إيران: مواجهة مفتوحة بين أحمدي نجاد والمؤسسة القضائية بسبب موسويان

الرئيس الإيراني يتهم القضاء بتسييس القضية ويهدد بكشف وثائق * وزير العمل الإيراني يتهم الحكومة بسوء الإدارة الاقتصادية

TT

واجه الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد يوما صعبا امس، ففي المرة الاولى من نوعها انتقده وزير في حكومته وهو وزير الصناعة، وذلك وسط انباء عن قرب تقدم الوزير استقالته من حكومة أحمدي نجاد. كما دخل احمدي نجاد في «مواجهة علنية» مع المؤسسة القضائية الإيرانية التي اتهمها بتسيس قضية المفاوض النووي حسين موسويان، الذي برأه القضاء من تهمة التجسس اول من امس، اذ انتقد الرئيس الإيراني قرار القضاء، وقال ان لدى حكومته وثائق تثبت ادانة موسويان، موضحا انه على استعداد للكشف عنها، إذا سمحت له المؤسسة القضائية بهذا. وفي مؤشر على توترات سياسية متنامية في ايران، انتقد احمدي نجاد المؤسسة القضائية الايرانية وهي سابقة من نوعها، خصوصا ان رئيس المؤسسة القضائية الإيرانية محمد هاشمي شهرودي شخصية نافذة مقربة من المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي. وفي تصريح غير اعتيادي، طلب الرئيس احمدي نجاد «نشر تفاصيل المباحثات بين موسويان والدبلوماسيين الاجانب». وقال أحمدي نجاد «السيد موسويان عقد لقاءات عدة مع اجانب وقال بعض الاشياء واذا نشر مضمون تلك المحادثات والمعلومات المتبادلة فسيتضح الامر». وتابع «في بعض الاحيان تكون الظروف قاسية ومعقدة وبعض الناس يريدون استخدام نفوذهم ضد تحقيق العدالة مثلما الحال في قضية موسويان».

ولم يصدر تعليق من القضاء على تصريحات أحمدي نجاد. ويعين المرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي بنفسه رئيس المؤسسة القضائية، وهو الذي عين شهرودي، كما ان المؤسسة القضائية تعود للمرشد الاعلى عند الحاجة. ولمؤسسة القضاء دور يتعدى الدور القانوني او القضائي، اذ انها تتمتع بصلاحية اختيار 6 أعضاء من مجلس الأوصياء المكون من 122 عضوا، فيما يختار المرشد الاعلى الستة الاخرين. من جهته، قال وزير الاستخبارات غلام حسين محسن ايجائي، مقرب من أحمدي نجاد، ان اجهزة وزارته ستستأنف القرار القضائي بتبرأة موسويان. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الإيرانية «لقد عقد ما بين 10 الى 15 اجتماعا مع اجانب. وجرى تبادل كلام وتقديم معلومات. وينبغي ان يكون الشعب على علم بما قاله موسويان للاجانب». وقال وزير الاستخبارات مجددا انه واثق من ان موسويان قدم معلومات تتعلق بالمصلحة الوطنية لسفارات اجنبية. وتابع محسن ايجائي «ان وزارة الاستخبارات اجرت تحقيقها وحددت خطأه»، كما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية الرسمية. وكان قد اكد في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) ان موسويان «مذنب»، لكن يعود للقاضي اصدار القرار بهذا الشأن. وأضاف ايجائي «يمكن استئناف قرار النيابة بحسب القانون وستحتج وزارة الاستخبارات قريبا لدى القضاء». وجاءت هذه التطورات بعدما اعلن المتحدث باسم القضاء علي رضا جمشيدي براءة موسويان من تهم التجسس وامتلاك وثائق سرية، في حين انه مذنب في مسألة الدعاية ضد النظام. وكان لافتا ان شخصيات نافذة محافظة اتخذت مواقف مؤيدة للسلطة القضائية، إذ قال رئيس البرلمان المحافظ غلام علي حداد عادل «يعود للقضاء دراسة هذا الملف». واضاف «لقد قلت في السابق انه ينبغي ان ننتظر حكم القاضي بشأن قضية موسويان. واذا ما تمت تبرأته كما يقال، فسوف نشعر بارتياح». بدوره اعلن علي اكبر ناطق نوري الشخصية البارزة في معسكر المحافظين ومستشار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي، ان «الاتهامات بالتجسس وامتلاك وثائق سرية الموجهة ضد موسويان ليست عادلة». كما اعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية علاء الدين بوروجردي، وهو من المحافظين ايضا، انه يعود للقضاء البت بالامر.

وكان موسويان المتحدث باسم فريق المفاوضين في الملف النووي الايراني الذي استبدل في 2005 مع وصول احمدي نجاد الى السلطة. يذكر أن موسويان كان الرجل رقم 2 بعد المفاوض حسن روحاني بمجلس الامن القومي الايراني وهو الجهة الرئيسية المنوطة بإجراء المفاوضات النووية في عهد الولاية الثانية للرئيس السابق محمد خاتمي من 2001 إلى 2005.

واتهم أحمدي نجاد بدون أن يذكر الرئيسين السابقين بالاسم خصومه بممارسة ضغط على القضاة في قضية موسويان للحيلولة دون إدانته بالتجسس.

وتأتي قضية موسويان في إطار الصراع الداخلي حول السلطة عشية الانتخابات البرلمانية في الرابع عشر من مارس (آذار) القادم والتي تعد حاسمة بالنسبة لاحمدي نجاد. فهزيمة فصيله سوف تمكن الاصلاحيين ليس فقط من العودة إلى البرلمان لكن أيضا ستؤدي إلى تقليص فرص إعادة انتخابه في عام 2009. لكن النزاع الاخير يدل على أن تأييد السلطة القضائية للرئيس الذي ينتسب بدرجة أكبر إلى جناح المحافظين قد تضاءل إلى حد ما. ومع ازمة موسويان، انتقد وزير العمل الايراني محمد جهرومي السياسة الاقتصادية التي ينتهجها احمدي نجاد في مجال الاقتصاد متهما اياه بالاساءة الى المؤسسات الوطنية، على ما اوردت وسائل الاعلام الإيرانية امس. وأعرب جهرومي في رسالة موجهة الى احمدي نجاد، عن اسفه لان الحكومة لا تمنح قروضا كافية للشركات كما انها لم تنجح في وقف تدفق الواردات الاجنبية، الامر الذي يعود بالضرر على الشركات الوطنية برأيه. وأكد «ان التسليفات الممنوحة الى الشركات قد انخفضت مما يعوق سياسة خلق الوظائف». وأضاف «ان الواردات غير المنضبطة للمنتجات المصنعة الحقت ضررا لا يعوض بالمصنعين» الايرانيين، معربا عن قلقه ازاء «بعض القرارات المعاكسة (لنمو) الانتاج الوطني».

ولم ينشر مكتب العلاقات العامة في وزارة العمل هذه الرسالة المكتوبة قبل شهرين الا مؤخرا بحسب صحيفة «سرماية» الاصلاحية وصحيفة «همشري» الصادرة في طهران. واوضحت همشري من جهتها ان نشر الرسالة يأتي اثر شائعات حول احتمال استقالة جهرومي بدون اعطاء مزيد من التفاصيل.