اتساع التأييد لانتخاب قائد الجيش اللبناني رئيسا للجمهورية

البطريرك صفير عن بيان بكركي: قول الحقيقة قد يغضب ولم نتوخ الأذية لأحد

TT

توالت أمس المواقف المؤيدة لانتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيسا جديدا للجمهورية. وينتظر ان تجتمع اليوم هيئة تحديث القوانين في مجلس النواب لمناقشة الآلية الممكنة لتعديل الدستور وتحديد الصيغة التي تمكّن النواب من انتخاب العماد سليمان، فيما برزت مواقف متباينة حيال الدعوة الى الغاء المادة 49 نهائيا من الدستور والمتعلقة بمنع موظفي الفئة الاولى من الترشح لمنصب الرئاسة، اذا لم يكن قد مرت سنتان على تركهم الخدمة العامة.

في غضون ذلك، قال البطريرك الماروني نصرالله صفير، في عظة القاها امس، انه «لا يجوز التلاعب بقضايا الوطن. وقول الحقيقة خاصة في هذا المجال قد يغضب، لكنه عادة يشفي. ويعلم الله اننا لم نتوخ الاذية لأحد، بل اردنا ان نرفعها عنا، فالوطن الذي يتسع صدره للجميع يعلمنا كيف يجب ان يتسع صدر كل منا لأخيه لتستقيم الامور، ويعلو شأن الوطن». وجاء كلام صفير ردا على المواقف المنتقدة لما تضمنه بيان امانة سر البطريركية المارونية الذي صدر الاسبوع الماضي حول جملة قضايا بينها اقفال مجلس النواب ووضع وزراء حزب الله وحركة «أمل» المستقيلين من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

الى ذلك، قال البطريرك صفير امام وفد من مصلحة المعلمين في «القوات اللبنانية»: «نحن نعيش في ازمة معروفة لا مجال للتبسط فيها. ولكن يفرض علينا ان نجتمع حول الوطن لا ان نضع العصي في الدواليب، وان نعرف ان الوطن ومستقبله رهن بنا وبأعمالنا. هناك من لهم نظريات نتركها لهم. ولكن يبقى امر راهن وهو انه لا يمكن ان ينهض الوطن إلا على سواعد جميع ابنائه. فعليهم ان يتضافروا ويتضامنوا، لا ان ينكفئوا وينتظر كل منهم ما بإمكانه ان يحصل من هذا الوطن».

الى ذلك، شدد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان على «عدم تضييع فرصة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في اقرب وقت ممكن، انطلاقا من التوافق والاجواء الايجابية والتفاؤلية باختيار العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية». ودعا الى «إلغاء المادة 49 من الدستور اللبناني، لأن الغاءها يفتح المجال امام اهل الكفاءة من اصحاب العلم والمعرفة وحتى لا تبقى عقبة امام خلاص الوطن من أزماته». وشدد «على ضرورة الاسراع في إنجاز استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى لا يقع اللبنانيون في الفراغ القاتل».

وقال: «يبدو ان هناك توافقا من غالبية الفرقاء على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية. وعلى الجميع وضع الامكانات المتاحة، من اجل خلاص لبنان من هذه المشكلة ـ العقدة والسعي الى ترسيخ مسيرة السلم الاهلي وإنقاذ لبنان قبل فوات الاوان. والمطلوب إلغاء المادة 49 حتى تكون الامور سهلة وانتخاب رئيس توافقي جرب في الحقل السياسي والوطني والامني، وهو قادر على وضع البلاد على جادة الصواب والخلاص». وتوجه قبلان الى جميع المرجعيات السياسية والدينية قائلا: «ان مصلحة البلد أهم من كل المصالح الخاصة. ويجب ان نتعاون ونثق ببعضنا البعض ونجلس حول طاولة واحدة تحت عناوين وشعارات وطنية وفي ظل خطاب سياسي وطني توحيدي، للعمل بجدية وصدق واخلاص لانتشال لبنان من الوحول الطائفية والمصالح السياسية الضيقة. ووحدة الوطن هي غاية كل مواطن حر وشريف همه البقاء والاستمرار على الوحدة الوطنية والعيش المشترك في أمان واستقرار وممارسة حياته بحرية وديمقراطية بمنأى عن الصراعات والازمات والمواقف الارتجالية التي تصدر من هنا وهناك وتزيد في تعقيد الامور وتعميق الهوة بين اللبنانيين في مرحلة نحتاج فيها جميعا الى صحوة وطنية تعيدنا الى السكة الصحيحة التي من خلالها نصل بوطننا الى شاطئ الامان والهدوء والوحدة، ونقف سدا منيعا في مواجهة الرياح العاتية التي تريد ضرب لبنان وجره الى الفوضى والمجهول». وحض على «عدم وضع العراقيل امام الاقتراحات والمبادرات التي تبشر بالوصول الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وعلى الجميع سلوك الطريق الواضح والمستقيم من اجل ان يبقى لبنان واحدا موحدا بأرضه وشعبه ومؤسساته ومن اجل المحافظة على هذا البلد الذي يعتبر جوهرة هذا الشرق الكبير، بجيشه ومقاومته وطموحات ابنائه».

