا على القنبلة النووية الهندية. ولد شريف في 25 ديسمبر (كانون الأول) 1949 في لاهور، البنجاب، ودرس القانون بجامعتها قبل أن يلتحق بمكتب «مجموعة الاتفاق» المملوك لأسرته والذي كان تحت إدارة أخيه الأصغر. بدأ شريف حياته السياسية في البنجاب حيث أصبح وزيرا إقليميا للمالية عام 1981. وانتخب عام 1985 نائبا في البرلمان القومي وصار أيضا رئيسا للوزراء في البنجاب. وأعيد انتخابه عام 1988 وهو يتزعم «عصبة باكستان الاسلامية» في أول انتخابات تعقب مقتل الجنرال محمد ضياء الحق في حادث سقوط طائرته. وبعد طرد حكومة بي نظير بوتو الأولى عام 1990 فاز حزبه بالانتخابات وأصبح هو رئيسا للوزراء.

تميزت إدارته بالتزامها بالإصلاح الاقتصادي والاتجاه الى وضع مؤسسات الدولة الصناعية والمالية في يد القطاع الخاص (رفعت علامات استفهام فوق العديد من الصفقات المتعلقة بهذا الأمر)، وبمصادمات متنامية مع الرئيس غلام إسحق خان الذي تمتع بسلطات واسعة بعد تعديلات دستورية أجراها ضياء الحق. وبعد سلسلة طويلة من المشاحنات مع خان استقال كل منهما عام 1993 وخسر شريف الانتخابات التي أجريت في العام نفسه.

في فبراير (شباط) 1997 عاد شريف الى سدة الحكم بعد سقوط حكومة بي نظير بوتو. وسرعان ما مضى لتثبيت قدميه سياسيا بتعديل دستوري في أبريل (نيسان) 1997 يحرم الرئيس من طرد الحكومات المنتخبة وتعيين القادة العسكريين.

وفي ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام كسب معركتين مهمتين ضد كبير القضاة وضد الرئيس فاروق أحمد ليغاري، فطردهما وحل مرشحه محمد رفيق تارار محل ليغاري. وعام 1998 واجهت بوتو وعائلتها تهما بالفساد فدفعت ببراءتها قائلة إن الأمر انتقام سياسي دبره شريف.

في مايو (ايار) 1998 رد شريف على تجارب نووية أجرتها الهند بسلسلة من التجارب الباكستانية وسط مخاوف دولية ونداءات بضبط النفس لم تجد أذنا صاغية. وفي أغسطس (اب) منه، طرح مشروع قانون لاعتماد الشريعة قانونا للبلاد. وبعد شهرين قدم عدد من الجنرالات استقالاتهم احتجاجا على سجل حكومته.

وفي يوليو (تموز) العام التالي طلب الى تنظيمات الميليشيا الإسلامية التي تدعمها بلاده في كشمير الانسحاب من قطاع معين في الإقليم، وهو أمر أثار انتقادات حادة في صفوف الجيش. وفي اكتوبر طرد رئيس هيئة الأركان الجنرال برويز مشرف عندما كان هذا الأخير خارج البلاد. ولدى عودة الجنرال الى الأجواء الباكستانية، أمر شريف بحرمان الطائرة، التي كانت تقل 200 مسافر آخرين، من الهبوط في أي مكان بباكستان رغم ان وقودها كان على وشك النفاد.

وتدخل الجيش فهبطت الطائرة ولاحقا أطاحه مشرف في انقلاب أبيض، ووضع في الإقامة المنزلية الجبرية ووجهت اليه رسميا في يناير (كانون الثاني) 2002 تهم اختطاف البشر واختطاف طائرة والشروع في القتل والإرهاب. وفي أبريل حكم عليه بالسجن المؤبد لكنه نفي الى المملكة العربية السعودية في ديسمبر. وفي 10 سبتمبر (ايلول) الماضي عاد شريف الى عاصمة بلاده من لندن لكن السلطات منعته من النزول من الطائرة فترة من الزمن انتهت بالسماح له بمغادرتها ودخول قاعة الوصول. وهنا أوقفه رئيس مكتب المحاسبة القومية ووجه اليه تهمة الفساد وهدده بالاعتقال والمحاكمة فور خروجه من المطار. وفي ما بعد أعلن ان السلطات منحته خيار التوجه الى السعودية مجددا وهو ما وافق عليه فاستقل طائرة أخرى نقلته الى هذا المنفى الذي بقي فيه حتى عودته أمس.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»