بوش يرعى اجتماعا بين أبومازن وأولمرت إيذانا بانطلاق المفاوضات رسميا

مفاوضات التسوية الدائمة الفعلية تفتتح بست لجان في يناير المقبل

شرطي فلسطيني يركل فلسطينياً يقتاده شرطي آخر للمعتقل اثناء اعمال احتجاجية في مدينة الخليل ضد انابوليس امس (رويترز)
TT

اتفق الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبومازن)، ورئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، بحضور الرئيس الأميركي، جورج بوش، أمس، على بدء مفاوضات التسوية الدائمة بشكل فعلي في ست لجان عمل فرعية كل منها متخصص في موضوع محدد، هي: القدس واللاجئون والحدود والأمن والمياه والاستيطان، وذلك ابتداء مع مطلع السنة المقبلة، لتنتهي في أعلى حد في نهاية السنة.

ورعى بوش امس لقاء بين ابومازن واولمرت هو الثالث في غضون 48 ساعة وذلك ايذانا بالانطلاق الرسمي للمفاوضات المباشرة رسميا، واستبق الاجتماع الثلاثي بلقائين ثنائيين مع الزعيمين.

وحسب هذا الاتفاق، ستجرى المفاوضات في تلك اللجان، على أن تكون هناك لجنة توجيه عليا برئاسة رئيسي وفدي التفاوض الحاليين، الفلسطيني أحمد قريع (أبوعلاء)، والاسرائيلي وزيرة الخارجية تسيبي لفني. وستجتمع لجنة التوجيه في أول اجتماع لها في يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) في القدس المحتلة، حيث يتفقان هناك على تشكيلات اللجان وأسلوب عمل كل منها. وستجتمع لجنة التوجيه في وتائر عالية لتلخص في كل مرة ما تم بحثه في اللجان الفرعية وتسوية ما قد ينشأ من مشاكل وعقبات. وبالاضافة الى لجنة التوجيه العليا، سيحافظ الرئيسان أبومازن وأولمرت على لقاءات دورية، يتابعان فيها تلك المفاوضات ويصدران بناء على ذلك تعليماتهما للمرحلة التالية من المفاوضات. وستلعب الولايات المتحدة في هذه المفاوضات دور المتابع من على بعد وليس شريكا فاعلا، ولكن الرئيس بوش طلب منهما أن يتوجها اليه في حالة احتياجهما الى المساعدة. كما قال ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، ستكون على أهبة الاستعداد لتقديم أية مساعدة لدفع عملية التفاوض بينهما وانجازها وفق الجدول الزمني المقرر، أي حتى نهاية ولاية بوش.

وسيكون هناك مساران آخران مستقلان وغير مربوطين في مسار التفاوض على التسوية الدائمة: الأول هو المسار الذي تديره الدول المانحة لمساعدة الفلسطينيين في بناء دولة ذات مؤسسات وسلطة قانون واعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني من جديد ليكون اقتصادا مخططا ومنظما، ذا آفاق للرفاه. وسيعقد مؤتمر دولي بهذا الشأن في باريس في نهاية يناير (كانون الثاني) أو بداية فبراير (شباط) المقبل. والمسار الثاني هو مسار تطبيق المرحلة الأولى من «خريطة الطريق»، والذي سيكون الأميركيون شركاء فيه بشكل فاعل، بصفة مراقب ومحكم، يلجأ اليه الفريقان في حالة نشوء أزمة.

