دلهي: خلطة من الطين واللبن والحجر الجيري لغسل واجهة تاج محل

عرفت باسم «مولتاني ميتي» وهي مستمدة من باكستان.. وتستخدمها نساء الهند للحفاظ على بشراتهن

مواطنون هنود يتنزهون امام تاج محل في مدينة اكرا الهندية امس («الشرق الاوسط»)
TT

من المقرر البدء في خطة لتنظيف واجهات تاج محل، أجمل المباني الإسلامية في الهند من حيث الروعة والزخرفة والتصميم الهندسي، بعد أن تعرضت الواجهات الرخامية للتلوث خلال العقود الماضية. ويصارع المبني الاثري العملاق الذي يشرف على مدينة أكرا بالهند على بعد 200 كيلومتر جنوب شرقي نيودلهي، تلوثاً صناعياً وبيئياً منذ سنوات، حوَّل وجهاته الرخامية الى لون اشبه بالأسنان التي لم تلمسها فرشاة منذ سنوات.

وكانت اكرا عاصمة لسلاطين المغول المسلمين. ويعد هذا البناء تحفة عمرانية رائعة على مر العصور. وخلال العملية سيتم غسل المبنى الاثري بخليط من الطمي والحليب والحبوب ومكونات الحجر الجيري، وهي توليفة كانت تستخدمها نساء الهند للحفاظ على نضارة بشراتهن. وتعرف الخلطة باسم «مولتاني ميتي». ويرجع الاسم الى مكان في باكستان. وخليط التنظيف عثر عليه في وثائق مغولية ترجع الى القرن الـ16 الميلادي. وتصدر تلك الخلطة الآن الى ايطاليا لمعالجة واجهات المباني الاثرية هناك. واشار تقرير برلماني هندي الى ان الطلعات الجوية والامطار الحمضية ودخان المصانع القريبة ومخلفات محطة لتكرير النفط أثرت بشكل كبير على واجهات الضريح الرخامية. وكانت المحكمة العليا الهندية قد أمرت عام 1996 بإغلاق المئات من الورش الصناعية القريبة من الأثر الفريد بسبب ما تبثه من سموم التلوث تؤثر في ذلك المبني.

من جهته، قال د. ك. بورمان، مدير السياحة في مدينة اكرا، ان المخلوط الطيني تم تجربته من قبل منذ ست سنوات على نفس الأثر، وحقق نجاحات كبيرة في الحفاظ على الواجهات الخارجية الرخامية. إلا ان دعاة حماة البيئة غير متحمسين لاستخدام المخلوط الطيني لحماية تاج محل للمرة الثانية خلال ست سنوات. ويقول الخبراء ان مستويات التلوث في مدينة اكرا هي مصدر الخطر الحقيقي من جهة تدهور حالة الأثر المعمارية، ويجب على السلطات المحلية ان تركز على هذا الامر. والمعروف ان تاج محل «رمز الحب الحقيقي»، وهو صرح من الرخام أقامه امبراطور هندي مسلم في القرن السابع عشر لذكرى زوجته المحبوبة. والمدخل الرئيسي لتاج محل مشيد من الحجر الرملي الأحمر وتظهر القباب ذات الطابع المعماري الهندوسي والآيات القرآنية المنقوشة على الضريح. وتحيط بحدائق تاج محل جدران عالية؛ كل منها مقسم الى اربعة اجزاء، وهي تعتبر رمزا لحدائق الجنة في الإسلام. وتوجد نوافير وقنوات للمياه تنساب عبر الحدائق. وضريح تاج محل مشيد على منطقة عالية وبه أربع مآذن واحدة من كل زاوية. منذ حصول تاج محل على المرتبة الخامسة في عجائب الدنيا السبع الجديدة التي نظمتها شركة سويسرية، ارتفع عدد الزوار من 11 الفا الى 13500 يومياً، بينما يزور ما يقرب من 3 آلاف سائح اجنبي الضريح يومياً في غير الموسم السياحي بين شهري ابريل (نيسان) وسبتمبر(أيلول) بينما يصل عدد السياح الذين يزورونه في موسم السياحة بين شهر اكتوبر(تشرين الأول) ومارس (آذار) ما يقرب من 45 الف شخص يومياً، مما يثير قلقا كبيرا من خطورة ذلك على المبنى بين مسؤولي السياحة. وكان الإمبراطور شاه جهان الذي حكم الهند قبل أكثر من 300 سنة قد قام بنقل العاصمة من أكرا إلى مدينة دلهي، والتي هي عاصمة الهند اليوم. كما شيدَّ الإمبراطور هذا البناء التحفة تكريماً لزوجته «ممتاز محل» حيث كان يحبها كثيراً لأنها كافحت معه وكانت مخلصة له وأنجبت له ستة أولاد، ولما توفيَّت عام 1630 حزن عليها زوجها الإمبراطور حزناً شديداً، وقرر أن يقيم لها أجملَ مقبرة يمكن أن يشاهدها إنسان، فاستدعى المهندسين المعماريين من كافة أنحاء العالم ليتعاونوا على وضع تصميم مميز لهذا البناء. وبعد 18 عاماً أصبح البناء جاهزاً بعد أن اشترك في تنفيذه أكثر من 20 ألف عامل. وجلبوا له الحجارة الجميلة والرخام الأبيض المصقول من الهند ومصر والجزيرة العربية والتبت. ويبلغ ارتفاع المبنى حوالي61 متراً كله من الرخام الأبيض، وكتبت عليه آيات من القرآن الكريم باللون الأسود. وتم ترصيع جدران المبنى بالأحجار الكريمة وتزيينها بالعقيق وزهور عباد الشمس وأحجار الفيروز في تنسيق رائع يبهر الأبصارَ ويسلب العقولَ كما تحيط بالمبنى من كل جانب مجموعة من القباب الكبيرة والصغيرة غير المتصلة، والتي يبلغ ارتفاع بعضها 41 متراً.

وكانت تحيط بالمبنى حديقة كبيرة تعتبر قمة في التخطيط والتنسيق الرائع حيث كانت تضم النافورات الجميلة والأشجار العالمية المشكلة بطريقة هندسية جميلة. وبعد وفاة الإمبراطور دفن في نفس البناء إلى جانب زوجته.