مجلس التعاون صمد في وجه التحديات الاقتصادية والسياسية.. والعسكرية

28 قمة خليجية منذ تأسيس المجلس في 1981

TT

فيما تتجه الأنظار إلى قمة الدوحة اليوم، في دورتها الثامنة والعشرين، منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في أبوظبي في مايو (أيار) 1981، يشعر الخليجيون بشيء من الراحة كون أن مجلس دولهم يعتبر الوحيد من بين كل الكيانات الإقليمية العربية التي حافظت على وجودها وانتظمت في اجتماعاتها بغض النظر عن أي خلافات قد تطرأ بين بعض أعضاء المجلس أحيانا.

فقد عقد قادة دول مجلس التعاون منذ قمة الميلاد التي عقدت في أبوظبي يومي 25 و26 مايو (ايار) 1981، 27 دورة منتظمة للمجلس الأعلى تناولت تعزيز التعاون والتنسيق والتكامل بين الدول الأعضاء في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية.

وعقدت الدورة الأولى للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون بدولة الإمارات العربية المتحدة وهي الدورة التي اتفق فيها القادة على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية ووقعوا على النظام الأساسي الذي يهدف إلى تطوير التعاون بين الدول الأعضاء وتنمية علاقاتها وتحقيق التنسيق والتكامل والترابط وتعميق وتوثيق الروابط والصلات القائمة بين شعوبها. وأكد قادة الخليج في تلك القمة التأسيسية رفضهم المطلق لأي تدخل أجنبي في المنطقة وطالبوا بضرورة إبعاد المنطقة بأكملها عن الصراعات الدولية، وأيدوا الجهود المبذولة وقتها لوقف الحرب العراقية ـ الإيرانية. وعين القادة الكويتي عبد الله يعقوب بشارة أميناً عاماً لمجلس التعاون وقرروا أن تكون الرياض مقرا دائماً للمجلس.

وأقر المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في دورته الثانية التي عقدت بالرياض يومي 10 و11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1981 الاتفاقية الاقتصادية الموحدة. وبحث المجلس التعاون العسكري وقرر دعوة وزراء الدفاع للاجتماع لتحديد الأولويات التي تحتاجها دول المجلس من أجل تأمين استقلالها وسيادتها. وأقرت الدورة الثالثة للمجلس الأعلى التي عقدت بالمنامة خلال الفترة من 9 إلى 11 نوفمبر 1982 توصيات وزراء الدفاع الهادفة إلى بناء القوة الذاتية للدول الأعضاء والتنسيق بينها بما يحقق اعتمادها على نفسها في حماية أمنها والحفاظ على استقرارها. ووافقت على طلب وزراء الداخلية باستكمال الدراسة حول الاتفاقية الأمنية الشاملة. واستعرض المجلس الأعلى في دورته الرابعة التي عقدها بدولة قطر خلال الفترة من 7 إلى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1983 الروابط السياسية والاقتصادية والتنسيق في الشؤون الدفاعية بين الدول الأعضاء حيث بحث المجلس ما قطعه التنسيق العسكري من خطوات معرباً عن ارتياحه لفعاليات تمارين قوات «درع الجزيرة« التي جرت في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقرر المجلس توسيع دائرة النشاطات الاقتصادية التي تسمح لمواطني كل دولة ممارستها بالدول الأعضاء اعتباراً من أول مارس (آذار) 1984. وأبدى المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في دورته الخامسة التي عقدت بدولة الكويت خلال الفترة من 27 إلى 29 نوفمبر 1984 ارتياحه للخطوات التي تمت لتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة. وفوض المجلس الوزاري بإقرار استراتيجية التنمية والتكامل لدول مجلس التعاون ووافق على قرار ينظم حق التملك للمواطنين في الدول الأعضاء. وقرر تجديد تعيين عبد الله يعقوب بشارة أميناً عاما لمجلس التعاون. وصادق المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته السادسة التي عقدها في سلطنة عُمان خلال الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر 1985 على مجموعة من الاستراتيجيات والسياسات المشتركة وهي السياسة الزراعية لدول المجلس والاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية ووسائل التربية والتعليم. كما أقر المجلس في هذه الدورة الاستراتيجية الأمنية وأكد على ضرورة سرعة إنجازها بعد أن استعرض الوضع الأمني في ضوء تصاعد الإرهاب في المنطقة. وتميزت الدورة السابعة للمجلس الأعلى التي عقدت بأبوظبي بالموافقة على عدد من القرارات المهمة التي تستهدف تحقيق المواطنة في الأنشطة التجارية والاقتصادية حيث تقرر السماح للمستثمرين من مواطني دول المجلس بالحصول على قروض من بنوك وصناديق التنمية الصناعية في الدول الأعضاء ومساواتهم بالمستثمر الوطني من حيث الأهلية وفقا للضوابط التي أقرت وذلك اعتباراً من أول مارس 1987 وكذلك السماح لمواطني دول المجلس بممارسة تجارتي التجزئة والجملة في أية دولة عضو ومساواتهم بمواطني الدولة وفقا للضوابط التي أقرت اعتباراً من أول مارس 1987 بالنسبة لتجارة التجزئة ومن أول مارس 1990 بالنسبة لتجارة الجملة. ووافق المجلس الأعلى على ميثاق الشرف الإعلامي لدول المجلس وعلى ضوابط الإعلام الخارجي كأساس موحد للسياسة الإعلامية للدول الأعضاء.