واعلن وزير العدل شارل رزق، في حديث اذاعي بث امس، تأييده لانتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية «في ضوء رزمة ضمانات يجسدها شخص العماد سليمان ومناقبيته واداؤه خلال العامين الماضيين». واشار الى انه سيقدم اليوم، بصفته وزيرا للعدل، اقتراحا بالتعديل الدستوري الى رئيس الحكومة، تمهيدا لدرسه ومناقشته في مجلس الوزراء «توصلا الى صيغة واحدة». وشدد على «ضرورة التمسك بالمادة 49 من الدستور كما هي اليوم وعدم السماح لكبار الموظفين بالترشح لسدة الرئاسة قبل انقضاء سنتين على استقالتهم من مناصبهم». ورأى الوزير رزق «أن لكل قاعدة استثناء، لا بل ان الاستثناء يثبت القاعدة. والاستثناء هذه المرة يفرض إجراء التعديلات الدستورية الضرورية لتسمح للعماد سليمان، نظرا لما قام به وللموقع الذي هو فيه اليوم، للترشح لرئاسة الجمهورية» مشددا على «أن هذا لا يعني أن يستفيد سواه من الموظفين من الذين يتحينون الفرص ويتلطون في الكواليس للافادة من التعديل». وحذر من «الوقوع في المعزوفة السابقة (لتعديل الدستور) لمرة واحدة فقط وفي صورة استثنائية» داعيا إلى «ضرورة إيجاد صيغة دائمة تحافظ في الوقت نفسه على الطابع الاستثنائي للموضوع وإيجاد آلية تمنع على كبار متولي خدمة عامة استغلال نفوذ مراكزهم لغايات سياسية تسهل إيصالهم إلى الرئاسة». وأثنى على مبادرة النائب سعد الحريري في طرح العماد سليمان لرئاسة الجمهورية، قائلا: «إن الانتخاب اليوم هو إلى حد كبير أكثر لبنانية من المرات السابقة».

واعتبرت النائبة بهية الحريري «ان انجاز الاستحقاق الرئاسي سيشكل بداية اعادة انتاج الدولة بكل مؤسساتها» و«ان المجلس النيابي سيشهد مع مطلع العام الجديد ورشة تشريعية كبرى لاعادة انتاج وتفعيل عمل المؤسسات» كاشفة عن ان «المفاوضات بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري لم تقتصر على موضوع رئاسة الجمهورية بل شملت كل ما يتصل بالمرحلة المقبلة».

ونوهت بمواقف قائد الجيش وبالمؤسسة العسكرية، معتبرة «أنها اثبتت مسؤولية وطنية عالية في كل المحطات والأحداث التي مر بها لبنان منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مرورا بعدوان تموز وأحداث نهر البارد وحتى وقتنا هذا». وشددت على «أن الحوار هو الصيغة الفضلى لحل كل القضايا الخلافية تحت سقف الدستور والثوابت الوطنية وفي مقدمها حماية السلم الأهلي والعيش المشترك، وديمقراطية لبنان المتمثلة بتنوعه وتعدديته». وقالت: «نتوق الى اليوم الذي يجتمع فيه اللبنانيون مجددا ليعيدوا بناء جسور الثقة بينهم ويبنوا وطنهم ويحموا ثوابتهم، فالدولة لا تبنى على قاعدة فريق ضد فريق، بل هي تبنى بأيد كل الفرقاء من دون استثناء. وان تراث وانجازات المقاومة لا تحمى، الا من الشعب اللبناني مجتمعا».

وافادت الحريري: «ان الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري يبذلان جهدا كبيرا لتفعيل مبادرة تعديل الدستور لمصلحة قائد الجيش ضمن المؤسسات الدستورية. والخطوة التي تدرس الآن أن يقدم اقتراح من 10 نواب ويرفع الى مجلس الوزراء وتعقد جلسة في السابع من الجاري وربما قبل ذلك لانقاذ البلد من هذه الأزمة ولنتفرغ بعدها لعملية انتاج الدولة والمؤسسات. ونحن واثقون أنه لم يعد يفصلنا عن نهاية الأزمة سوى وقت قصير».