الأكثرية تطرح قائد الجيش اللبناني مرشحا توافقيا وسيناريو عودة وزراء شيعة إلى الحكومة يسهل الإخراج

السنيورة يوافق على تعديل الدستور... لإخراج البلاد من الأزمة

TT

لولا بعض العوائق «الاجرائية» لكان مجلس النواب اللبناني يجتمع بعد ظهر غد لتعديل الدستور وانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً جديداً للبنان. فقد تسارعت المواقف الصادرة عن قوى الاكثرية البرلمانية التي تبدي الاستعداد للقبول بسليمان رئيساً للجمهورية، وهو الخيار الذي كان مرفوضاً من قبلها سابقاً. واكدت مصادر لبنانية لـ «الشرق الاوسط» ان الاتجاه كان يميل الى اجراء عملية «اخراج» سريعة لعملية انتخاب سليمان غداً الجمعة، غير ان بعض الاتصالات التي جرت ادت الى «فرملة» هذا الاتجاه للبحث في المخارج الدستورية لسيناريو التعديل، بالإضافة الى ان مواقف بعض القوى، كـ«القوات اللبنانية» تحتاج الى «لمسات إقناعية أخيرة». وتوقعت المصادر ان يتم تأجيل جلسة الجمعة، لبضعة ايام على ان يتم الانتخاب الثلاثاء المقبل كحد اقصى اذا لم تطرأ تعقيدات ما في المواقف.

وقالت مصادر في فريق الاكثرية لـ«الشرق الأوسط» ان اجتماعاً على مستوى عال لقيادات الاكثرية عقد ليل اول من امس للبحث في هذا الخيار بحضور رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. وأشارت الى ان الاجواء كانت ايجابية نافية معلومات سابقة كانت ترددت عن معارضة الرئيس السنيورة لخيار تعديل الدستور. وذكرت ان الرئيس السنيورة اذا وافق على هذا الخيار، فانه سيوافق تحت ضغط رغبته الكبيرة في انهاء الوضع القائم الذي تتحمل فيه الحكومة «امانة» صلاحيات رئيس الجمهورية خلافاً لرغبة السنيورة وفريق «14 آذار» وترددت معلومات امس عن اجتماع عقد في السرايا الحكومية برئاسة السنيورة وحضور وزير العدل شارل رزق وقضاة للبحث في الآلية المفترض اعتمادها. غير انه تبين لاحقاً ان الاجتماع كان للبحث في موضوع التحقيق الدولي في قضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري قبيل صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية، وفق ما ابلغت مصادر حكومية «الشرق الاوسط». فيما قال مصدر آخر ان الاجتماع كان للبحث في التقرير الذي تسلم كل من السنيورة ورزق نسخة منه.

وما ساهم في تأجيل انضاج «الطبخة» حصول جدل دستوري حول قدرة البرلمان على تعديل الدستور في ظل دخوله فترة «الاجتماع الحكمي» لانتخاب الرئيس، بالإضافة الى عدم اعتراف المعارضة بشرعية الحكومة التي يجب ان يمر التعديل عبرها. كما ان علامة استفهام كبيرة رسمت حول موقف رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي ترى مصادر الاكثرية انه سيكون محرجاً في رفض ترشيح سليمان، محملة رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية اجهاض هذه المحاولة التوافقية.

ومع ان عون كان قال امام بعض نوابه انه يقبل بوصول شخص من اثنين الى الرئاسة، هو او العماد سليمان، كما قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الاوسط»، الا ان عون تعاطى مع الموضوع وكأنه محاولة لإحراجه و«إحراق سليمان». وقال في رد على سؤال عن ترشيح سليمان «عظيم، فليتقدموا بمشروع تعديل للدستور في البرلمان ومن ثم نبدي رأينا».

وعلمت «الشرق الاوسط» ان احد الخيارات المطروحة على بساط البحث هو عودة الوزراء الشيعة، او على الاقل وزراء كتلة الرئيس بري الى حكومة السنيورة لـ«شرعنتها» من وجهة نظر المعارضة قبل اعداد مشروع التعديل الدستوري اذا تم التوافق.

في المقابل قال وزير «حزب الله» المستقيل محمد فنيش ان طرح العماد ميشال سليمان سمعناه في الاعلام. ولا ندري مدى جديته، مستبعداً انعقاد جلسة غداً لأن «انعقادها مرتبط بالتوافق الذي لم تظهر مؤشراته بعد الا اذا حدث مستجد ما». واضاف: «بغض النظر عن تقويمنا لشخص العماد سليمان الذي نحترم فان الامر يتطلب حلاً سياسياً يتمثل في موافقة العماد عون، وحلا دستورياً في كيفية تعديل الدستور».

