خلايا الإرهاب تستهدف الدعاة ورجال الدين الذين فندوا فكرهم التكفيري

عائض القرني لـ«الشرق الأوسط»: الحوار معهم أثبت تأثرهم بأسامة بن لادن

TT

لم يسلم علماء الدين والشيوخ من أسهم الإرهاب بعد أن أعلن الأمن السعودي أمس القبض على ست خلايا كانت من ضمن مهامها استهدافهم، لينكشف اللثام عن بشاعة الفكر الضال الذي لم يفرق بين عالم دين وغيره.

تلك الخلايا الإرهابية التي وجهت سهام حربها على رجال الدين لم تكن الأولى في السعودية بل كان لمقتل الشيخ عبد الرحمن بن محمد السحيباني القاضي في المحكمة الجزئية بسكاكا منتصف العام 2003 على يد ثلاثة أشخاص يعتنقون الفكر التكفيري دلالة على وجود ذلك التوجه منذ زمن بعيد.

الجماعات الإرهابية وصفت ومنذ البداية علماء الدين في السعودية بأنهم «علماء السلطان»، ليسهل على معتنقي فكرهم النيل منهم، وذلك بسبب إنكار هؤلاء العلماء لتلك العمليات الإرهابية، والتي كان في مقدمتها فتوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في 2001، التي حرم فيها قتل غير المسلمين والمقيمين في البلدان الإسلامية، والتي جاءت بعد وعود أطلقها أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة ضد الأميركيين والبريطانيين المقيمين في السعودية.

كما لا يمكن إغفال تأثير تحذير مفتي السعودية الاخير للشباب من الذهاب إلى خارج السعودية بقصد «الجهاد في سبيل الله»، معتبرا أن هناك أطرافا مشبوهة تحاول الإيقاع بهم، والذي أشار إلى أن ذلك كان سببا في استدراجهم والإيقاع بهم من قبل «الأطراف المشبوهة ينفذون بهم مآربهم في عمليات قذرة هي أبعد ما تكون عن الدين حتى بات شبابنا سلعة تباع وتشترى لأطراف شرقية وغربية».

الداعية الإسلامي الشيخ عائض القرني قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الفكر التكفيري هو فكر انشطاري، يتوالد كخلايا السرطان في الجسم، فإذا كفر النظام فانه يكفر كل من ينصر ويعضد النظام من العلماء والدعاة ورجال الأمن والموظفين، وقد حصل في بعض البلدان أنهم فعلوا ذلك، ولهم سابق من فعل الخوارج في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنهم لما حملوا التكفير وكفروا علي ثم قتلوه».

وتابع الشيخ القرني «عموما هذا ليس بغريب فكما تعلم السعودية قامت على الكتاب والسنة، والدعاة والعلماء هم من أنصار دعوة التوحيد التي قامت عليها الدولة، وهؤلاء يرون الدعاة والعلماء خصوما لهم وأنهم يساندون النظام القائم على الكتاب والسنة وبالتالي جعلوهم أهدافا سهلة لهم، وأهدافا مشروعة في فكرهم التكفيري».

وعن الدعاة الذين يمكن أن يكونوا أهدافا لهؤلاء الإرهابيون قال القرني «لا أستطيع أن احدد أسماء لكن اعتقد أنهم الدعاة الذين يدعون إلى منهج السنة والمنهج الوسطي المعتدل، إنهم خصوم لهم، لان هؤلاء الدعاة قاموا بحملة ضد هذا الفكر التكفيري وعبر الطروح والمحاضرات والندوات والأشرطة والتلفزيون فهم يرون أنهم حاربوا، وكرهوا الرأي العام فيهم، و لأنهم شرحوا أخطارهم للناس وعمدوا إلى توعيتهم عبر دروسهم فأصبحوا خصوما لهم وأهداف مشروعة في نظرهم».

وأضاف «أنا ممن حاورهم في السجون بل كنت أنا من حاور الرموز الثلاثة، واستنتجت عبر هذا الحوار ومعي ثلة من العلماء إلى أنهم لم يأتوا ضمن تحقيقهم سواء داخل السجون أو خارجها ولو بشريط واحد أو كلمة تضاف إلى الدعاة بل هم متأثرين بفكر أسامه بن لادن بكل صراحة».

واستطرد «كنا نقول لهم أن مشايخنا هم ابن باز وابن عثيمين وغيرهما، فقالوا لا شيخونا كذا وفكرنا فكر الظواهري، أما الدعاة فلم يصلوا في تلك الفترة إلى تكفير النظام والحكومة واستباحة الدماء وإزهاق الأنفس».

من جانبه توقع الشيخ عبد الله العثيم رئيس المحكمة الجزائية في جدة أن سبب توجه أنظار الجماعات الإرهابية إلى علماء الدين جاء بعد الفتاوى الدينية ضدهم، والتي تجرم ما يقومون به من عمليات الضالة التي يعمدون لها. وقال العثيم لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الاستراتيجية التي ظهرت لدى الجماعات الإرهابية، تعتبر جديدة خصوصاً من خلال اعترافات عدد من الأشخاص المتورطين في تلك التنظيمات لم تكن لديهم تلك الاستراتيجية بل كانت منصبة على المصالح الأجنبية داخل السعودية.

وأضاف أن التوجه الذي كان لديهم من خلال الاعترافات منذ البداية لم تكن أيضاً استهداف داخل الدولة إلى أن بدأ التحول إلى داخل السعودية عند بداية العمليات.