وأقرت الدورة الثامنة للقمة الخليجية التي عقدت بالرياض خلال الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر (كانون الأول) 1987 الاستراتيجية الأمنية الشاملة وتوصيات وزراء الدفاع حول التعاون العسكري مع التأكيد على أهمية البناء الذاتي للدول الأعضاء لدعم القدرات الدفاعية. وتدارس المجلس تطورات الحرب العراقية ـ الإيرانية وأحداث مكة المكرمة والوضع العربي وتطورات القضية الفلسطينية مؤكداً دعمه وتأييده للانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة.

ووافقت الدورة التاسعة لمجلس التعاون على نظام حماية الصناعات الوطنية الناشئة ونظام تشجيع وتنسيق وإقامة المشاريع الصناعية بدول المجلس وخطة الطوارئ الإقليمية للمنتجات البترولية. كما وافقت على السماح لمواطني دول المجلس بتملك أسهم شركات المساهمة المشتركة والجديدة العاملة في الأنشطة الاقتصادية ومساواة مواطني دول المجلس في المعاملة الضريبية مع مواطني الدولة العضو التي يتم فيها الاستثمار.

وناقش المجلس الأوضاع في السوق البترولية وأكد على ضرورة التعاون بين منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وبقية الدول المنتجة خارجها باعتبار أن استقرار الأسعار مسؤولية جماعية. وأكدت الدورة العاشرة للمجلس الأعلى التي عقدت بمسقط خلال الفترة من 18 إلى 21 ديسمبر 1989 تصميم المجلس على مواصلة اتخاذ الخطوات المناسبة لتنفيذ ما تبقى من الاتفاقية الاقتصادية والتوصل إلى سوق خليجية موحدة. وتركزت مداولات الدورة الحادية عشرة لمجلس التعاون التي عقدت بالدوحة خلال الفترة من 22 إلى 25 ديسمبر 1990 على الوضع الخطير في المنطقة الناجم عن احتلال نظام العراق لدولة الكويت وتهديده لأمن وسلامة الدول الأعضاء في مجلس التعاون. وأكد الجلس وقوفه في وجه العدوان العراقي وتصميمه على مقاومته وعزمه على إزالة كافة آثاره.

وتدارس المجلس الأعلى في دورته الثانية عشرة التي عقدها بدولة الكويت خلال الفترة من 23 إلى 25 ديسمبر 1991 التطورات الإقليمية في منطقة الخليج في ضوء تحرير الكويت واستعادتها لحريتها واستقلالها وسيادتها وعبر عن اعتزازه بروح التضامن الأخوي والتآزر المبدئي بين دوله.

وأكدت الدورة الثالثة عشرة لمجلس التعاون التي عقدت بأبوظبي خلال الفترة من 21 إلى 23 ديسمبر 1992 تضامن المجلس الأعلى التام وتأييده المطلق لموقف دولة الإمارات العربية المتحدة ودعم كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سيادتها على جزرها الثلاث وهي طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبوموسى.

وأكد المجلس أن تطوير العلاقات بين إيران ودول المجلس مرتبط بتعزيز الثقة وبما تتخذه الجمهورية الإسلامية الإيرانية من إجراءات تنسجم مع التزامها بمبادئ حسن الجوار واحترام سيادة ووحدة أراضي دول المنطقة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها. وعين المجلس الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي أميناً عاماً لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلفا لعبد الله يعقوب بشارة.

واستعرضت الدورة الرابعة عشرة للقمة الخليجية التي عقدت بالرياض خلال الفترة من 20 إلى 22 ديسمبر 1993 مسيرة التعاون الدفاعي بين الدول الأعضاء وأقرت كافة توصيات وزراء الدفاع وعلى رأسها تطوير قوة درع الجزيرة.

وتبنت الدورة الخامسة عشرة للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون التي عقدت بالمنامة خلال الفترة من 19 إلى 21 ديسمبر 1994 خطوات مهمة على طريق بناء القوة الدفاعية الذاتية في ظل استراتيجية موحدة. كما قرر تطوير قوة درع الجزيرة لتصبح قادرة على التحرك الفعال السريع. واعتمدت الدورة السادسة عشرة للمجلس الأعلى التي عقدت بمسقط خلال الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر 1995 التوصيات المتعلقة بالربط الكهربائي بين دول المجلس. وأقر المجلس تسهيل توظيف وانتقال الأيدي العاملة الوطنية. وعين المجلس الأعلى الشيخ جميل إبراهيم الحجيلان من المملكة العربية السعودية أمينا عاما لمجلس التعاون.