وكانت سبحة مواقف «14 آذار» كرت امس، اذ قال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل ابو فاعور لـ«الشرق الاوسط «ان هناك نقاشاً جدياً وايجابياً داخل قوى «14 آذار» حول هذا الموضوع بالإضافة الى وساطات تتم من قبل اكثر من طرف عربي».

وأكد النائب الياس عطا الله ان انتخاب رئيس للبنان قد يتم في جلسة الجمعة او في «الايام القليلة المقبلة» وان العمل جار للتوافق على العماد سليمان. وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب عمار حوري في حديث الى فضائية «العربية»، «نعلن قبولنا بتعديل الدستور في سبيل الوصول الى توافق على اسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان، وهو رمز لوحدة المؤسسة العسكرية التي قدمت الشهداء والدم دفاعا عن الوطن تجاه العدو وتجاه من هدد السلم الاهلي». واعتبر: «ان هذا الموقف يسقط اتهام البعض لنا بإحداث الفراغ أو محاولة تمديده». وقال قيادي في «14 آذار» لـ«الشرق الاوسط» ان موقف النائب حوري «ليس اعلاناً رسمياً، لكنه يعكس فعلاً الجو داخل تيار «المستقبل» وفريق الاكثرية. وأشار الى انه لا مانع لدى «14 آذار» من التراجع عن موقفها الرافض لتعديل الدستور.

هذا، وباشر العماد سليمان امس ما يشبه «زيارات ما قبل الانتخاب»، فزار رئيس مجلس النواب نبيه بري كما زار مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. كذلك زار سليمان مطران بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة. وكان استقبل في مكتبه في اليرزة وزيرة الشؤون الاجتماعية النائبة نايلة معوض التي اكدت «وقوفها بجانب الجيش»، وأشادت بـ«الدور الوطني وحكمة قيادته في الحفاظ على الامن والاستقرار وحماية مؤسسات الدولة».

واعتبر الخبير الدستوري والقانوني د. حسن الرفاعي انه لا يجوز ان تتوقف الحياة التشريعية. وقال: «الاجتهاد يؤول بنا حتما الى أنه من المفروض أن الحياة التشريعية يجب أن لا تتوقف. ومن ناحية ثانية يجب أن نسأل سواء طال الامر شهرا أو شهرين، هل المنطق يقبل أن تتوقف الحياة التشريعية حتى ينتخب الرئيس؟، لا». وأضاف: « المجلس ليس بحالة انتخابية ومن المفترض به أن لا يتعاطى بأي أمر آخر سوى عند التئامه لانتخاب رئيس للجمهورية، فيمكن في نفس اليوم أن تعقد جلسة لانتخاب رئيس جمهورية وترفع الجلسة وينظر بالقوانين».

وعما إذا كان مجلس الوزراء يستطيع أن يقدم اقتراحا بتعديل الدستور قال الرفاعي: «لا يجوز توقيف الحياة التشريعية لأن هناك القوانين المستعجلة، وتاليا المادة 75 تنص على انه عندما يلتئم المجلس لانتخاب رئيس جمهورية يصبح هيئة ناخبة ولا يجوز أن يتعاطى أي أمر آخر. والمؤسف اليوم أننا وصلنا الى أوضاع غير دستورية كليا».

لكن الخبير القانوني النائب السابق مخايل ضاهر قال: «لا اعلم اذا كان هناك من مجال للتعديل، لان المادة 15 تقول ان المجلس اصبح هيئة ناخبة وليس مشرّعة».

واستقبل البطريرك نصر الله صفير النائبين السابقين منصور البون وغطاس خوري موفدين من النائب سعد الحريري. وقال خوري عقب اللقاء: «الزيارة لتأكيد مرجعية بكركي وان خيارنا هو الجمهورية وليس الفراغ».

وابدى عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب ناصر نصر الله اعتقاده بأن الحل الانسب في حال تم التوافق على قائد الجيش لرئاسة الجمهورية هو إلغاء المادة 49 من الدستور لا تعديلها. واشاد الرئيس السابق للحكومة سليم الحص، بتصريح النائب حوري الذي اعلن فيه قبول قوى «14 آذار» بتعديل الدستور في سبيل الوصول الى توافق على اسم قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، وقال الحص: «اذا كان هذا التصريح يعبر عن موقف جديد لتكتل 14 آذار فإننا نستبشر خيرا. فنحن نرى في العماد ميشال سليمان مرشحا توافقيا صالحا، فأداؤه في قيادة الجيش يشهد له بالوطنية الصادقة وبأهليته لقيادة السفينة في هذه المرحلة الخطيرة».

وأعلن الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي انه يؤيد إلغاء المادة المتعلقة بظروف ترشيح موظفي الفئة الأولى نهائيا.