شافيز.. من ريفي طموحه أن يصبح لاعب بيسبول إلى رئيس للجمهورية

الرئيس الفنزويلي: أنا متزوج من الوطن

TT

كاراكاس ـ أ.ف.ب: تمكن هوغو تشافيز، الذي يأمل في ان يقر الفنزويليون بإصلاحات تسمح بتعزيز سلطته الرئاسية، من الارتقاء الى مكانة المحرر الجديد لأميركا اللاتينية في وجه الولايات المتحدة بعد مسار عسكري انقلابي وثوري.

ومن ميزات تشافيز البالغ من العمر 52 سنة، قدرته على تبديل مظهره ومنطقه بسهولة لافتة، فيظهر مرة في لباس المظليين ومرة أخرى في بدلة أنيقة. وهو يستعير عبارات لماو تسي تونغ وهو يرفع صليبا، ويحمل بعنف على «الامبراطورية الاميركية» التي يبيعها نصف انتاجه النفطي. ويقول تشافيز المدافع عن حقوق الفقراء «من اجل القضاء على الفقر، يجب اعطاء السلطة للشعب».

ويروق لهذا الرجل الأب لأربعة اولاد، الذي سبق وطلق زوجتين، ان يقول عن نفسه انه «متزوج من الوطن». وهو يندد بنبرة المبشرين الملهمين بـ«طريق الرأسمالية التي تقود الى الجحيم»، مؤكدا انه لو كان المسيح موجودا «لكان صوتا للثورة».

ويطل تشافيز كل يوم أحد، على المواطنين مباشرة عبر برنامج تلفزيوني مطول بعنوان «آلو سيدي الرئيس»، كما يهوى المنابر الدولية والمداخلات الصاخبة.

ويوضح الكاتب البرتو باريرا في سيرة للفتنانت كولونيل السابق بعنوان «تشافيز بدون اللباس العسكري» ان «فورته الكلامية هي تكتيك عسكري يقوم على الاستفزاز». ويشير الى ان «البعض يشدد على صفات الزعامة لديه والبعض الآخر يرى فيه روحا تبشيرية أو شعبوية جموحة، لكن لا يمكن لأي كان انكار الكاريزما التي يتمتع بها». ولم يكن شيئا يبشر بمثل هذا المسار لهذا الرجل، الذي امتزجت في عروقه دماء سوداء وبيضاء وهندية.

ولد هوغو تشافيز في 28 يوليو (تموز) 1954 في ساباتينا بولاية باريناس في منطقة من السهول الشاسعة بوسط البلاد، وكان والده استاذا متواضعا وتولت جدته تربيته. وفي سن السابعة عشرة التحق بالكلية العسكرية في كراكاس، حيث اكتشف في نفسه طموحات غذتها أفكار تشي غيفارا واسطورة سيمون بوليفار صانع الاستقلال الوطني.

وقال الرئيس نفسه واصفا بداياته «كان هوغو تشافيز عند انتسابه (الى الكلية العسكرية) فتى ريفيا يطمح لأن يصبح لاعب بيسبول. وبعد اربع سنوات تخرج ضابط صف وسلك الطريق الثوري». وبرز تشافيز المعجب بالثورة الكوبية، والذي يعتبر فيدل كاسترو بمثابة «اب» له، بمساندته محاولتي انقلاب عام 1992 على حكومة كارلوس اندريس بيريز الغارقة في الفساد.

واكتشف شعب فنزويلا في الرابع من فبراير (شباط) من تلك السنة وجهه الغليظ الملامح، حين ظهر على شاشات التلفزيون لاعلان تسلمه.

ثم فشلت محاولة انقلابية ثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) فيما كان شافيز قابعا في السجن، وقد اطلق سراحه بعد سنتين تحت ضغط شعبي. انشأ الحركة من اجل الجمهورية الخامسة، وفاز في الانتخابات الرئاسية في ديسمبر (كانون الأول) 1998، محققا نتيجة غير مسبوقة بلغت 56% من الاصوات. وفاز بعد ذلك في كل الانتخابات الوطنية بفارق مريح.

وفي السنة التالية نظم استفتاء شعبيا اقر تعديلا دستوريا واصبح اسم البلاد بموجبه «جمهورية فنزويلا البوليفارية». ونجح تشافيز في وضع حد لأربعين عاما من نظام يحكمه حزبان وتهيمن عليه المصالح النفطية.

وقد ابعد عن السلطة في انقلاب نظمه اصحاب العمل في ابريل (نيسان) 2002 غير انه عاد الى سدة الرئاسة، بعد يومين وسط مظاهرات شعبية عارمة، وتمكن من التغلب على اضراب عام ضخم بدأ في ديسمبر، واستمر ستين يوما.

وتجدد هذا التأييد الشعبي لتشافيز عام 2004 في استفتاء على اقالته برفض 60% من المواطنين، ما اعتبر هزيمة مؤلمة للمعارضة. ويحظى تشافيز بتأييد الاحياء الفقيرة بفضل اقامته شبكة من المراكز الاجتماعية المعروفة بـ«البعثات» يمولها من العائدات النفطية، في مقابل النخب التي تكن له عداء شديدا، وقد نشر المقربين منه في كل مفاصل الدولة، وادخل المزيد من الراديكالية الى نظامه، داعيا الى اعتماد «اشتراكية خاصة بالقرن الواحد والعشرين». وعلى الصعيد الخارجي، عزز روابطه بدول «محور الشر» المعادية لواشنطن بحسب تعبير الرئيس الأميركي جورج بوش.

وعلى الرغم من ان تشافيز ينفي سعيه «لإقامة ديكتاتورية»، الا أنه حذر المعارضة من انها لن تعود «ابدا الى السلطة» فيما لا يتصور ان يتخلى هو نفسه عن الرئاسة قبل 2021 على اقل تقدير، في الذكرى المئوية الثانية لآخر المعارك الكبرى ضد العرش الاسباني في فنزويلا.