باراك يأمر باستهداف المواقع العسكرية لحماس.. واجتياح غزة يمنع استقالة ليبرمان

محطات الوقود في القطاع تغلق أبوابها لنفاد المخزون

طلاب فلسطينيون يحاولون منع أتوبيس من التحرك احتجاجا على عدم وجود اسمائهم في لوائح المسموح لهم بمغادرة غزة للدراسة أو للعلاج في الخارج (أ.ب)
TT

قال وزير الدفاع الاسرائيلي، إيهود باراك، انه أصدر أمرا للجيش باستهداف المسلحين في كافة انحاء قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس في الوقت الذي تدرس إسرائيل احتمال شن توغل عسكري واسع في القطاع. ونقل مكتب باراك عنه قوله في الاجتماع الأسبوعي للحكومة ان «وزارة الدفاع صرحت للجيش أخيرا بتوسيع عملياته في رد على النيران التي تطلقها حماس لتشمل المواقع العسكرية لحماس». وشنت إسرائيل في الأشهر الأخيرة هجمات على خلايا تطلق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية اضافة الى بنى تحتية لإطلاق تلك الصواريخ، الا انها امتنعت عن استهداف المقار العسكرية لحماس منذ ان سيطرت الحركة على القطاع في يونيو (حزيران) الماضي. وقالت مصادر إسرائيلية مطلعة ان الجيش اعطي الضوء الأخضر الآن لضرب هياكل ومواقع المسلحين في كافة انحاء القطاع في رد على اطلاق الصواريخ شبه اليومي على جنوب اسرائيل. وتدرس حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت امكانية شن عملية عسكرية واسعة في غزة، حيث حذر باراك عدة مرات من انه «في كل يوم يقترب موعد هذه العملية».

وفي السياق ذاته أكد عامي أيالون، الوزير في حكومة ايهود أولمرت، عن حزب العمل، أنه كلما تقدمت المسيرة السياسية، تعزز التوجه لإضفاء الشرعية على عملية عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة، سواء في المجتمع الدولي أو الدول العربية أو في أوساط الفلسطينيين أنفسهم. وقال أيالون للإذاعة العبرية «إنه لا يمكن لإسرائيل أن تهمل أمنها»، مشيراً إلى أنه «إذا استمر إطلاق القذائف الصاروخية على أهدافها فسيتعين عليها العمل وفقا لما تقتضيه الضرورة».

من جهتها قالت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية امس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يصادق على تنفيذ حملة عسكرية برية واسعة النطاق ضد قطاع غزة قبل نشر نتائج تقرير فينوغراد، الذي يبحث في إخفاقات حرب لبنان الثانية. وبحسب «معاريف»، فإن الشركاء في ائتلاف حكومة أولمرت يعتقدون بأن التقرير لن يؤدي إلى استقالة اولمرت، بزعم أن «التقرير ينتمي إلى الماضي». وأضافت الصحيفة «قد يكون للتقرير تأثير على قرار رئيس الوزراء حول تأييده حملة عسكرية في غزة»، وقالت «ان وزير الدفاع باراك يعتقد أن هناك ضرورة لحملة عسكرية في القطاع، وكذلك وزير الشؤون الاستراتيجية، افيغدور ليبرمان، الذي يدفع في هذا الاتجاه».

