محكمة الجزاء الدولية تطلب من مجلس الأمن اعتقال وزير سوداني

الوزير متهم بـ50 جريمة حرب في دارفور.. زعيم قبيلة عربية في الاقليم السوداني يلتقي بفصائل التمرد للمرة الأولى

TT

دعا مدعي عام محكمة الجزاء الدولية لويز مورينو أوكامبو أمس مجلس الأمن الى مطالبة السودان بالتعاون فورا لاعتقال سودانيين اثنين متهمين بارتكاب جرائم حرب في دارفور. وقال مورينو في تقرير الى مجلس الأمن إن «الحكومة السودانية لم تعد تتعاون مع محكمة الجزاء في خرق لالتزاماتها بموجب القرار 1593 (الصادر في مارس 2005) ويدعو مكتب المدعي مجلس الأمن الدولي الى التحرك لوضع حد لهذه التجاوزات». وبموجب القرار يفترض أن تعتقل الخرطوم وتسلم الى المحكمة سودانيين هما وزير الدولة السوداني للشؤون الإنسانية احمد هارون، وزعيم ميليشيا الجنجويد علي كشيب.

وفي بيانه أمام مجلس الأمن الذي عقد اجتماعا رسميا، انتقد المدعي العام مورينو حكومة عمر البشير لعدم استجابتها لمذكرة الاعتقال. وأبلغ المدعي العام مجلس الأمن بأن المحكمة الجنائية الدولية قد وجهت مذكرة لاعتقال أحمد هارون بتهمة ارتكاب 50 جريمة من الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وطالب مجلس الأمن بممارسة كل الضغوط على الحكومة السودانية من أجل اعتقاله وقال «إن بقاء هارون في موقعه هو تهديد مباشر لملايين من الضحايا ولعمال الإغاثة الإنسانية ولقوات حفظ السلام التي تسعى الى حمايتهم».

ومضى يقول «إن الحل الوحيد والواقعي اليوم يتمثل في اعتقال هارون وإزاحته من موقعه» في الحكومة السودانية، وشدد على أهمية وضرورة أن تتعاون الحكومة السودانية مع مكتب المدعي العام لاعتقال هارون وعلي كشيب. وبدورها جددت الحكومة السودانية معارضتها لاعتقال أي واحد من مواطنيها. وأفاد السفير السوداني لدى الأمم المتحدة عبد الحليم عبد المحمود قائلا «نؤكد أننا لن نسلم مواطنينا، ونحن لسنا أعضاء في نظام روما الأساسي (المحكمة الجنائية الدولية)، والقضاء السوداني هو الكفيل للتعامل مع من تتوجه إليه التهمة ولا نحتاج إلى من يأتي من وراء البحار».

وانتقد السفير السوداني المدعي العام بشدة واتهمه بإفساد خارطة الطريق لحل أزمة دارفور بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وأوضح أن المدعي العام قدم بلاغا كاذبا وليس لديه أي دليل يستند اليه. وتحولت الجلسة التي قدم بها المدعي العام بيانه الى تظاهرة سياسية ناشد فيها أعضاء مجلس الأمن الحكومة السودانية التعاون مع مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية.

الى ذلك أجرى احد زعماء القبائل العربية في دارفور موسى هلال لقاء مع قيادات الفصائل الموجودة في عاصمة حكومة جنوب السودان جوبا بترتيب من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ورعاية الحركة الشعبية لتوحيد كل مكونات الإقليم قبل الدخول في مفاوضات بينها والحكومة السودانية. وصف اللقاء بأنه الأول من نوعه بين زعامات القبائل العربية والفصائل المسلحة منذ اندلاع الصراع في الإقليم اوائل العام 2003 . وهلال في القائمة الأميركية للإرهاب بتهمة تزعم مليشيا الجنجويد.

ورحبت حركة تحرير السودان الموحدة بلقاء موسى هلال باعتباره احد ابناء دارفور ومكوناتها الاجتماعية الرئيسية، وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» ان هلال اجرى لقاء مهماً مع القيادي في حركة التحرير احمد عبد الشافي الذي يتحدر من أصول الفور. واضاف ان اللقاء يكسر حاجز التوجس والاتهامات بين القبائل في الاقليم، ويعد دعوة مصالحة بين مكونات الاقليم.

من جهة ثانية انتقدت بريطانيا المجتمع الدولي أمس لعدم اتخاذه اجراء بشأن دارفور. وقالت ان فرص اقرار السلام في هذه المنطقة من غرب السودان ستبقى محدودة ما لم توجد ارادة سياسية قوية. وقال مارك مالوتش براون وزير شؤون افريقيا ان بريطانيا تشارك بقوة في محاولة انهاء الصراع الذي يقول خبراء انه قتل مئات الألوف وشرد 2.5 مليون شخص لكنه شكا من أن دولا أخرى لا تبدي التزاما كافيا. وعن اقتراح الأمم المتحدة ارسال قوة مشتركة منها ومن الاتحاد الأفريقي قوامها 26 ألف جندي لتحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي التي فشلت حتى الآن في انهاء العنف في دارفور قال مالوتش براون «يتعين ان نعمل على انجاح هذه الخطة». وابلغ هيئة الاذاعة البريطانية «بي.بي.سي»: «إنها الخطة الصحيحة، انها فقط تحتاج لارادة سياسية قوية لانجاحها».

وأضاف «ونحن نشعر اننا منفردون في هذا الأمر. نحن مشاركون بقوة لكننا لا نرى التزاما مماثلا من جميع الحكومات بهذا الخصوص». وفي يوليو (تموز) اقر مجلس الامن الدولي ارسال قوة مشتركة من الامم المتحدة والاتحاد الأفريقي تضم ما يصل الى 19555 من العسكريين و6432 من أفراد الشرطة الدولية. وتعهدت بريطانيا وفرنسا في أغسطس (آب) الماضي بالعمل على نشر القوة بحلول نهاية هذا العام. لكن مسؤول عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة جان ماري جينو أثار الشكوك حول عملية نشر هذه القوة بسبب تقييد السودان لحركتها ورفضه استقبال قوات غير افريقية. ولم توفر الدول الغربية كذلك طائرات هليكوبتر مقاتلة أو للنقل.