سورية ترسل نائب وزير خارجيتها لطهران لإزالة الغموض حول مشاركتها في أنابوليس

موسى أبو مرزوق لـ«الشرق الأوسط»: اجتماع طهران ليس ردا على مؤتمر السلام .. ولن يلغي اجتماع دمشق

TT

بعد أيام من المشاركة السورية في مؤتمر أنابوليس للسلام في اميركا، توجه نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الى طهران أمس حيث التقي وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، كما سلم رسالة من الرئيس السوري بشار الأسد الى نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد. وقالت وسائل الإعلام السورية والإيرانية ان المقداد زار طهران لإطلاع المسؤولين الايرانيين على نتائج المشاركة السورية في مؤتمر انابوليس. ويأتي ذلك فيما قال مسؤولون بفصائل المعارضة الفلسطينية بدمشق لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يتم بعد الاتفاق على موعد عقد مؤتمر فصائل المعارضة الذي دعت اليه طهران، فيما ذهب مسؤولون آخرون الى احتمال عدم اجراء المؤتمر نهائيا. وفي طهران شدد المقداد، الذي مثل سورية في مؤتمر انابوليس، على متانة علاقات بلاده مع ايران. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) عن المقداد قوله لدى لقائه متقي «لن نسمح لأي كان بالاساءة الى العلاقات الوثيقة والقوية بين بلدينا». وتطرق متقي من جهته الى اجتماع انابوليس فندد «بالولايات المتحدة واسرائيل اللتين قامتا ببادرة تنظيم اجتماع انابوليس وفي الوقت ذاته زهق ارواح شعب فلسطين المضطهد». فيما دعا المقداد الى اعادة اطلاق مفاوضات السلام بين الدول العربية واسرائيل.

ونقلت وكالة ايسنا الايرانية عن احمدي نجاد قوله، انه «كان طبيعيا الا يثمر اجتماع انابوليس عن نتائج واضحة وايجابية»، مضيفا «علينا ان نكون يقظين كي لا يتمكن الرئيس (الاميركي جورج) بوش خلال اخر ايام ولايته، من انتزاع مزيد من التنازلات من الفلسطينيين».