وركزت الدورة السابعة عشرة لمجلس التعاون في القمة التي عقدت بالدوحة خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر 1996 على قضية احتلال الجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات والعلاقات مع إيران. ولاحظ المجلس استمرار الحكومة الإيرانية في تنفيذ إجراءات ترمي إلى تكريس احتلالها للجزر الثلاث إمعانا في اتباع سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.

وأعلنت الدورة الثامنة عشرة للمجلس الأعلى التي عقدت بدولة الكويت خلال الفترة من 20 إلى 22 ديسمبر 1997 عن إنشاء الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى بهدف تعزيز دور المواطن في تفعيل مسيرة المجلس والتي تتولى إبداء الرأي فيما يحيله المجلس الأعلى إليها من أمور.

وتميزت الدورة التاسعة عشرة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون التي عقدت خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر 1998 بأبوظبى بحضور إقليمي ودولي كبيرين تمثل في مشاركة نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا وقتها وكوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة والدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والدكتور عز الدين العراقي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي. كما وجه الرئيس جاك شيراك رسالة متلفزة للقمة عبر الأقمار الصناعية.

وتواصل انتظام عقد القمم الخليجية بعقد الدورة العشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون في الرياض من 27 إلى 29 نوفمبر 1999 وخلصت تلك الدورة إلى عدد من القرارات المهمة على الصعيد الاقتصادي من أهمها الاتفاق على قيام الاتحاد الجمركي وتطبيق التعرفة الجمركية الموحدة.

وانتظمت الدورة الحادية والعشرون للمجلس الأعلى بالمنامة يومي 30 و31 ديسمبر 2000 والتي شهدت التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك لدول المجلس. وقرر المجلس الأعلى في تلك الدورة السماح لمواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين بممارسة جميع الأنشطة الاقتصادية والمهن ووافق على معاملة مواطني دول المجلس العاملين في الخدمة المدنية في أي دولة عضو أثناء الخدمة معاملة مواطني الدولة مقر العمل.

وعقدت الدورة الثانية والعشرون للمجلس الأعلى بمسقط يومي 30 و31 ديسمبر 2001 واكتسبت أهمية خاصة في ظل هجمات 11 سبتمبر والحملة التي قادتها الولايات المتحدة ضد الإرهاب. وأدان البيان الختامي للقمة بشدة أحداث 11 سبتمبر وأكد دعمه للتحالف الدولي للقضاء على الإرهاب ودعا قادة الرأي والمفكرين والعلماء في العالم الإسلامي إلى العمل على تبيان قيم ومبادئ الإسلام الحنيف.

واعتمدت القمة الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس لتحل محل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي اقرها المجلس الأعلى في نوفمبر 1981 كما تقرر تقديم بدء العمل بالاتحاد الجمركي إلى الأول من يناير (كانون الثاني) عام 2003 بدلا من مارس عام 2005. كما وافقت القمة على تعيين عبد الرحمن بن حمد العطية أميناً عاما لمجلس التعاون.

ووجه المجلس الأعلى لمجلس التعاون في القمة الثالثة والعشرين التي عقدت بالدوحة يومي 21 و 22 ديسمبر 2002 باستكمال قيام السوق الخليجية المشتركة في أقرب وقت ممكن على أن لا يتعدى عام 2007.

واستعرض المجلس الأعلى في دورته الرابعة والعشرين التي عقدت بدولة الكويت يومي 21 و 22 ديسمبر 2003 تقريرا حول خطوات تنفيذ السوق الخليجية المشتركة في موعد أقصاه نهاية عام 2007 وكذلك على التقرير الخاص بالبرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة في موعد أقصاه بداية العام 2010. وعقدت الدورة الخامسة والعشرون لمجلس التعاون بالمنامة يومي 20 و21 ديسمبر 2004 وهى القمة التي أطلق عليها قمة زايد تقديرا لدور الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز مسيرة مجلس التعاون وإسهامه الكبير في تأسيسه. وفي القمة السادسة والعشرين التي انعقدت في أبوظبي في 18 ديسمبر 2005، اعتمد المجلس الأعلى وثيقة «السياسة التجارية الموحدة لدول المجلس»، والتي تهدف إلى توحيد السياسة التجارية الخارجية لدول المجلس، والتعامل مع العالم الخارجي كوحدة اقتصادية واحدة.

وخلال القمة السابعة والعشرين التي استضافتها الرياض في التاسع من ديسمبر 2006، اعتمد المجلس الأعلى نظام العلامات التجارية لدول المجلس بصفته قانوناً (نظاماً) إلزامياً، والذي ينظم العلامات التجارية القابلة للتسجيل وإجراءات تسجيلها ومدة حماية العلامات التجارية وإجراءات شطبها ونقل ملكيتها.