قضية ألماني من أصل تركي يعتبرها المحامون دليلا على تحامل المحاكم العسكرية

سجن في غوانتانامو رغم وجود أدلة على براءته وإعلان الاستخبارات أنه ليس إرهابياً

TT

بعد أشهر قليلة من اعتقال الجيش الاميركي لرجل ألماني في باكستان ونقله إلى سجن غوانتانامو عام 2002، توصل المحققون الاميركيون إلى ان المعتقل ليس إرهابيا. وكتب ضابط استخبارات ألماني في ذلك العام مذكرة جاء فيها: «الولايات المتحدة تعتبر مراد كورناز بريئا وتعتزم إطلاق سراحه خلال فترة تتراوح بين ستة إلى ثمانية أسابيع». إلا سلطات معتقل غوانتانامو ظلت تماطل في اطلاق سراح الطالب كورناز، 19 عاما، بل ان محكمتين مسؤولتان عن تحديد من تنطبق عليهم معايير «المقاتلين الأعداء» أعلنتا ان كورناز حليف خطير لتنظيم «القاعدة» وينبغي ان يبقى في السجن.

التباين بين قرارات المحكمة وإجماع عناصر الاستخبارات الاميركية على براءة كورناز، جاءا مفصلين في وثائق قضائية وعسكرية جديدة بشأن مصيره. وقال محاموه الذين يسعون إلى الحصول على موافقة وزارة الدفاع (البنتاغون) على الاطلاع على هذه الوثائق، انها تعكس السياسات التي أدت إلى إساءة معاملة الأجانب المعتقلين على مدى سنوات في معتقل غوانتانامو الذي أثار جدلا واسعا.

وقال محامو كورناز ومعتقلين اخرين قبل انعقاد جلسة المحكمة العليا امس لسماع مرافعات حول معتقلي غوانتانامو آخرين، إنهم ينوون التركيز على ان بعض الإجراءات المتبعة تنتهك الدستور الاميركي والقانون الدولي، وقالوا أيضا ان الإجراءات المتبعة في المحاكمات لم توفر لمعتقلي غوانتانامو جلسات تحقيق قضائي منصفة. وتقول إدارة بوش انه ليس من الضرورة ان يعرف المعتقلون كل الأدلة المقدمة ضدهم. وكانت هذه المحاكمات قد شكلت عام 2004 بعد قرار للمحكمة العليا جاء فيه ان هناك حاجة إلى هذه المحاكم عندما يكون هناك معتقلون لأجل غير مسمى، كما ان الكونغرس صادق عليها عام 2005. وكانت جويس هينز غرين، التي اطلعت على سجل قرارات المحكمة بشأن كورناز عام 2004، توصلت في يناير (كانون الثاني) 2005 إلى ان الطريقة التي جرى التعامل بها مع كورناز تعكس دليلا قويا على التحامل ضد المعتقلين. كما اعتبرت ان الإجراءات غير قانونية بموجب القانونين الاميركي والدولي. إلا ان قرار القاضية جويس غرين يعكس أيضا ان أعضاء المحكمة اعتمدوا بصورة أساسية على مذكرة صادرة عن جنرال اميركي أشار فيها إلى ان كورناز كان يصلي خلال ترديد السلام الجمهوري الاميركي في غوانتانامو وأبدى رغبة غير عادية في معرفة عمليات نقل المعتقلين وجدول نوبات حراس السجن. وأوضحت وثائق أخرى ان مسؤولي استخبارات اميركيين توصلوا في وقت سابق إلى ان كورناز، الذي توجه إلى أفغانستان بعد وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 بغرض زيارة مواقع دينية، قد اختار وقتا خاطئا للزيارة. ويقول باهر عزمي، الأستاذ في كلية سيتون هول للقانون ومحامي كورناز، ان الإجراءات التي اتخذت في قضية كورناز «خاطئة تماما». وأضاف انها تعكس بوضوح انهم أخطأوا في القبض عليه ويدركون ذلك. وأضاف عزمي ان ملف كورناز يوضح ان لا علاقة له بالإرهاب وان اللجنة العسكرية المكلفة النظر في القضية لفقت الأدلة المقدمة ضده لتبرير مزاعمها بأن الإرهابيين الحقيقيين فقط يخضعون للحبس في غوانتانامو. ورفض الكوماندور جيفيري غوردون، المتحدث باسم البنتاغون، التعليق على ما إذا كان العسكريون قد أخطأوا في سجن كورناز، كما رفض مناقشة مسألة نشر السجلات الجديدة الخاصة بهذه القضية، مؤكدا ان قدرا كبيرا من المعلومات حول كورناز لا تزال سرية. وفي بيان مكتوب، قال غوردون ان إصرار العسكريين فيما يتعلق بمعتقلي غوانتانامو «ضرورة فرضتها مجموعة من العوامل». كما أوضح أيضا ان القرارات ذات الصلة تتخذ بصورة رئيسية بناء على المعلومات المتوفرة لدى البنتاغون. ومن الجدير لذكره، ان كورناز ولد في تركيا وعاش كل حياته تقريبا في ألمانيا. وسافر إلى باكستان في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2001 لزيارة مواقع دينية كانت لها صلة في وقت سابق بجماعة دينية، قال مسؤولون عسكريون اميركيون انها تروج للفكر الجهادي، وانها كانت تستخدم كغطاء بواسطة عناصر في حركة طالبان وتنظيم «القاعدة».

وكان افراد في الشرطة الباكستانية قد اقتادوا كورناز من على متن حافلة في ديسمبر 2001 وسلموه للقوات الاميركية التي نقلته بعد أربعة أسابيع إلى غوانتانامو ضمن أول مجموعات من المعتقلين هناك. وأوردت «واشنطن بوست» تقريرا في مارس (آذار) 2005 حول قرار القاضية جويس غرين بعد ان كشف بعض مسؤولي المحكمة عن أجزاء منه دون قصد. وأطلق سراح كورناز من غوانتانامو في أغسطس (آب) 2006 بعد أشهر من إبلاغ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، التي انتخبت قبل بضعة شهور في ذلك الوقت، الرئيس بوش في لقاء خاص بينهما بأن إطلاق سراح كورناز يعتبر واحدا من أهم أولوياتها.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»