وأفادت «شبكة خبر» الايرانية للأنباء ان المقداد سلم رسالة خاصة من الرئيس بشار الأسد إلى نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد. وقالت مصادر سورية إن «الرسالة تتضمن توضيحات حول مسألة مشاركة سورية في مؤتمر أنابوليس للسلام». وأكدت مصادر في وزارة الخارجية السورية ان زيارة المقداد إلى طهران هدفها وضع المسؤولين الإيرانيين في صورة التطورات الإقليمية الأخيرة وبحث الوضع اللبناني وقضايا الشرق الأوسط عقب مؤتمر أنابوليس. وتأتي زيارة المقداد لطهران بعدما قالت مصادر فلسطينية بأن اتصالات إقليمية هامة تجرى من أجل إيجاد صيغة توافقية على موعد ومكان عقد اجتماع لقادة الفصائل الفلسطينية العشرة المقيمة في العاصمة السورية دمشق. وذكرت مصادر لوكالة الأنباء الألمانية أن اتصالات مكثفة جرت على مدى اليومين الماضيين ولا تزال مستمرة وتتركز بشكل أساسي بين العاصمتين الإيرانية والسورية للبحث عن مخرج مقبول يحفظ صيغة غير خلافية بين العاصمتين المعنيتين بهذا الملف. وأشارت المصادر إلى أن قادة الفصائل لا يريدون إغضاب دمشق ولا طهران. إلا أن مسؤولين بفصائل المعارضة الفلسطينية في دمشق قالوا لـ«الشرق الأوسط» انه حتى الآن لم يتم تحديد موعد للمؤتمر الذي دعت اليه طهران، فيما ذهب آخرون الى استبعاد عقد المؤتمر. وقال الدكتور موسى أبو مرزوق نائب خالد مشعل زعيم الجناح السياسي لحركة حماس ومدير مكتب حماس في دمشق لـ«الشرق الأوسط»: انه لم يكن هناك مؤتمر مزمع عقده في طهران، بل دعوة وجهها للفصائل الفلسطينية في دمشق الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال زيارته الأخيرة الى سورية. وأوضح أبو مرزوق في اتصال هاتفي من لندن: «قبلت كل الفصائل الفلسطينية قبول دعوة طهران، لكن حتى الآن لم يتم تحديد موعد نهائي. ربما لن يكون الاجتماع خلال الأسابيع المقبلة بسبب موسم الحج والأعياد. لكنه قد يعقد لاحقا». وحول التقارير التي ذكرت ان طهران دعت الفصائل الفلسطينية ردا على أنابوليس تحديدا، قال أبو مرزوق: «دعوة طهران للفصائل الفلسطينية جاءت قبل انابوليس. وتم تأجيل موعد الاجتماع مرتين، وعندما عقد انابوليس، جددت ايران دعوتها للفصائل، وتم التأجيل وكان هذا التأجيل الثالث بالصدفة بعد انابوليس». وقلل أبو موسي من تأثير توصل الجانبين الاسرائيلي والسوري لاتفاق سلام على وجود فصائل المعارضة الفلسطينية في دمشق. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «الفصائل الفلسطينية موجودة في دمشق بسبب وجود عدد كبير من الفلسطينيين المهجرين. هناك ارتباط عضوي بين الفصائل وبين الوجود الفلسطيني في دمشق. اى قضية متعلقة بالجولان هي شأن سوري محض، ولا أعتقد أنه سيكون هناك انعكاس على الأوضاع الفلسطينية. لكن رأي الشخصي أنه لن تتم مباحثات جدية، ولا أعتقد ان اسرائيل جادة في التوصل الى سلام، لا على الصعيد الفلسطيني، ولا على الصعيد السوري». وحول اجندة مؤتمر الفصائل الفلسطينية في دمشق والذي لم يتحدد موعدا له ايضا مثل اجتماع طهران، قال ابو مرزوق ان مؤتمر دمشق لفصائل المعارضة سيبحث الثوابت الفلسطينية ومنها عودة اللاجئين والقدس والحدود والوحدة الوطنية، موضحا ان اجتماع طهران لن يلغي مؤتمر دمشق. من ناحيته، قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة لـ«الشرق الأوسط» ان زيارة المقداد لطهران ليست زيارة اعتذارية او لتبرير موقف دمشق. وأوضح نخالة، الذي يعيش في سورية، ان سبب الزيارة هو تبادل وجهات النظر بين الطرفين ووضع طهران في الصورة، مشيرا الى انه اذا كانت الزيارة اعتذارية، واذا كانت العلاقات السورية ـ الايرانية تشهد توترا لكانت دمشق أرسلت مسؤولا ارفع. وحول اجتماع طهران للفصائل الفلسطينية المعارضة، قال نخالة انه لم يتم تحديد موعد لعقده بعد، غير أنه توقع ان يتم تأجيله لعدة اسابيع. وقال نخالة ان الحديث عن «مؤتمر» في طهران مبالغ فيه، مشيرا الى ان وصفه بـ«اجتماع» للفصائل هو الأصح. وتابع «دعوة الفصائل لطهران جاءت خلال زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لدمشق. وتأجل الاجتماع بسبب شهر رمضان، وأشياء أخرى. ثم تم استئناف الدعوة بعد مؤتمر انابوليس في اميركا. لكن عقده بشكل سريع شيء صعب جدا. ففي مثل هذه الاجتماعات تحتاج الى تحضيرات وجدول اعمال وتوجيه دعوات للأطراف المشاركة. وحتى الآن ليس هناك موعد لعقد الاجتماع». وحول ما إذا كانت حركة الجهاد الإسلامي قد قبلت دعوة طهران قال نخالة لـ«الشرق الأوسط»: نحن في الجهاد قبلنا الدعوة. لا أحد في الفصائل رفض دعوة طهران». إلا ان مسؤولا آخر من الفصائل الفلسطينية تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الإفصاح عن هويته شكك في امكانية عقد مؤتمر طهران، موضحا ان الموضوع لا يزال محل «تداول ومشاورات»، وان قرار المشاركة فيه يتحدد بحسب المصلحة الوطنية الفلسطينية، مشددا في الوقت نفسه على انه ليست هناك ضغوط من طهران أو من دمشق على فصائل المعارضة. وحتى الآن وافقت ثمانية من الفصائل الفلسطينية العشر المقيمة في دمشق على الذهاب لعقد الاجتماع في طهران، ومن أبرز هذه الفصائل حركة حماس والجهاد الإسلامي. ورفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة) التي يتزعمها أحمد جبريل، ومنظمة الصاعقة (التي تعرف بطلائع حرب التحرير، وهي الجناح العسكري لحزب البعث الفلسطيني ويرأسها محمد خليفة، عقد الاجتماع في العاصمة الايرانية. وقالت مصادر فلسطينية إن الجانب الإيراني أبدى انزعاجه واستياءه من الفصائل الفلسطينية التي لم تلب دعوته بسرعة لعقد اجتماعها في طهران الأسبوع الماضي، خاصة أن الدعوة كانت موجهة من أعلى المستويات السياسية الإيرانية.