وكانت رايس قد ظهرت أمس في واشنطن سوية مع أبوعلاء ولفني معلنة البدء بالمفاوضات على التسوية الدائمة. وقال أفيف شرؤون، نائب المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلي، لـ «الشرق الأوسط»، أمس، ان المفاوضات كان من المفترض أن تبدأ فورا ومن دون توقف، ولكن اختيار يوم 12 ديسمبر لبدئها بسبب حلول عيد الأنوار لدى اليهود، الأسبوع المقبل، وان تأجيل عقد لقاءات اللجان الفرعية للمفاوضات تم بسبب حلول عيد الأضحى المبارك ثم أعياد الميلاد ورأس السنة المجيدة. وأكد ان الطرفين ينويان ادارة مفاوضات جادة وعميقة للتوصل الى تسوية سلمية لكل القضايا. واعتبر مؤتمر أنابوليس انطلاقة رائعة للجميع «فنحن نخرج من هنا بشعور لأول مرة أن الجميع حققوا المكاسب، الأميركيين والفلسطينيين والاسرائيليين بل حتى السوريين». وقال رئيس دائرة المفاوضات في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو الوفد الفلسطيني المفاوض، صائب عريقات، لـ«الشرق الأوسط»، بعد انتهاء مؤتمر أنابوليس، ان مرحلة جديدة قد بدأت في التاريخ الفلسطيني، حيث ان مفاوضات التسوية الدائمة ستبدأ بشكل متواصل ومن دون علاقة بأية شروط اسرائيلية مسبقة، وقال: نحن ندرك ان المفاوضات لن تكون سهلة، بل انها ستكون قاسية وستشهد عراقيل جمة واخفاقات وأزمات. لكن مسؤوليتنا تجاه شعبنا والأجيال القادمة تحتم علينا أن نخوض هذه التجربة بكل مصاعبها، فطالما يوجد لدينا بصيص من الأمل في ازالة الاحتلال ورفع الحيف والظلم عن شعبنا في الأرض المحتلة أو في الشتات، فإننا لن نتردد لحظة. وردا على سؤال حول رؤيته للجديد والمميز في أنابوليس، قال: «أولا نجحنا بمساعدة الأشقاء العرب في فرض جدول زمني لمفاوضات التسوية الدائمة، سقفه نهاية السنة القادمة، وهو الأمر الذي كانت اسرائيل تعارضه بشدة على طول الطريق. ثم اننا لأول مرة اتفقنا على محكم يسوي الخلافات بيننا. ففي الماضي كانت اسرائيل تفرض ارادتها في كل مرة يحدث خلاف. هي تقرر اننا لم ننفذ الاتفاقات وهي تعاقب شعبنا بذلك، فتفرض الحصار وتنفذ عمليات الاجتياح وتجري الاعتقالات وتبطش على هواها بشعبنا، أما الآن، بعد تفاهمات أنابوليس، ستقوم لجنة ثلاثية لبحث كل خلاف والبت فيه وفي حالة اختلافنا على الحل يفرض الحكم الأميركي رأيه.

وكل ذلك بغض النظر عن المسارات الأخرى للتفاوض. وثالثا سنتفاوض حول كل القضايا الجوهرية، بما في ذلك قدس أقداسنا، القدس، واللاجئون، والتي تعتبر بؤبؤ العين، وقضية المستوطنات التي تؤرق شعبنا بحق وتنهب أرضنا. كل هذه قضايا جديدة تؤكد صحة ذهابنا الى أنابوليس».

وردا على سؤال حول رأيه في الأقوال التي تنطلق من قطاع غزة وتقول ان أبومازن وأولمرت لا يمثلان شعبهما ولا يملكان الحق في التفاوض، فأجاب عريقات: «هؤلاء لن يرضيهم شيء، فهم لا يؤيدون أية مفاوضات مع اسرائيل. يعيشون في أوهام الانتصار العسكري على اسرائيل ويريدون أن يوهموا شعبنا بأنهم قادرون على ذلك فعلا. انهم جعلوا من رفضيتهم ايديولوجيا وسيعترضون على كل شيء. وهم بهذا لا يمثلون شعبنا. على اية حال، فإن أبومازن هو الرئيس الفلسطيني المنتخب. وقد وعد بطرح أي اتفاق يتوصل اليه مع الاسرائيليين للاستفتاء الشعبي. والشعب هو الذي سيقرر».