عريقات يؤكد إصرار الفلسطينيين على إسقاط عبارة يهودية الدولة .. ومخاوف من إلغاء حق العودة للاجئين

السعودية ترفض الفكرة وأبو الغيط يحذر من التعامل مع هذا الطرح

متديِّن يهودي وبائع خبز في أحد أحياء البلدة القديمة من القدس المحتلة امس (ا.ب)
TT

يبدو أن خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش في افتتاح مؤتمر انابوليس اول من امس، لم يلاق قبولا لدى السلطة الفلسطينية، رغم الابتسامات العريضة. وفي اول رد فعل رسمي على خطاب بوش قال صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، ردا على ما جاء في خطاب بوش «إن الفلسطينيين ليسوا ملزمين بما يعتقده، او قاله الرئيس الأميركي في خطابه، لا في ما يخص الاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي ولا في قضايا أخرى». وكشف عريقات ان ما عطل التوصل الى وثيقة حتى الربع ساعة الاخير، «اصرار الوفد الاسرئيلي، على تضمين الوثيقة اشارة الى يهودية اسرائيل، لكن الوفد الفلسطيني كان حادا في رفض ذلك، ثم اسقطت العبارة»، ويرى عريقات ان «إصرار اسرائيل على الاعتراف بيهودية الدولة، هو حسم وافشال للمفاوضات قبل ان تنطلق».

وأحدث خطاب بوش، الذي تحدث فيه عن اعترافه بيهودية اسرائيل، استياء ومخاوف واسعة ليس في اوساط الفلسطينيين، سواء في الضفة الغربية او مناطق 1948، من امكانية ان يعطي الاعتراف بكونها دولة قومية، لليهود الحق الشرعي بالغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وافساح المجال لنقل أعداد من السكان العرب من اسرائيل او ما يعرف بمشروع الترانسفير. وحسب مسؤول فلسطيني فإن ذلك يعطي اسرائيل الحق بإلغاء كل المعالم العربية التي تتعارض مع يهوديتها، «بما فيها المساجد والكنائس والاثار العربية»، لكن هذا المسؤول يرى صعوبة بل استحالة في تطبيق ذلك لانه سيعمل على تفجير المنطقة.

ورفض السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير الليلة قبل الماضية فكرة الدولة القومية لليهود. وقال ان «الفلسطينيين والدول العربية لا يمكنهم القبول» بالحديث عن طابع يهودي لدولة اسرائيل.

وردا على سؤال حول تعليقه على تعهد بوش بالحفاظ على امن اسرائيل «كدولة يهودية»، اضاف ان «الفلسطينيين لا يقبلون ذلك وهناك مليون ونصف المليون فلسطيني» يقيمون داخل اسرائيل و«لا يمكن للفلسطينيين ولا للدول العربية الاخرى ان تقبل بقيام دولة على اساس ديني».

من جانبه وصف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط موضوع «يهودية» دولة إسرائيل بأنه «مسألة لها أهمية مفتعلة باعتبار أن الجميع يعرف أن الأغلبية العظمى من سكان دولة اسرائيل هم من اليهود». وقال أبو الغيط في تصريحات صحافية أمس إنه إذا أرادت إسرائيل أن تصف نفسها بأنها دولة «يهودية»، فهذا أمر يخصها.. أما اذا طلبت من الجانب الفلسطيني أو العربي أو الدولي ذلك فهذا موضوع يتطلب الحذر حتى يكون هناك حفاظ على الحقوق القانونية الانسانية والسياسية للعرب الذين لم يتركوا ديارهم عام 1948 واستمروا في العيش بدولة اسرائيل ويشكلون الآن نحو عشرين في المائة من السكان.

واعتبر عضو الكنيست العربي جمال زحالقة لـ«الشرق الاوسط» حديث بوش في هذا الصدد «وعد بلفور جديدا». يذكر ان وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور دعا في وعده لليهود في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) 1917 الى اقامة وطن قومي لليهود مع الحفاظ على حقوق الاقليات العربية فيه.

وقال زحالقة «ان اسرائيل منذ بداية الانتفاضة الثانية وفشل كامب ديفيد بدأت تثير اسئلة وجوديه اكثر من السابق، وتطالب بالاعتراف بيهوديتها اكثر من اي وقت مضى». وحسب زحالقة فإن الاعتراف بيهودية اسرائيل هو اعتراف بصهيونيتها، وان اسرائيل تطالب العالم اليوم بالاعتراف بصهيونية الدولة، لا بالدولة فقط. ويرى زحالقة ان اسرائيل بذلك تحاول «شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، متذرعة بيهوديتها، ثم سيعطيها ذلك الحق بالتحكم بمصير مليون ومئتي الف فلسطيني بالداخل، اذ لن يعاملوا على انهم مواطنون في الدولة، اضافة الى سد الطريق على النضال العربي بالمطالبة بوقف التمييز ضد العرب، وسلب حقوقهم من خلال يهودية الدولة».

ويرى زحالقه خطرا كبيرا في استدراج السلطة الفلسطينية، حتى بالحديث عن دولتين لشعبين، ويعتبر ذلك اعترافا ضمنيا بيهودية اسرائيل، اذ يقول زحالقه إن الاصح هو المطالبة بدولتين لجميع مواطنيها.

واعتبر عاطف عدوان، أحد قياديي «حماس» ووزير اللاجئين في الحكومة العاشرة، ان «اسرائيل ارادت بطرح يهودية الدولة وضع عراقيل لأي تسوية ممكنة»، وقال عدوان لـ«الشرق الاوسط»: «ان ذلك يعني منع عودة اللاجئين الفلسطينيين، وتهجير اكثر من 21% من سكان اسرائيل الفلسطينيين، اضافة الى اعطائها الحق بإلغاء كل المعالم العربية التي تتعارض مع يهوديتها، بما فيها المساجد والكنائس والاثار العربية»، وحسب عدوان فان تطبيق ذلك غير ممكن بأي حال من الاحوال وسيفجر المنطقة.

وتؤكد السلطة الفلسطينية رفضها الاعتراف بيهودية اسرائيل وأعلن نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة، أن الجانب الفلسطيني أبلغ الإدارة الأميركية وإسرائيل رسمياً عن رفضه التام للحديث عن «دولة يهودية».

وقال ابو ردينة «إن الاعتراف بدولة يهودية أمر مرفوض، ومنظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بدولة إسرائيل ولا يمكن أن نتجاوز هذا الخط وأن الجانبين الأميركي والإسرائيلي أبلغا بذلك».

أما المحلل السياسي علي الجرباوي فقال لـ«الشرق الاوسط»: «ان اي عاقل فلسطيني لا يمكن له ان يقبل بيهودية الدولة». واضاف ان اسرائيل تسعى لذلك من اجل التخلص من القلق الديموغرافي الذي يلاحقها، ويمكن له ان يسقط اسرائيل بازدياد أعداد الفلسطينيين في الداخل»، اضافة الى ما هو متعارف عليه من اسقاط حق العودة للاجئيين الفلسطينيين، والاجحاف بحقوق اكثر من مليون فلسطيني من سكان اسرائيل.