وأشارت «معاريف» إلى أن حملة في غزة ستمنع انسحاب ليبرمان من الحكومة على خلفية المفاوضات مع الفلسطينيين، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في محيط أولمرت قولهم «إن الأخير لا يعتزم الخضوع للضغوط، ومن غير المتوقع أن يصادق على انطلاق حملة في غزة حتى ما بعد نشر التقرير النهائي». واستدركت «معاريف» بالقول «مع ذلك، يدعون بأن حملة في غزة تحتاج إلى تخطيط، وعليه فمن غير المستبعد أن تبدأ قريبا المباحثات الأمنية المتعلقة بمثل هذه الحملة». الى ذلك، أعلنت جمعية اصحاب محطات الوقود في قطاع غزة ان جميع محطات الوقود في القطاع اغلقت امس لعدم وجود وقود ونفاد جميع المخزون منه واحتجاجا على قرار اسرائيل بتقليص الكميات التي تدخل الى غزة. وقال محمود الخزندار، نائب رئيس الجمعية، لوكالة الصحافة الفرنسية ان «جميع محطات الوقود في قطاع غزة اغلقت لعدم وجود وقود ونفاذ جميع المخزون من الوقود واحتجاجا على القرار اسرائيل بتقليص الكميات». وأوضح ان «اسرائيل سمحت صباح اليوم بادخال ستين ألف لتر من السولار (مازوت) ورفضنا تسلمها لأننا من المفترض ان نتسلم 350 ألف لتر يوميا». وتابع «بالنسبة للبنزين، بدلا من 120 ألف لتر قاموا بتزويدنا بـ25 الف لتر، وهذا لا يغطي احتياجات القطاع». وأضاف «ان اسرائيل قلصت دخول الوقود بنسبة 75 في المائة تقريبا ورفضنا اليوم والخميس الماضي تسلم كميات لأنها لا تغطي حتياجات القطاع وخاصة في فصل الشتاء». واشار الى ان «الكميات التي قامت اسرائيل بتزويد القطاع بها الآن موجودة في مخازن الهيئة العامة للبترول ولن نشغل المحطات بهذه الكميات لانها لا تكفي». وتابع انه «لا يوجد في القطاع سوى غاز الطهي وسينفد خلال أيام اذا بقي الوضععلى حاله في تقليص الكميات». وعلى صعيد الأحوال الانسانية في غزة، غادرت صباح أمس أول دفعه من المواطنين الفلسطينيين العالقين في قطاع غزة عبر معبر «بيت حانون» في طريقهم للخارج. وذكرت دائرة الارتباط المدني في السلطة الفلسطينية أن الدفعة ضمت 250 شخص، فيما ينتظر الآلاف السماح لهم بمغادرة القطاع للعودة الى اماكن عملهم أو مقاعد الدراسة بعد انتهاء تأشيرات الخروج الخاصة بهم. وهذه المرة الأولى التي تسمح اسرائيل لأشخاص علقوا في القطاع بعد سيطرة حركة حماس عليه بمغادرته. وفي خطوة احتجاجية على عدم السماح لهم بالمغادرة قام خمسة من الطلاب الذين يتلقون تعليمهم بالخارج بإلقاء أنفسهم أمام الحافلات التي كانت تقل العالقين في طريقهم للمعبر. وقال أحد هؤلاء الطلاب أن جامعاتهم ستقوم بطردهم في حال لم يلتحقوا بالدراسة في اقرب فرصة، مع العلم أنهم علقوا في القطاع منذ عام تقريباً. واتهم الطالب القائمين على دائرة التنسيق المدني التي تتولى التنسيق مع سلطات الاحتلال عملية خروج العالقين بأنهم استثنوهم، «من اجل السماح لأبناء بعض المسؤولين والشخصيات العامة للخروج من غزة للتنزه في ارجاء العالم وإهمال معاناة آلاف العالقين الذين يعانون بشكل حقيقي».

وناشد الطلاب الدول العربية التدخل لحل مشكلتهم بشكل جذري، قائلين إن سلطات الاحتلال تتعمد مفاقمة أزمة العالقين. وطالب محمود عز الدين، وهو من الطلبة العالقين، الرئيس الفلسطيني عباس بالتدخل لوقف ما سماه بـ«المهزلة التي يشارك فيها بعض المتنفذين»، مؤكدا ان لديه الكثير ليقوله عن بعض الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم في القوائم الاخيرة «من هم ولماذا يسافرون؟ في الوقت الذي يحتجز فيه من هم فعلا طلبة وأصحاب اقامات وفقدوا كل شئ». وشكا بعض الذين تم السماح لهم بالمغادرة من انه قد تم استبعاد افراد عائلاتهم الذين يتوجب أن يرافقوهم. وقالت سيدة فلسطينية تقطن في قطر، إنه قد سمح لأبنائها وبناتها بالمغادرة، فيما لم يسمح لها، مؤكدة أنه لن يكون بإمكان ابنائها الأطفال السفر. ويذكر أن آلاف الفلسطينيين الذين كانوا يزورون ذويهم في القطاع أو الطلاب الذين يدرسون في الخارج وعادوا لزيارة ذويهم، قد تقطعت بهم السبل بعد أن سيطرت حركة حماس على القطاع، حيث قامت اسرائيل بإغلاق معبر رفح الحدودي وانسحاب المراقبين الأوروبيين منه. وراودت بعض المغادرين مخاوف بألا يستطيع العودة الى غزة مجدداً. فقد قال طالب يتلقى تعليمه الجامعي في القاهرة أنه لا يخشى الا يكون بمقدوره العودة للقطاع بعد انتهاء تعليمه الجامعي. من ناحيته قال حسين الشيخ، رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية، ان اسرائيل وافقت على خروج كافة العالقين في قطاع غزة من طلبة وأصحاب إقامات ومصالح خارج قطاع غزة. واعتبر الشيخ أن قضية العالقين معقدة لأنها تشمل العديد من فئات المتضررين مثل الحجاج المرضى والطلبة والمزارعين والتجار وكافة الفئات المجتمعية في غزة. وحول شكاوي الطلبة الذين فقدوا مقاعدهم الدراسية بسبب الحصار الاسرائيلي قال الشيخ «الجانب الاسرائيلي وعد بتسفير كافة العالقين من الطلبة في الجامعات الخارجية»، مؤكدا ان الايام القادمة ستشهد خروج كافة الطلبة العالقين.