نواز شريف: جعلت من باكستان قوة نووية.. ولن آخذ أوامر من بوش

واشنطن تشعر بالقلق لارتباطاته بالمتشددين

انصار رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف يحتفلون في الشوارع لدى زيارته لبلدة بالقرب من لاهور أمس (أ.ف.ب)
TT

قال نواز شريف، في مقابلة اجرتها أسوشييتد برس معه يوم الجمعة الماضية، «دعيني أكون واضحا، أنا أنتقد كل أنواع الإرهاب، سواء كان في باكستان أو خارجها. نحن معتدلون، نحن نتبع سياسة الاعتدال ولا شيء هناك سوى الاعتدال. هناك بعض التعليقات التي أطلقتها بعض البلدان من دون أخذ تعاوننا بنظر الاعتبار، وهذا يمتد إلى الماضي. بالنسبة لي هذا أمر غير واقعي وأنا اشعر بالإحباط لذلك».

وفي خطاب ألقاه من فوق شاحنة نقلته عبر لاهور، بعد عودته إلى باكستان يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أعلن شريف: «أنا لم آخذ أبدا أوامر» من الولايات المتحدة وذكّر أتباعه أنه «جعل البلد قوة نووية» واتهم مشرف بأنه يتبع أوامر إدارة بوش. وقال توماس سايمون سفير الولايات المتحدة السابق لدى باكستان، خلال قيام الأخيرة بتجاربها النووية عام 1998 «لم يكن موقف شريف ناجما عن موقف عدائي للولايات المتحدة، لكنه لو لم يقم بذلك لفقد عمله. كان أكثر الباكستانيين آنذاك يرون أنه من الضروري الرد على تجربة الهند النووية بالمثل».

ومنذ عودته إلى باكستان ظل النموذج الأفضل لخصوم مشرف. فهو رفض التعامل مع الجنرال المعتزل للتو من الجيش، معتبرا رئاسته غير شرعية ومطالبا بإعادة تنصيب قضاة المحكمة العليا، الذين طردهم مشرف لضمان عدم وقوفهم ضده في قضية قضائية مهمة قد تكلفه رئاسته. وقال شريف إنه سيقاطع انتخابات يناير (كانون الثاني) المقبلة، إلا إذا أعاد مشرف قضاة المحكمة العليا إلى مناصبهم. وقال «نحن لا نريد أن نقاطع الانتخابات. لأنه في حالة أن تكون حرة ونزيهة فنحن نستطيع الفوز فيها. لكن ليس هناك من معنى أن يتخلى مشرف عن ملابسه العسكرية أو أن يرفع حالة الطوارئ من دون إعادة قضاة المحكمة العليا إلى مناصبهم». مع ذلك فإن شريف سبق له أن طرد هو الآخر رئيس قضاته في عام 1997.

وتريد واشنطن أن تعرف ما إذا كان شريف سيكون حليفا لها في محاربة الإرهاب. وضمن هذا السياق قال الرئيس بوش، في مقابلة مع وكالة اسوشييتد برس يوم الأربعاء الماضي «لدينا سجل جيد في التعامل مع حكومة مشرف في اقتلاع القاعدة واعتقال وقتل قادة القاعدة. وأنا سأكون قلقا حول أي زعيم لا يفهم أهمية التعامل مع المتطرفين والمتشددين الذين يريدون مهاجمة الولايات المتحدة أو أي بلد آخر».

وقالت ليزا كيرتس الباحثة في برنامج الدراسات الآسيوية في مؤسسة هريتاج المحافظة، إن شريف سيستمر في التركيز على ما ركز عليه مشرف في حربه ضد الإرهاب على الرغم من أواصره القوية مع الأحزاب الدينية.

وقالت كيرتس انها «تنظر الى شريف باعتباره اقرب الى الأحزاب الدينية ولكن اذا ما جاء الى السلطة فانه سيدرك اهمية التعاون مع الولايات المتحدة. ولا يريد شريف اقامة حكومة دينية».

وقال بروس ريدل، خبير شؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي في عهدي بوش والرئيس بيل كلينتون، ان الولايات المتحدة مخطئة في اعتبار شريف عدوا.

وقال في مقابلة هاتفية من اسوشيتد برس «هناك سوء تقدير لشخصية نواز شريف. واذا كان حزبه اسلاميا فانه حزب اسلامي شبيه بالحزب الاسلامي في تركيا. انهم مسلمون معتدلون. وكانت لدينا علاقة جيدة تماما مع نواز شريف عندما كان رئيسا للوزراء». وكانت سنوات التسعينات، حيث عمل شريف وبي نظير بوتو كرئيسين للوزراء سنوات مضطربة في باكستان. فقد ولدت طالبان في ذلك الحين ووجدت راعيا في باكستان. وازدهرت معسكرات تدريب الارهابيين قبل وأثناء نظام طالبان القمعي، مدعومة من قبل الجيش والمخابرات الباكستانية.

وقال ريدل، الذي يعمل الآن خبيرا بشؤون الشرق الأوسط في معهد بروكنغز، ان الحاق هزيمة بالاسلام المتطرف في باكستان ذو علاقة كبيرة بحل نزاع كشمير المستمر منذ عقود اكثر مما بنزاع بوتو وشريف. وقد قسمت كشمير بين الهند وباكستان عند استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، وكلا البلدين يدعي بعائدية كشمير الموحدة له.

وقال ريدل انه حتى تجري تسوية النزاع فان عناصر في الجيش والمخابرات الداخلية الباكستانية سيستمرون بمساعدة المسلمين المتطرفين الذين ينظرون اليهم باعتبارهم مقاتلين في سبيل الحرية. على الرغم من عملهم ايضا مع الولايات المتحدة في ملاحقة آخرين في الحرب على الارهاب.

وقال ريدل انه «بالنسبة للجيش والمخابرات الداخلية هناك ارهابيون طيبون وارهابيون اشرار، ولكن بالنسبة لنا كلهم ارهابيون أشرار». وصور ريدل كلا من شريف وبوتو باعتبارهما تابعين للجيش والمخابرات، وسياسيين يمكن أن يتحالفا مع أي طرف لكسب السلطة. وقال ان شريف كان مستعدا ان يتحالف مع طالبان حتى نهاية حكمه ولكنه لم يكن قادرا على فرض الموقف على قوات الأمن. وقد يكون شريف ايضا اول زعيم باكستاني عرض على الولايات المتحدة استخدام الأراضي الباكستانية لملاحقة اسامة بن لادن. وقال ريدل ان شريف قدم ذلك العرض عام 1999، ولكن ادارة كلينتون لم تفكر انه كان بوسعه دفع جيشه للقيام بما هو مطلوب. وفي مقابلته مع اسوشيتد برس قال شريف انه كان صادقا في عرضه ولكن مشرف، الذي كان قائدا للجيش الباكستاني في حينه، رفض الفكرة.

وقال شريف ان «مشرف ابلغني في حينه قائلا «ايها السيد رئيس الوزراء انت تعرف ان هؤلاء الناس هم خط دفاعنا الأول. وقد اصابني ذلك بالذهول».

* خدمة اسوشييتد برس