دعوات طرابلسية للتهدئة بعد اشتباك أوقع قتيلين و8 جرحى

الجيش يكثف انتشاره في عاصمة شمال لبنان ويسير دوريات

محققون ورجال امن لبنانيون في موقع الاشتباك المسلح الذي وقع في طرابلس اول من امس وبدت خلفهم صورة كبيرة لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري والنائب سعد الحريري («الشرق الاوسط»)
TT

سيطر امس هدوء حذر على طرابلس في شمال لبنان عقب التوتر الذي عاشته المدينة ومحيطها اول من امس جراء الاشتباك الذي وقع في حي ابي سمراء بين عناصر عن «حركة التوحيد الاسلامي» وآخرين ينتمون الى تنظيم «افواج طرابلس» واسفر عن سقوط قتيلين وعدد من الجرحى.

وفيما تابع الجيش اللبناني نشر وحداته في المنطقة حيث اقام حواجز تفتيش وسيَّر دوريات مؤللة وراجلة، شيع ذوو القتيلين نواف حيدر وراشد باسم ياسين الى مثواهما الاخير. وينتمي حيدر الى حركة التوحيد وقد شيع في مسقط رأسه بلدة كفرتبنيت (قضاء المنية ـ الضنية) فيما شيع ياسين، وهو من انصار «تيار المستقبل»، في مسجد طينال في طرابلس.

وباشرت فاعليات حزبية وبدعوة من «الجماعة الاسلامية» اتصالات من اجل تطويق الوضع والحؤول دون تجدد الصدام وخصوصاً ان اشكالات كانت حصلت بين «التوحيد الاسلامي» و«افواج طرابلس» في وقت سابق على خلفية تعليق صور للرئيس الراحل رفيق الحريري، مع الاشارة الى ان انتشاراً مسلحاً لافتاً سجل في المحلة اثر حصول الاشكال الذي ادى ايضاً الى اصابة اسامة شعبان، شقيق رئيس حركة التوحيد بلال شعبان، بجروح في بطنه. كما جرح سبعة آخرون نتيجة اطلاق النار، بينهم ستة ينتمون للحركة.

ويشار الى ان «حركة التوحيد الاسلامي» انطلقت في العام 1982 ابان الاجتياح الاسرائيلي للبنان. وتواجهت لاحقا مع القوات السورية التي كانت منتشرة في لبنان. اما «افواج طرابلس» فهو اسم بدأ التداول به قبل نحو سبعة اشهر عبر ملصقات على الجدران تتضمن مبايعة لرئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري بالقول «الامر لك يا سعد». لكن مكتب «تيار المستقبل» في الشمال الذي يرأسه عبد الغني كبارة، شقيق النائب محمد كبارة، تنصل في اكثر من مناسبة من المسؤولية عن هذه الافواج.

وفي اطار ردود الفعل على الاشتباك، رفض رئيس «التكتل الطرابلسي» وزير الاشغال والنقل محمد الصفدي «رفضا قاطعا الاحتكام الى السلاح بين اللبنانيين وتحديدا في طرابلس» واعتبر «ان انتشار السلاح غير الشرعي وتوزيعه على الناس يهدد السلم الاهلي». وقال امس: «ان اي صدام سني ـ شيعي لا سمح الله يعني زوال لبنان ولن يسلم منه المسيحيون. وربما امتد الى خارج الحدود. وهذا الهاجس كان الدافع الرئيسي وراء اصرارنا على التوافق ونصاب الثلثين في الانتخابات الرئاسية». وأضاف: «التوافق مسألة صعبة ومعقدة وهي تشمل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وتركيبتها والبيان الوزاري وما يعرف بالثلث الضامن».

وقال النائب مصباح الاحدب (قوى 14 آذار) ان «الحوادث الأمنية التي شهدتها مدينة طرابلس مستنكرة ومرفوضة وهي ناتجة عن الاحتقان المتواصل الذي تقوم به بعض الجهات لإشعال الفتن في المدينة وإحداث التفرقة داخل الصف الواحد» داعيا الجميع إلى «العودة الى قواعد التهدئة والعمل السلمي وعدم السماح لتحويل طرابلس إلى نقطة انطلاق للفوضى التي يخطط لها أعداء لبنان». وأكد أن «الرهان هو على الدولة» سائلا باسم أبناء طرابلس: «لماذا لا تقوم الحكومة اللبنانية باتخاذ قرار سياسي يسمح للجيش اللبناني والقوى الأمنية بسحب السلاح غير الشرعي من يد التنظيمات كافة، مهما كان حجمها ومهما كان انتماؤها، اذ من غير المقبول العودة الى زمن الميلشيات».

واعتبر رئيس «جبهة العمل الاسلامي» فتحي يكن، في بيان صدر عن مكتبه امس «ان بعض القوى المشبوهة والمأجورة الخارجة عن الخط الداخلي، دأبت على التحريض على الفتنة، وافتعال المشكلات وجر البلاد الى فتن داخلية، وحروب أزقة وشوارع ومربعات أمنية ترعاها زعامات سياسية وجهات سلطوية وأجهزة أمنية باتت معروفة ومكشوفة». وقال انه «على خلفية ذلك عملت هذه القوى على تجنيد مئات الشباب وتدريبهم وتسليحهم بغية توظيفهم في صراعات طائفية ومذهبية خدمة للمشروع الأميركي، وخصوصا في الفترة التي ينعقد فيها مؤتمر أنابوليس الخياني».

وأعلن رئيس «جمعية الانقاذ الاسلامية اللبنانية» محمد علي ضناوي: «اننا اذ نرفض لغة السلاح في حسم الخلافات ضمن غايات مشبوهة». وطالب بالاسراع في «التحقيق ورفع الغطاء عن المعتدين المتسببين في الحادث الدموي الخطير والبشع وترك الامر الى المؤسسات القضائية والامنية حفاظاً على الامن وتأكيداً لحرمة الدماء».

وزار رئيس الحكومة السابق عمر كرامي مقر حركة «التوحيد الإسلامي» والتقى أمينها العام، الشيخ بلال شعبان. وقال عقب اللقاء: «لا يجوز أن تكون طرابلس كبش فداء لأي مشروع سياسي. نحن حريصون مع كل أبناء هذا البلد على أن نمرر هذه المرحلة بأخوة وسلام. ونحن نأسف لما حدث ونترحم على الضحايا ونتمنى للجرحى الشفاء السريع. ونهيب بالدولة بكل أجهزتها من جيش وقوى أمن وقضاء أن تتحرك بسرعة وفعالية لوضع حد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن هذه المدينة».

وأصدرت «حركة اليسار الديمقراطي» في الشمال بيانا اعتبرت فيه أن ما جرى أمس (الأول) في طرابلس من أحداث امنية «لم يفاجئ من تابع خلال الأسابيع الماضية حركة التسلح ودفع الأموال الى بعض التنظيمات الأصولية، ترافقا مع التوتير المتواصل وكلام التحدي وكلام الاستقواء». وأضاف البيان «إننا إذ نرفض مطلقا الاحتكام الى السلاح والفوضى، نهنئ الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، لحسمها الموقف خلال وقت قصير».